ما يقرب من 30 عاما، يمثل عمر استثمارات الولايات المتحدة بقطاع الطاقة في إقليم كردستان – العراق، وهو ما يبرر دعم واشنطن بناءَ كِيان مستقل بحكم الأمر الواقع في الإقليم العراقي ليكون متكأً لها في تأمين إمدادات الطاقة العالمية.
بيد أن الخلافات بين بغداد وأربيل في أعقاب قانون الإقليم لتنظيم قطاع النفط والغاز قد يقوضُ الهدف الأمريكي، حيث ترفض أربيل حكما أصدرته المحكمةُ الاتحادية العليا بضرورة تسليم الحكومة الكردية الإمدادت من الخام لبغداد.
أولوية أمريكية
وتقول كارولين روز كبيرة الباحثين في معهد نيولاينز للدراسات الاستراتيجية، في حديثها لبرنامج”مدار الغد”، إنه لا يوجد شك في أن هذه القضية تمثل أولوية للولايات المتحدة الأمريكية.
وقالت، إن عدم استقرار إنتاج النفط بسبب الحرب في أوكرانيا، ومحاولات روسيا للتأثير على سوق النفط يزيد من النزاع بين أربيل وبغداد، ما يدفع الولايات المتحدة إلى العمل على تأمين سوق النفط، وخلق حالة من الاستقرار.
وأوضحت أن الولايات المتحدة ستشجع الوصول لاتفاق بين أربيل وبغداد لتسوية النزاع وفقا للدستور.
وبحسب الخبراء تستند المحكمة على المادة 110 في الدستور العراقي، التي تنص على تحكم حكومة بغداد وحدَها بمبيعات وصادرات حقول النفط والغاز.
وفي ظل أزمة الطاقة العالمية على وقع حرب أوكرانيا، تجد واشنطن ضرورةً للوساطة بين بغداد وأربيل لاسيما أن الخلافَ يؤثر على استقرار السوق.
فالعراق هو ثاني أكبرِ منتج للنفط في أوبك بإنتاجٍ يصل لأربعة ملايين وخمسمئة ألف برميل يومياً أي ما يقارب خمسةً في المئة من الإنتاج العالمي.
الشراكة هي الحل
ويقول الكاتب والباحث السياسي، محمد زنكنة، إنه لا توجد أي مادة في الدستور العراقي تقول إن الملف النفطي في يد الحكومة الاتحادية، مشددا في الوقت نفسه على أنها مسألة سيادية تتحكم فيه الحكومة الاتحادية، لكن من حيث الآلية، على أن يدار الملف بالشراكة مع حكومات الأقاليم، والمحافظات المنتجة للنفط.
وأشار إلى أن المادة 115 من الدستور العراقي تقول إن جميع الصلاحيات التي لم ترد للحكومة الاتحادية ستكون من صلاحيات الأقاليم والحافظات النتجة للنفط، لافتا إلى أن آبار النفظ التي اكتشفت بعد عام 2005 تكون إدارتها مشتركة بين الحكومة الاتحادية والأقاليم والمحافظات المنتجة للنفط.
وأضاف في حديثه لبرنامج “مدار الغد”، أن هذه المسألة تعتمد على تفسيرات المواد القانونية وما فيها من تناقضات.
ورأى معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى أن المعضلة أمام واشنطن هي التدخل لحل الاتفاق دون الانخراط في الصراعات الداخلية في العراق، بسبب رغبة واشنطن في النأي بنفسها عن الشرق الأوسط حاليا
واقترح المعهد أن يتفق الطرفان على حل جزئي حالياً ومراجعةِ هذا الملف كلَّ عامٍ أو عامين مع إمكانية أن تلعب واشنطن دورَ الوسيط إذا طلب الطرفان ذلك.
لكن العائق الرئيسي الذي تحدث عنه باحثو المعهد هو أن إيران المعارِضَة لوجودِ حكومةٍ قويةٍ في إقليم كردستان تتمتع بنفوذ محلي في العراق يكفي لضمان عدم التوصل إلى أي اتفاق.
سيناريوهات معقّدة
ومن جانبه، يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، الدكتور إحسان الشمري، إن سيناريوهات الأزمة بين بغداد واربيل معقّدة جدا.
وأشار إلى أن أربيل لا تعترف بقرار المحكمة الاتحادية، على الرغم من أن المحكمة تمتلك الصلاحية من خلال النصوص الدستورية.
وأوضح، في حديثه لبرنامج “مدار الغد”، أن الشركات والدول تتعامل مع الدولة الاتحادية أكثر من المحافظات والإقليم، وهو ما كان سببا في انسحاب بعض الشركات النفطية من إقليم كردستان.
وأشار إلى أن انسحاب تلك الشركات كان بسبب أنها تريد الدخول في إطار المساءلة القانونية الدولية، بالإضافة إلى المسألة الداخلية وفقا للقانون.
وقال، إنها فرصة ثمينة لإقرار قانون النفط والغاز، والذي سيصب في صالح العراق.
