شومان: موقف الأزهر «ثابت» من رفض زيارة القدس تحت الاحتلال

قال الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف، إن مستوى وعي النشء العربي والإسلامي -متمثلًا في أبنائنا وبناتنا طلاب مرحلة التعليم ما قبل الجامعي- بقضية القدس الشريف، ليس على المستوى المطلوب.

وأوضح شومان، في كلمته بمؤتمر الأزهر لنصرة القدس، “فقد شُغلت أو أُشغلت كلُّ دولة من عالمنا العربي والإسلامي عن قضية العرب والمسلمين المحورية بهمومٍ وقضايا ومشكلاتٍ داخليةٍ وأحداثٍ جِسامٍ جرَّها علينا أعداؤنا وقوى الشر المتربصة بمنطقتنا، فاختلف مستوى الإحاطة والإدراك والمعرفة بهذه القضية لدى الأجيال الناشئة عن إحاطة وإدراك ومعرفة جيلنا والأجيال التي سبقتنا”.

وأضاف وكيل الأزهر، “عايشنا ومنا مَن شارك في بعض الحروب التي خضناها ضد الكيان الغاصب، وهو ما يصعب محو آثاره من وجداننا، أما هذا النشء فتقتصر معرفته بهذه القضية على بعض معلومات سطحية متناثرة في كتبه الدراسية ينقصها كثيرٌ من العمق والتركيز والاستقصاء، ناهيك ببعض أخبار تتناولها نشرات الأخبار بين الفَينة والأخرى سُرعان ما تطفئ جذوتَها أخبارُ الإرهاب وكوارثُه التي لا تكاد تنتهي، خاصة في منطقتنا المنكوبة هذه”.

وأشار شومان إلى أنه وجب على المؤسسات التعليمية في وطننا العربي والإسلامي تداركُ هذا التقصير سريعًا، قبل أن تختلط الأمور في عقول الناشئة، خاصةً في ظل حملةٍ لا هَوادةَ فيها لتزييف تاريخ تلك المدينة المقدسة وطمسِ هُويتِه.

وتابع، قائلا “حتى لا يكونَ هذا الكلامُ مجردَ تنظير أو توصية، فقد شَرَعَ الأزهر الشريف في اتخاذ خطوات عملية في هذا الصدد، في مبادرة لعلها تجد مَن يحذو حذوها؛ حيث اعتمد الأزهر مقررًا دراسيًّا يدرس بدايةً من المرحلتين الإعدادية والثانوية في التعليم ما قبل الجامعي وصولًا إلى مرحلة التعليم الجامعي”.

وتابع “لا شك أن هذا المقرر سيؤتي ثمارَه المرجوة بمشيئة الله تعالى، خاصةً إذا عُرف أن مجموع الطلاب المستهدفين سنويًّا يزيد على مليوني طالب، وأن هذا المقرر سيُعنى بالتأصيل التاريخي لفلسطين العربية، وبيانِ المكانةِ الدينية للقدس الشريف، والتأصيلِ التاريخي للصراع العربي الإسرائيلي، وكذا الاعتداءاتِ والانتهاكاتِ التي مورست بحق البشر والمقدسات، وصولًا إلى ذاك القرار المجحف الذي أصدره الرئيس الأمريكي ترامب في تحدٍّ سافرٍ واستفزازٍ قَميءٍ لمشاعر قرابة ملياري مسلم حول العالم، فضلًا عن الإخوة المسيحيين”.

وقال: لا شك أن تأجيجَ الغضب في صدور العرب والمسلمين بمثل تلك التصرفات الهوجاء لترامب وأمثاله من المتغطرسين سيُعجِّل بهذا اليوم حتمًا، فما من عربي ولا مسلم ولا حتى مسيحي إلا وقد نشطت ذاكرتُه بفعل هذا القرار، وسيطرت هذه القضيةُ على فكره، وأشعلت جَذوةَ الغضب في صدره، وهنا نتمثل بقول القائل: (رُبَّ ضارةٍ نافعة)، فقرار ترامب ومن حذا حذوه ممن خانوا الضمير العالمي وخالفوا النواميس الإنسانية، يبعث الأملَ من جديد في جمعِ الأمة بعد تفرقها، وعزِّها بعد هوانها على أعدائها، وحسبُ هذا القرارِ الأرعن أنه أحيا قضيةَ القدس في الأذهان، وجعلها تتصدر اهتمام الرأي العام العربي والإسلامي بل العالمي، وهي خدمةٌ عظيمة لو عَلِمَها ترامب ما أصدر قراره الذي لا يساوي المداد الذي كُتب به!

