شرخ في العلاقات الثنائية.. رسائل الربح والخسارة بين موسكو ودمشق

ترصد الدوائر السياسية رسائل ذات دلالات بين موسكو ودمشق، وما يتم تسريبه من معلومات بشأن «الحالة الروسية-السورية»، وما تمر به من «توتر» سوري، و«عدم ارتياح» الكرملين، وما يراه سياسيون في موسكو، بأن حماية الرئيس بشار الأسد باتت «عبئا» على روسيا.

وقد زاد من غموض التساؤلات عن العلاقة بين موسكو ودمشق ما تناوله تقرير «المجلس الروسي للشؤون الخارجية»، المقرب من الكرملين.

التقرير يلقي الضوء على ما وصفه بـ«مسعى روسي أكثر جدية لإحداث تغييرات في سوريا»، وتحدث عن «توقعات بتوصل روسيا وإيران وتركيا إلى توافق على الإطاحة بالأسد وإقرار وقف شامل للنار، مقابل تشكيل حكومة انتقالية تضم أطرافاً من النظام والمعارضة والقوى الديمقراطية».

حماية الأسد أصبحت عبئا على روسيا

وذكر التقرير أنه منذ بداية التدخل العسكري الروسي في سوريا، حرصت موسكو على تجنب الظهور كمدافع عن الأسد، وشددت على ضرورة أن يقرر الشعب السوري مصيره بنفسه، لكنه رأى أن روسيا «أصبحت أكثر جدية بشأن إجراء تغييرات في سوريا، على الأقل لأن حماية الأسد أصبحت عبئاً».

ووفقاً للتقرير، فإن «شكوكاً تتزايد لدى موسكو بأن الأسد لم يعد قادراً على قيادة البلاد وأنه يعمل لجر موسكو نحو السيناريو الأفغاني، وهو احتمال محبط للغاية بالنسبة لروسيا».

يذكر أن «المجلس الروسي للشؤون الخارجية»، يديره وزير الخارجية الأسبق إيغور إيفانوف، ويحظى بحضور مرموق وسط الأوساط البحثية والسياسية الروسية. وقبل أيام، نشر مقالة لسفير روسي سابق، انتقد فيها بقوة «حجم الفساد وأخطاء القيادة السورية»، و«انفصالها عن الواقع السياسي والعسكري»، ووصف الأسد بأنه «فاقد للشعبية وغير قادر على الإصلاح».

التخلص من الصداع السوري

يبدو أن «الصداع السوري» بدأ يثقل كاهل الكرملين حتى بات يسمح بتفلت بعض وسائل الإعلام المقربة منه في نقدها اللاذع للحليف السوري الأبرز، الرئيس بشار الأسد،  فبعد أن نشرت وسائل إعلام مرتبطة بـ «يفيجيني بريجوزين»، رجل الأعمال الروسي المقرب من الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، والمعروف باسم «طباخ بوتين»، مقالاً هاجم فيه الأسد انتقل الإعلام الروسي إلى مرحلة جديدة في وصفه الأسد  بالعبء على موسكو.

وظهور انتقادات في موسكو لسلوك دمشق المدعومة منها عسكرياً ودبلوماسياً في حرب سوريا التي دخلت عامها العاشر، لم ترِد تلك الانتقادات على لسان أي مسؤول في الكرملين أو وزارتَيْ الدفاع والخارجية، بل على ألسنة خبراء ودبلوماسيين سابقين على صلة ما بالسلطات الرسمية، بحسب تعبير الباحث والمحلل السياسي اللبناني رفيق خوري، وكالعادة، فإنّ الكرملين ينفي علاقاته بما قيل ويقال، ويكرّر دعمه لحليفه السوري، وكالعادة أيضاً راحت عواصم المنطقة والعالم تتحدث عن اختلاف في المصالح والحسابات بين الحلفاء في المرحلة الحالية.

بينما موجز ما قيل في موسكو معبّر، ويحمل رسائل واضحة، مثل مقال  السفير السابق ألكسندر اكسينيوك، وهو حالياً مستشار «المجلس الروسي للشؤون الدولية»،الذي يقدم استشارات لوزارة الخارجية، ونشر المقال في موقع المجلس، ومن ثم على موقع «نادي فالداي للحوار» الذي أسّسه الرئيس بوتين.

ويقول السفيرالروسي: «إن دمشق لا تبدو مهتمة بنهج يتمتّع بالمرونة وبُعد النظر، وهي مستمرة في الاعتماد على الحل العسكري، وان النظام يتحدث بلغة منفصلة عن الواقع ولا تتناسب مع قدراته وتوجهات حلفائه، بالإصرار على استعادة كامل الأرض السورية، وإذا استمر الأسد في رفض دستور جديد، فإنّ النظام يعرّض نفسه لخطر كبير».

