إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، أمس الثلاثاء، انسحاب الولايات المتحدة، من الاتفاق النووي الموقع مع إيران، في العام 2015، فجر تساؤلات القلق، داخل الدوائر السياسية العالمية: هل ستتغير قواعد اللعبة فى الشرق الأوسط؟ وما هي السيناريوهات المحتملة على ساحة المواجهة بين واشنطن وطهران؟ وهل يمكن أن تنقلب التوازنات الحرجة بين الأطراف المتصارعة خاصة بين إسرائيل وإيران؟ وهل تنزلق الاحتمالات القائمة إلى مواجهات عسكرية تهدد الأمن والاستقرار في المنطقة؟ ولا يستبعد خبراء سياسيون وعسكريون، تطورات كثيرة متداخلة، تجعل ما قبل يوم الثلاثاء 8 مايو/ آيار، مختلفا عما قبله ؟!!
ورغم المواقف الدولية التي أعربت عن استيائها الشديد من قرار الرئيس الأمريكي، الانسحاب من الاتفاق المبرم بين إيران والدول الست (الصين وروسيا وأمريكا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا) فى 2015 بمدينة لوزان السويسرية، ويهدف إلى التوصل لتسوية شاملة تضمن الطابع السلمي للبرنامج النووي الإيرانى، و إلغاء جميع العقوبات علي طهران بشكل تام .. فإن السيناريوهات القائمة، والتي حذر منها وزير الخارجية الفرنسي، جون إيف لودريان، اليوم الأربعاء، قائلا: «هناك خطر حقيقي من مواجهة في المنطقة بعد قرار ترامب الأخير».. تلك السيناريوهات تناولت التوقعات القائمة:
- قد يمتد التصعيد الإيرانى إلى الانسحاب النهائى من اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية، والأخذ بخيار كوريا الشمالية، أى الاتجاه إلى إنتاج السلاح النووى وفرض إيران قوة نووية بالأمر الواقع، كما هو حال إسرائيل والهند وباكستان، وهو الخيار الذى ليس له غير معنى واحد وهو اتجاه الشرق الأوسط إلى خيار «الخطر والتصعيد النووي» وما يمكن أن يقود إليه من انفجار غير محسوب للأحداث، بحسب تحليل خبير الدراسات السياسية والاستراتيجية، د. محمد السعيد إدريس.
كان الرئيس الإيراني حسن روحاني، أكد أن إيران لن تنسحب من الاتفاق النووي، وستعيد تخصيب اليورانيوم – بشكل أكبر- حال فشل المفاوضات.
- عدم اكتفاء إسرائيل برسائل التحذير والتهديد، خاصة مع الضغوط التى يتعرض لها نيتانياهو والمتعلقة بتذكيره بأن مناحم بيجين ضرب المفاعل النووى العراقي، وأن إيهود أولمرت ضرب المفاعل النووى السورى فى مهده، ومن ثم فإن على رئيس الوزراء الحالى حسم موقفه من المشروع النووى الإيراني، وهو ما قد يدفع إلى القيام بعمل عسكرى منفرد بدعم أمريكى يستهدف المنشآت الإيرانية سواء فى بوشهر أو أصفهان، إضافة إلى منشأة «بوردو» التى أكدت إسرائيل أن إيران تقوم بعمليات التخصيب داخلها.. وقد تستمر إسرائيل فى توجيه ضربات عسكرية إلى أهداف إيرانية فى سوريا، أو ربما التوسع ناحية لبنان كميدان بديل عن المواجهة المباشرة مع طهران، وما قد ينتج عنها من تداعيات إقليمية.
كان الجيش الإسرائيلى، أعلن استدعاء جنود الاحتياط فى الجولان، وتفعيل المنظومات الدفاعية، ضمن الاستعدادات «القصوى»، عقب إعلان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووى الإيرانى.
- التأثير السلبى للانسحاب الأمريكى من الاتفاق الإيرانى على مجريات قمة ترامب مع نظيره الكورى الشمالى كيم جونج أون.. ويرى ترامب وبطانته أن التجربة الإيرانية ستكون تمهيدا إلى اتفاق محكم وحاسم وناجح، عن حق، فيما يخص البرنامج الكورى الشمالي.
- اعتزام أمريكى إلى العمل على أن يكون البرنامج النووى «مسمارا» ضمن خطة أكبر بالنسبة لإيران، فهناك ربط لمسألة الاتفاق النووى بمشروع تغيير النظام فى إيران، وربط «فرودى جولياني»، عمدة نيويورك السابق والمنضم حديثا إلى فريق ترامب القضائي، بين الانسحاب من الاتفاق النووى وبين توجهات واشنطن لتغيير النظام فى طهران، مما يعنى الاقتراب من خطة «ربيع» إيران على غرار ربيع الشرق الأوسط.. ومن جانبه قال مستشار الأمن القومى الأمريكي، جون بولتون، إن إدارة ترامب ملتزمة بإعادة فرض العقوبات الاقتصادية على إيران و«بالتشجيع على تغيير النظام» هناك.
أي أن «نسف» الاتفاق من الأساس، جاء ضمن شبكة معقدة من القضايا التى تستهدف الإمساك بخناق إيران حتى إزهاق النظام الحاكم هناك.
- التأثير السلبي على منظمة الأمم المتحدة ودورها، فالاتفاق النووي الإيراني تمت الموافقة عليه في مجلس الأمن، ومع ذلك لم يلتزم به الرئيس الأمريكي، مما يمثل تهديدا للأمن الدولي، وإضافة خطيرة إلى تعقيدات الموقف الموجودة فى المنطقة، كما أنه إضافة للقرارات الأمريكية الخاطئة الخاصة بمنطقة الشرق الاوسط التى تبنى على حسابات لا تتلائم مع فكرة إيجاد سلام واستقرار المنطقة.. ويرى السفير محمد العرابي وزير الخارجية المصري السابق، إن قرار الرئيس الأمريكين اعطى الضوء الأخضر لإسرائيل لتكون أكثر تشددا مع إيران ، وحيث أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أنه لن يسمح بالوجود الإيراني فى سوريا، وسيلجأ إلى عمليات تصعيدية غير محسوبة.
- نحن إذن أمام حدث شديد الأهمية، سوف يفرض تداعياته بقوة.. وما ستؤل إليه تداعيات القرار على المنطقة برمتها وسلوك طهران الإقليمى.