شومان ألمح إلى أن ارتباطَ وجدانِ المسلمين والمسيحيين حول العالم بالقدس الشريف وما تضمه من مقدسات هو ارتباطٌ وثيقٌ لا يمكن التشكيكُ فيه، فهو شأنٌ عَقَديٌّ رُوحيٌّ تاريخيٌّ حضاريٌّ إنسانيٌّ بامتياز، لكن قضية زيارة القدس الشريف ستبقى محل نقاش وموضع اختلاف على الصعيد الإسلامي والمسيحي على حد سواء، وقال “لا بد من الإشارة إلى ثلاثة أمور حتى تُفهم تلك القضية فهمًا صحيحًا:

الأول: أنه لا خلاف على عدم جواز التطبيع مع الكيان الصهيوني المحتل، فهو في نظر المسلمين -والمسيحيين أيضا- عدوٌ تاريخيٌّ، مغتصبٌ لأرضنا العربية، ومنتهكٌ لمقدساتنا الإسلامية والمسيحية، وقد بلغت جرائمُه بحق رجالنا ونسائنا وأطفالنا المدى.

الثاني: أن زيارةَ القدسِ والصلاةَ في المسجد الأقصى مندوبةٌ شرعًا، فالأقصى بالنسبة لنا نحن المسلمين أولى القِبلتين، وثالثُ الحرمين، وأحدُ المساجد الثلاثة التي لا تُشد الرحالُ إلا إليها، وهذا هو الحكم العام الذي لا خلاف حوله.

الثالث: أن اختلاف علماء عصرنا في ما يتعلق بزيارة القدس تحت الاحتلال راجعٌ إلى اختلافهم في تقدير المصلحة والمفسدة من هذه الزيارة، فمنهم مَن رأى الزيارة تطبيعًا مع الكيان الصهيوني؛ لكون المدينة بما فيها من مقدسات تحت سيطرة الصهاينة، وأن الزيارة ستدعم اقتصادهم من خلال ما ينفقه الزائرون وقت زيارتهم وإقامتهم، وأنها ربما تعطي مبررًا للصهاينة ومَن يقف خلفهم وفي مقدمتهم أمريكا، للقول بأن المسلمين ها هم يزورون الأقصى ويصلون فيه، وأن المسيحيين يزورون كنائسهم ويصلون فيها، ومن ثم فلا ضرر ولا مشكلة في أن يبقى وضعُ القدس كما هو وتظل القضية معلَّقة. وهذا الفريق لديه كلُّ الحق في منع الزيارة في ظل الاحتلال وفقًا لهذه المعطيات”.

وأضاف أن فريق آخر أن الزيارة إنما هي دعمٌ للفلسطينيين وتقويةُ شوكتهم وتكثيرهم، وإرسالُ رسالة للعالم بأن القدس لا تخص الفلسطينيين وحدَهم بل هي في وجدان كل مسلم ومسيحي، وهؤلاء من حقهم زيارةُ مقدساتهم. وعلى الرغم من إجازة هذا الفريق لزيارة القدس تحت الاحتلال، فإنه لا يرضى إلا أن تكون القدسُ تحت ولاية أهلها وإن طال الزمن.

واستكمل أنه قد تناولت بعضُ الهيئات والمجامع الفقهية مسألةَ زيارة القدس تحت الاحتلال في عدد من المؤتمرات، وخَلُصت إلى قرارات روَّج لها بعضُ الناس على أنها فتوى تجيز الزيارة تحت الاحتلال، ومن ذلك ما صدر عن مجمع الفقه الإسلامي الدولي -المنبثق عن منظمة التعاون الإسلامي- في دورته الثانية والعشرين التي انعقدت بدولة الكويت خلال الفترة من 22 إلى 25 مارس 2015م؛ حيث جاء في قراره: «بعد الاطلاع على البحوث المقدمة إلى المجمع بخصوص موضوع (زيارة القدس: الأهداف والأحكام الشرعية)، وبعد استماعه إلى المناقشات الموسَّعة التي دارت حوله، انتهى إلى أن الحكم الشرعي للزيارة مندوبٌ ومرغَّب فيه، ولكنَّ النقاش دار حول تحقق المصالح والمفاسد في ذلك. ويرى المجمع أن تقدير هذه المصالح يعود إلى المختصين من أولي الأمر والسياسة في بلاد المسلمين»، ويتحدث القرارُ – كما هو واضحٌ – عن أمرين:

