شكل المسيحيون والمسلمون لوحة نموذجية للتعايش والتآخي فيما بينهم، بينما يقدمون التضحيات جنبا إلى جنب في سبيل الدفاع عن فلسطين وأرضها وحقوقها وثوابتها، لتمتزج دمائهم بتراب الأرض.
برزت هذه التضحيات والمعاني واضحة من خلال الأحداث الأخيرة التي تشهدها مدينة القدس وسط الاعتداءات المتواصلة على المسجد الأقصى، مثلما ظهرت من قبل في الحرب الأخيرة على غزة، عندما فتح المسيحيون أبواب كنائسهم وأديرتهم لإيواء أشقائهم النازحين وقدموا لهم كل ما يستطيعون.
أمام باب الأسباط
لفتت الأنظار صورة نضال جان عبود الشاب المقدسي المسيحي أثناء صلاته وهو يحمل بيديه “الإنجيل”، بجانب المسلمين أمام باب الأسباط، في مواجهة مئات الجنود المدججين بالسلاح، لتلخص هذه الصورة حكاية الشعب الفلسطيني في تآخية ووحدته.
يقول نضال عبود في حديث لـ”الغد” “إننا كمسيحيون ومسلمون أصحاب قضية وطنية عادلة، نعيش في دولة واحدة وتحت راية علم واحد، ولزاماً علينا جميعاً عن ندافع عن مقدساتنا وتاريخنا وشرفنا في المدينة المقدسة”.
وأضاف عبود، أن الفلسطنيين في وحدتهم وتعايشهم يختلفون عن كل دول العالم، إذ يضربون يوما بعد يوم أمثلة رائعة في المحبة والوحدة ومواجهة الاحتلال.
استطرد عبود قائلاً “لم أفكر كثيرا عندما بدأ الاحتلال بإغلاق الأقصى والشروع في وضع بوابات إلكترونية، والتضييق على المسلمين، وجدت نفسي مندفعا بجانب أصدقائي وإخواني”.
يعتبر عبود أن المسجد الأقصى ليس للمسلمين وحدهم، وإنما للمسيحيين أيضا، “فالأقصى وجه القدس الناصع” حسب عبارته.
أما ما يطمح إليه في الفترة المقبلة، فهو أن يتوحد المسلمون والمسيحيون للوقوف معا ضد الظلم والاضطهاد الذي يتعرض له الفلسطنييون ومواصلة الوقوف في وجه اعتداءات الاحتلال بحزم وصرامة.
معاناة واحدة
يقول جورج قنواتي الصحفي والناشط المسيحي، الذي يعمل مديرا لإذاعة بيت لحم، إنه من الطبيعي أن يقف المسيحيون مع إخوانهم المسلمين ضد الاحتلال. ويضيف “نرفض بشكل قاطع أى اعتداءٍ على المسجد الأقصى أو أىٍ من المقدسات الإسلامية والمسيحية.. نحن نتعرض للاعتداءات ذاتها التي يتعرض لها إخواننا المسلمون من قتل واعتقالات ومداهمات ومنع من السفر”.
المسيح الشهيد الأول
“المسيح كان أول شهيد فلسطيني على هذه الأرض.. ومنذ ذلك التاريخ والمسيحيون يدافعون عنها ويدفعون ثمن الاحتلال الإسرائيلي الذي يبطش بالفلسطينيين دون تمييز”. ويعود قنواتي إلى المواجهات الأخرى أمام الأقصى التي جمعت المسلمين والمسيحيين موضحا أن التفريط في الأقصى اليوم، سيعقبه ضياع كنيسة القيامة غدا.
وقد بادر المسيحيون في فلسطين للتضامن الفعلي والحقيقي مع المسجد الأقصى، من خلال المشاركة بالتظاهرات والاعتصامات أمام باب الأسباط، وكافة الميادين التي تشهد مواجهات مع الاحتلال للدفاع عن المقدسات الإسلامية والمسيحية ، ورفضاً لتهويد المدينة.