ويرى الدبلوماسي الروسي السابق، ألكسندر شوفيلين، مدير«مركز أوروبا والشرق الأوسط»، الذي تموّله وزارة الخارجية الروسية، أن على الكرملين التخلّص من الصداع السوري، وأن «المشكلة تتعلّق بشخص واحد هو الأسد وحاشيته».

 تصدعات في محيط العائلة الحاكمة

ومن الملاحظ، تزامن تقرير«المجلس الروسي للشؤون الخارجية» المقرب من الكرملين، مع انفجار قضية النزاع الساخن بين الرئيس بشار الأسد،  ورامي مخلوف، أحد أبرز أقطاب الاقتصاد في سوريا، وابن خال الرئيس الأسد، فبعد الفيديو الأول الذي عبر فيه عن استيائه من عدم التزام السلطات بالعقود المبرمة بينهما مناشدا الرئيس أن تتم جدولة الضرائب التي فُرض عليه دفعها، خرج المليادير السوري «مخلوف» أمس في فيديو آخر يقول فيه إن الضغوط أصبحت غير مقبولة ووصلت لحد اعتقال موظفيه.

ويعتبر هذا الخروج النادر لأحد أكثر رجال النظام السوري نفوذا، خطوة غير مسبوقة وغير متوقعة ما يثير التساؤلات حول سياقة وأسبابه، فهل يعبر فعلا عن تصدعات في محيط العائلة الحاكمة؟!

شرخ في الحاضنة الشعبية المؤيدة للأسد

ويقول مراقبون إن الأسد يرى أن دور مخلوف، الواجهة الاقتصادية لنظامه، انتهى ويريد تحييده الآن، خاصة أنه قد يمثل خصما سياسيا له بالنظر لعلاقاته القوية مع موسكو، ويعزز من هذا الرأي أيضا أن تجرؤ مخلوف بهذا الشكل من داخل سوريا على نظام معروف بتعامله القاسي مع معارضيه، لا يمكن أن يتم دون وجود من يحميه وربما هم الروس في هذه الحالة. لكن هل يمكن أن تصل فعلا هذه الحماية إلى حد استهداف رمز النظام شخصيا؟

وكان الأستاذ الجامعي أحمد أحمد المرتبط بـ«المجمع العلوي»، قال قبل يومين، إن ظهور رامي مخلوف سيحدث «شرخاً كبيراً في الحاضنة الشعبية المؤيدة» للنظام.

المعادلة «العقدة»

ويرى محللون أنه من الصعب، وربما من الوهم، تصوّر روسيا بقيادة بوتين تتخلّى عن دورها في سوريا الذي أعادها قوة عالمية، وجعلها قوة شرق أوسطية، ولن تتخلى عن قواعدها البحرية والجوية على شواطئ «المياه الدافئة».

لكن من الصعب أيضاً تجاهل الأسباب التي قادت إلى اختلاف الحسابات بين موسكو وكل من دمشق وطهران حول التسوية السياسية، كما حول الدور التركي، ذلك أن روسيا تعترف بلسان وزير الخارجية سيرغي لافروف أنها «ليست قادرة وحدها على الدفع نحو التسوية السياسية»، وهي تعرف أن إعادة الإعمار في سوريا التي تبلغ كلفتها 400 مليار دولار بحسب الأمم المتحدة، تبقى مهمة مستحيلة من دون أمريكا وأوروبا ودول الخليج، وهذه الدول تشترط التسوية السياسية الحقيقية للمساهمة في إعادة الإعمار.

والمعادلة «العقدة»، بحسب تحليل رفيق خوري، محدّدة جداً: كل ما ربحته روسيا عسكرياً مرشح للخسارة من دون الوصول إلى تسوية سياسية.. وأي تسوية سياسية هي خسارة للنظام في نظر دمشق ومعها طهران.. وليس أمام روسيا ولو اصطدمت بحلفائها، سوى العمل على فكّ العقدة..والسؤال هو: كيف ومتى؟ والجواب لا يتوقف على حماة النظام، بل أيضاً على الغرب الأمريكي والأوروبي

وفي غضون ذلك، يبدو أن موسكو قررت البحث عن سبل للاستفادة من جهودها لإنقاذ نظام الأسد، والتي أثبتت أنها حاسمة حيال ذلك..وواجه الأسد ضغوطاً متزايدة من روسيا للخوض في محادثات السلام التي قد تنطوي على تقاسم السلطة مقابل تجديد الاعتراف الدولي، بالإضافة إلى أموال إعادة الإعمار التي يحتاجها بشدة، والتي ستكون كنزاً لروسيا.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]