يقف مصعب أبو توهة (24 عاماً) في حديقة منزله في بيت لاهيا شمال قطاع غزة، متصفحاً أحد الكتب التي وصلته عبر البريد إلى القطاع الساحلي، حيث تفرض إسرائيل حصاراً مشدداً منذ عشر سنوات.
أبو توهة، تخرج من قسم اللغة الإنجليزية من الجامعة الإسلامية عام 2014، وساعدته طلاقته اللغوية على التواصل عبر الفيسبوك، مع أصدقاء، وناشطين من مختلف دول العالم، لإنشاء مكتبة في مدينة غزة يضع بداخلها ما تمكن من جمعه من كتب. لتُسهل على مُحبي القراءة من أكاديميين وكتاب ومثقفين وطلبة جامعيين الحصول عليه دون عناء السفر والأعباء المالية الباهظة والمكلفة.
وقد أطلق أبو توهة مشروعه في مايو/ أيار الماضي لانشاء أول مكتبة من نوعها في القطاع تحتوي على كتب إنجليزية تتحدق في مختلف المواضيع السياسية، والاقتصادية، والأدبية.
ويقول أبو توهة: “من خلال الفيسبوك، وعلى مدار أشهر، استطعت انشاء شبكة علاقات واسعة، مع أصدقاء، ونشطاء في مختلف دول العالم، وقمت بحثهم للتبرع بكتب أحددها مسبقاً، وكنت أستقبلها فيما بعد عبر البريد الخاضع لمراقبة إسرائيلية مشددة”.
وتمكن الشاب العشريني، حتى اللحظة، من جمع قرابة 300 كتاب في الفلسفة والتاريخ والسياسة والجغرافية والأدب والثقافة وغيرها، لأشهر المثقفين والفلاسفة في العالم، أبرزهم (أوسكار وايلد، وإدوارد سعيد، والفيلسوف نعوم تشومسكي، والفيلسوف توماس بين، والروائي الروسي ليو تولستوي، وتشارلوت برونتي، وجاين أوستن).
وكان تجميد إدخال طرود البضائع من الخارج إلى قطاع غزة عبر البريد وأنشطة التجارة الإلكترونية، في يونيو/حزيران الماضي، أبرز تحدي واجه عمل أبو توهة.
ويقول “توقفت الفكرة وشعرت للحظة بالإحباط بعد توقف البريد في يونيو 2016، وعندها طلبت من أصدقائي وقف إرسال الكتب، وبعد رفع الاحتلال الحظر وعودة البريد للعمل في ديسمبر من العام ذاته طلبت منهم مرة أخرى استئناف إرسال الكتب”.
وعن دوافع إنشاء مكتبة باللغة الإنجليزية، يرى أبو توهة أن قطاع غزة بحاجة إلى مثل تلك المكتبة، ويضيف “لم أجد هناك مكتبة خاصة باللغة الانجليزية تهتم باستقبال الطلبة الجامعيين والمثقفين، لذلك قررت أن يكون هناك مكان خاص يجمعهم”.
ويتابع “يمكن أن تكون المكتبة نادي للقراء يتجمع فيها المهتمون باللغة الإنجليزية لتنمية مهاراتهم واستعارة الكتب مقابل مبالغ رمزية ستعود بالنفع على تطوير المكتبة، علاوة على ذلك طريقة للتواصل فيما بينهم، كما أنها ستلعب دورا اجتماعيا مهم في تعزيز حلقة التواصل بين الناس”.