الأول: الحكم الأصلي العام لزيارة القدس، وهو الندب الذي لا خلافَ حوله كما ذكرت آنفًا؛ لقول النبي – صلى الله عليه وسلم: «لا تُشدُّ الرِّحالُ إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى».

الثاني: حكم زيارة القدس تحت الاحتلال، وهذا هو محل الخلاف، وقد ترك القرار تقدير المصالح والمفاسد المترتبة على ذلك للمختصين من الساسة وصناع القرار في بلاد العرب والمسلمين.

وشدد على أن موقفَ الأزهر الرافض لزيارة القدس تحت الاحتلال، فلا مصلحةَ في الزيارة في ظل الوضع الراهن، حيث إن زيارةَ القدس في ظل احتلالٍ غاشم يريد القضاءَ على كل المعالم الإسلامية والمسيحية والتاريخية والحضارية بالمدينة، تترتب عليها مفاسدُ جسيمةٌ، ومضارُّ عظيمةٌ، ونتائجُ وخيمة.

وعليه، فإن الفتوى الشرعية التي بين أيدينا إلى الآن -والتي تعضدها مواقفُ علماءِ الأزهر الشريف وشيوخِه الأجلاء، وكذا الموقفُ المشرِّفُ للكنيسة المصرية- هي أن زيارةَ القدس تحت الاحتلال متوقفةٌ على تقدير المختصين ببلاد المسلمين للمصلحة في ذلك، فتكون جائزةً إذا ما غلبتِ المصلحةُ، وممنوعةً إذا ما غلبتِ المفسدة.

وأوضح “ولعل الأولى بالمسلمين اليوم أن يشدوا الرحالَ إليها لا لزيارتها تحت الاحتلال، وإنما لتحريرِها بكل وسيلةٍ ممكنة؛ فالمسلم لا يفرط في شبرٍ من أرضٍ سلبها معتدٍ أثيم، فكيف والأرضُ المغتصبةُ أرضُ الإسراءِ والمعراج، أولى القِبلتين وثالثُ الحرمين؟!”.

وأكد أن كلَّ محتلٍ مهما طال بَغيُه فمَصيرُه إلى زوال، وأن كلَّ غاصبٍ مصيرُه إلى قوةٍ تُرغمه وتُجليه عما اغتصبه من أرضٍ، وتردُّ ما زوره من تاريخ. وإنني بصفتي مسلمًا عربيًّا أومن أن النصر آتٍ لا محالة، فقد وعدنا اللهُ عز وجل بذلك في كتابه الذي لا يأتيه الباطلُ من بين يديه ولا من خلفه، ولن يخلفَ اللهُ وعدَه.

كما نؤكد أن قدسَ الأقداس ستظل عربية إسلامية، وستبقى مفتوحةً لأصحاب الرسالات السماوية كافة، ولن يتركَها المسلمون – والمسيحيون كذلك – ليتحكمَ فيها الصهاينة، وينتهكوا مقدساتِها الإسلامية والمسيحية، ويعيثوا فسادًا في أرضها، وبطشًا بأهلها.

كما أكد على أن الأزهرُ الشريف على موقفه الرافضِ للتطبيع مع الكيان الصهيوني بكل أشكاله، وأنه سيظل حائطَ صدٍّ منيعًا في وجه مَن يريد شرًّا بالإسلام ومقدساتِه بل بالإنسانيةِ وحضارتِها، ويناشد الأزهرُ الشريف الأمةَ بمجموعها أن تتسامى على تحزبِها وتفرقِها وخلافاتِها، وأن تأتمرَ بأمرِ ربِّها فتعتصمَ بحبلِ الله جميعًا، ولا تتنازعَ فتفشلَ وتذهبَ ريحُها، وسيعلم الذين ظلموا أيَّ منقلبٍ ينقلبون.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]