عاش الشاعر الكبير الراحل هارون هاشم رشيد، يحلم بالعودة، بعد سنوات من النكسة والثورة، ولكنه رحل في مغتربه بكندا فجر أمس الإثنين 27 يوليو/ تموز، عن عمر يناهز 93 عاما قضاها شيخ شعراء فلسطين، مناضلا من أجل قضايا وطنه، ومنحازًا لثقافة المقاومة، مؤمنًا بحتمية العودة والتحرير.
قصائد هارون هاشم رشيد حول حق العودة ستظل تتردد في آذاننا ونحفظها جيلاً بعد جيل.
رحيل شيح شعراء فلسطين، الشاعر الكبير هارون هاشم رشيد، خسارة للثقافة الوطنية الفلسطينية والعربية، التي فقدت رمزا من رموزها الإبداعية، سعى إلى النضال عبر القصيدة، وتصوير مأساة الشعب الفلسطيني بعد النكبة..وكان إصراره على القبض على حلم العودة، ملهماً من أجل النضال حتى «نرجع إلى حيننا»، لقد ظل هارون هاشم، يردد حتى آخر عمره أناشيد العودة..وسجل بشعره كل المناسبات الوطنية وكل ثورات الشعب الفلسطيني ومعبرا عن مسيرته كفاحا وابداعا.
وبرحيل الشاعر الكبير هارون هاشم رشيد تكون الساحة الثقافية والفلسطينية والعربية فقدت واحدًا من الأسماء الكبيرة، الذي ظل حاضرًا في قلب المشهد لأكثر من ثلاثة أرباع القرن، فهو شاعر النكبة.. وشاعر الثورة .. وشاعر العودة.. وقد نعته وزارة الثقافة الفلسطينية، والاتحاد العام للأدباء والكتاب الفلسطينيين، وعدد كبير من أدباء العربية في مشرق الوطن ومغربه مؤكدين أن رحيله سيترك فراغًا كبيرًا في المشهد الثقافي العربي، الذي يغيب عنه أحد أبرز شعراء المقاومة الفلسطينية.
تميز إبداع الشاعر الكبير الراحل بمخاطبة مشاعر ووجدان الشعب الفلسطيني.. شعره موزون وجله مبني على شكل الشطرين الموروث يعبّر فيه عن مأساة شعبه.
وأصدر قرابة عشرين ديواناً شعرياً منها : الغرباء عام 1954، وعودة الغرباء 1956، وغزة في خط النار، وحتى يعود شعبنا 1965 ، وسفينة الغضب ، 1968، ورحله العاصفة 1969 ، مفكرة عاشق 1980 ، يوميات الصمود والحزن 1983، ثورة الحجارة 1991 ، طيور الجنة 1998 ، ورسالتان، فدائيون ، مزامير الأرض والدم، الرجوع ، مفكرة عاشق، النقش في الظلام، وردة على جبين القدس، المبحرون الى يافا، وقصائد فلسطينية. .وغيرها.
واختير ما يقارب 90 قصيدة من اشعاره قدمها اعلام الغناء العربي، وقد اختار الاخوين رحباني عندما زارا القاهرة عام 1955 من أعماله «حوارية بين فتاة فلسطينية من اللاجئين واسمها ليلى وبين والدها»، بالإضافة لقصيدتين: «سنرجع يوما»، و«جسر العودة»، فغنتهما فيروز، وتم تسجيلهما بالقاهرة، كما غنى له مطربون أخرون أمثال فايدة كامل، ومحمد فوزي، وكارم محمود، ومحمد قنديل، ومحمد عبده، وطلال مداح، وآخرون
كتب أيضا اربع مسرحيات شعرية، وتم عرض بعضها علي المسرح في القاهرة، من بينها مسرحية «السؤال» من بطولة كرم مطاوع وسهير المرشدي.. وبعد حرب أكتوبر/ تشرين 1973 كتب مسرحية «سقوط بارليف»، وقٌدمت علي المسرح القومي بالقاهرة عام 1974، وكتب مسرحية «عصافير الشوك»، اضافة الى العديد من المسلسلات والسباعيات التي كتبها لاذاعة «صوت العرب» المصرية وعدد من الاذاعات العربية.
حاز اثناء مسيرته الطويله على التكريم، ونال العديد من الجوائز، منها جائزة مهرجان الشارقة للشعر العربي في عام 2014، بالتزامن مع صدور ديوانه الثلاثين «أحبك يا قدس»، والطبعة الأولى من أعماله المسرحية.. وشارك بعدد كبير من المؤتمرات الثقافية والمهرجانات الأدبية..ويقيم مع أسرته منذ سنوات في كندا..وتوفي في كندا ودفن فيها.
ولد هارون هاشم رشيد في مدينة غزة، 1927، و درس في مدارسها، وانهى دراسته الثانوية في العام 1947، وحصل على شهادة المعلمين العليا، بعد حصوله على الدبلوم العالي لتدريب المعلّمين من كليّة غزة عمل في سلك التعليم حتى عام 1954.زانتقل للعمل في المجال الاعلامي فتولي رئاسة مكتب اذاعة «صوت العرب» في غزة عام 1954 لعدة سنوات.. ومع تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية، كان مشرفا على اعلامها في قطاع غزة من عام 1965 الى 1967.
بعداحتلال القطاع عام 1967 ضايقته قوات الاحتلال الاسراييلية واجبرته في النهاية على الرحيل. فانتقل الى القاهرة وعين مديرا لمكتب منظمة التحرير فيها، ثم عمل لمدة ثلاثين عاما كمندوب دائم لفلسطين في اللجنة الدائمة للاعلام العربي واللجنة الدائمة للشؤون المالية والادارية بالجامعة العربية. اضافة الى ذلك واصل عمله الابداعي في الكتابة والصحافة والتاليف والشعر.
ويعد الشاعر الراحل من أبرز الأسماء الشعرية الفلسطينية، وعاصر شعراء مخضرمين أمثال عبد الكريم الكرمي، وابراهيم طوقان، ومطلق، وحسن البحيري، وفدوى طوقان، ومعين بسيسو، وغيرهم، واشتهر هارون بقصائده الشجية التي تغنى في كل أصقاع الغربة والمنافي والشتات الفلسطيني.
