سيناريو الانتخابات اللبنانية.. التأجيل أو الإلغاء
تخيم على المشهد اللبناني، حالة من عدم التفاؤل بإجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها المقرر في شهر مايو المقبل.
وتشير الدوائر السياسية في بيروت إلى «نوايا» مبيّتة من بعض الأطراف والقوى السياسية، تسعى لتأجيل الانتخابات، وأن هناك سيناريو في مرحلة الإعداد يهدف إلى تعطيل الانتخابات.
وحددت المصادر اللبنانية، الطرفين الأساسيين اللذين يسعيان لتأجيل الانتخابات، وهما «التيار الوطني الحر» وحليفه «حزب الله»، لسبب رئيسي وهو الخشية الكبيرة من خسارة التيار للاكثرية النيابية المسيحية، استنادا لاستطلاعات الرأي الاستباقية وتوجهات الناخبين.
وأشارت مصادر سياسية، بحسب صحيفة اللواء اللبنانية، إلى أن تواتر الكلام عن احتمال تأجيل الانتخابات النيابية المقبلة، يستند إلى رغبات ونوايا حقيقية لأكثر من طرف سياسي، يخشى من خسارة محتملة فيها، جراء تراجع التأييد الشعبي لسياساته، وتبدل التحالفات الانتخابية في أكثر من دائرة، ولكن لم يجرؤ أي من هذه الاطراف على البوح علنا بهذه الرغبة، تجنبا لزيادة النقمة الشعبية العارمة ضده، والخشية من المساءلة الدولية او فرض عقوبات عليه.
وقالت المصادر، إن رغبات ومواقف الأطراف السياسيين الراغبين بتأجيل الانتخابات النيابية الموعودة، ما تزال تفتقد وسائل وآليات التأجيل المطلوبة، الا ان وجود ثغرات عديدة في التحضير للانتخابات، من شأنها التأثير سلبا وتفتح الباب واسعا أمام التذرع بها لعرقلتها وتأجيلها، وأعطت مثالا على عدم قيام مجلس الوزراء، بتجديد مهمه هيئة الاشراف على الانتخابات التي انتهت مهمتها قانونيا، بعد انتهاء الانتخابات السابقة، وغياب اربعة اعضاء منها عن الاجتماعات الدورية باستمرار، لانتدابهم بمهمات اخرى اومغادرتهم للعمل خارج لبنان.
في حين كان يفترض أن تعقد الهيئة أولى اجتماعاتها في العاشر من الشهر الماضي للمباشرة بمهماتها، وابلاغ وسائل الإعلام بضوابط وموجبات قانون الانتخابات، لتلافي المساءلة القانونية وغيرها.
طريق صعب
ويبدو من الأجواء السياسية والمالية المعقدة والمحمّلة بكل أثقال الأزمات المتعددة التي تعصف بلبنان منذ 17 أكتوبر عام 2019 بأن الطريق إلى الانتخابات في الربيع المقبل لن تكون سهلة، وتدعو إلى التفاؤل بإمكانية انتخاب مجلس نيابي جديد يحقق آمال أكثرية الشعب بالتغيير، بحسب تقدير الخبير الاستراتيجي اللبناني العميد الركن نزار عبد القادر، وبالتالي التخلص من الطبقة السياسية الراهنة، والشروع ببناء دولة فاعلة ونظيفة وشفافة وعادلة بدل الدولة الفاشلة التي خلفها الانقسام والتشرذم والفساد وسوء استعمال السلطة وتغييب الدستور والقانون.
حسابات الربح والخسارة
ويرى الخبير الاستراتيجي، أنه رغم تأكيد المسؤولين وعلى رأسهم رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزير الداخلية بأن الانتخابات ستجري في مواعيدها، وهم يدعون المواطنين في الداخل وفي بلاد الاغتراب ليكونوا على استعداد للادلاء بأصواتهم، ولكن دعواتهم لم تنجح بعد من تبديد الهواجس من حصول تطور مفاجئ يعطل إجراء الانتخابات من خلال تأجيلها على غرار ما سبق ان حصل في السابق أو من خلال انفجار أمني، يحدث نتيجة حسابات الربح والخسارة التي تجريها بعض القوى السياسية، والتي يمكن ان تحدث تبديلاً في موازين القوى الداخلية، والتي هي الآن لصالح حزب الله وحليفه التيار الوطني الحر.
تأجيل الانتخابات أو إلغاؤها
ويضيف: في رأينا ستحمل الأيام والأسابيع المقبلة المزيد من المؤشرات والمعلومات حول المساعي والمقاربات التي يجري إعدادها من قبل حزب الله والتيار الوطني الحر وبما يفتح الباب لطرح كل السيناريوهات التي يمكن اعتمادها لتأجيل الانتخابات أو الغائها وبالتالي التمديد للمجلس الحالي لفترة سنتين على الأقل، وبما يتيح الوقت اللازم لهما لترميم وضعيتهما ورص الصفوف الطائفية والمذهبية لاستعادة ما خسراه من قاعدتهما الشعبية والانتخابية.
شكوك
ومن زاوية أخرى، يرى المحلل السياسي اللبناني، حسين زلغوط، أنه مع قرع أجراس الانتخابات من كل حدب وصوب، وانطلاق عجلة التحضيرات لهذا الاستحقاق على النحو الذي هي عليه اليوم كل ذلك يُؤكّد بأنه لن يكون هناك أي صوت يعلو فوق صوت الانتخابات التي ستكون هذه المرة بالنسبة للكثيرين معركة وجود، مع أن البعض من هؤلاء ورغم التحضيرات العالية التي تتولاها ماكيناتهم الانتخابية ما زالوا يشككون بإمكانية حصول هذه الانتخابات، لأنه في اعتقادهم ما تزال هناك عوامل في الداخل والخارج يُمكن أن تؤدي الى تعطيل الانتخابات، وهذا إن حصل سيكون ثمنه مكلفاً بالنسبة للبنان، لا سيما وأن المجتمع الدولي لا يمكن ان يقدم أي «فلس» للبنان في حال لم يحترم لبنان الموعد الدستوري المتعلق بالانتخابات.
تعقيدات المشهد الداخلي
وفي الوقت الذي تؤكد فيه مصادر متابعة أن كل الفرقاء السياسيين بدأوا يعدون العدة لخوض غمار الانتخابات المقبلة آخذين بعين الاعتبار عدم وجود الحماسة الشعبية المعهودة في مثل هكذا استحقاق، فإنها تلفت النظر إلى أن تعقيدات المشهد الداخلي في ضوء ما نراه ونسمعه من مواقف يومية مرشحة للازدياد كلما اقترب موعد الاستحقاق الانتخابي، وهذا الأمر يعكس دلالات خطيرة حول ما يُمكن ان تكون عليه الساحة الداخلية في الايام القادمة، لا سيما وأن الاحتدام السياسي الحاصل والذي ارتفع منسوبه في اليومين الماضيين، يترافق مع مشهد إقليمي ودولي غير واضح المعالم.