صائب عريقات.. رحيل مقاتل المفاوضات الفذ
توفي اليوم الثلاثاء،صائب عريقات أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، متأثراً باصابته بفيروس كورونا ، وتزامنت وفاته في الذكرى السادسة عشر لوفاة رفيق دربة الرئيس ياسر عرفات.
ويعد الراحل صائب عريقات سياسي فلسطيني ارتبط اسمه بالمفاوضات مع إسرائيل وبنى شهرته عليها، فتولى مسؤولياتها الرسمية وخاض تعرجاتها السرية، ولا يكاد مشهد منها أو محطة من محطاتها تخلو من صورة له أو بصمة من بصامتها فكان مقاتلا فذا في سبيل عدالة قضيتة حتى توفاه الله.
وكان عريقات من أكثر السياسيين الفلسطنيين قرباً من الراحل ياسر عرفات، وهو المفاوض الصلب والعنيد الذي وثق به الرئيس الراحل ياسر عرفات في أشد لحظات الحصار، وهو الذي أمسك بيده على فراش الموت وقال له: ” أوصيك بالقدس أمانة في عنقك يا صائب”.
وهذه أبرز المحطات السياسية والنضالية التي عاش فصولها الراحل صائب عريقات:
المولد والنشأة:
ولد صائب محمد صالح عريقات يوم 28 أبريل/نيسان 1955 في أريحا بالضفة الغربية، وهو السادس بين سبعة أطفال من أسرة تنحدر من بلدة أبو ديس، إحدى البلدات القريبة من القدس.
تلقى تعليمه الأساسي بمدينة أريحا، ودرس العلوم السياسية في جامعة سان فرانسيسكو الحكومية وحصل على درجة الماجستير فيها عام 1979، ثم التحق بعد فترة بجامعة برادفورد البريطانية وحصل على درجة الدكتوراه في دراسات السلام عام 1983.
الحياة مفاوضات:
كتاب الحياة مفاوضات، هو كتاب أكاديمي من تأليف صائب عريقات، خصصه بالأساس لطلبة الجامعات والمهتمين بمجال المفاوضات وسيكون ريعه لطلبة جامعة النجاح الوطنية التي صدر عنها، منوهاً إلى أنه يتمنى أن يسد إصداره الجديد بعض الثغرات في مجال المفاوضات، ووضع أدوات لتحليل الصراع ومجموعة تطبيقات لتطوير مهارات التفاوض والحل وتحديد دور صناع القرار في كيفية إدارة الصراع.
وقال عريقات في تصريح صحافي: إن الكتاب مقدمة لعلم المفاوضات ويخصص للمفاوضات كعلم بذاته واستغرق مدة ثلاث سنوات لكتابته.
يقول عريقات في كتابه: ‘إن الحروب تعددت أسبابها ولكن المصالح تبقى أساس أي صراع، وأن الصراع سببه الشعور بأن مصالح الأمة في الحرية والأمن في خطر وأن الموارد مهددة.. وإذا كانت الصراعات حتمية فان المفاوضات حتمية’.
حياته السياسية:
كان عريقات أول وزير للحكم المحلي في أول حكومة تشكلها السلطة الوطنية الفلسطينية بقيادة الرئيس ياسر عرفات. كان عريقات نائباً لرئيس الوفد الفلسطيني إلى مؤتمر مدريد عام 1991 وما تلاه من مباحثات في واشنطن خلال عامي 1992 و1993، وعُيِّن رئيساً للوفد الفلسطيني المفاوض عام 1994.
وفي 1995 أضحى كبير المفاوضين الفلسطينيين، وانتخب للمجلس التشريعي الفلسطيني ممثلاً عن أريحا عام 1996. كان أحد المقربين من ياسر عرفات إبان اجتماعات كامب ديفيد عام 2000 والمفاوضات التي أعقبتها في طابا عام 2001.
عين وزيرا لشؤون المفاوضات ضمن حكومة محمود عباس عام 2003. كما عين وزير دولة لشؤون المفاوضات ضمن حكومة أحمد قريع في نفس العام وحتى عام 2005، كلف خلالها بمتابعة شؤون وزارة الإعلام.
ثم عين رئيسا لدائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية. وعضوا في مجلس الأمن القومي الفلسطيني، وأُعيد انتخابه عضوا في المجلس التشريعي الفلسطيني عن دائرة محافظة أريحا عام 2006. في عام 2009 اختير عضوا في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.
انتخب عريقات عضوا في المجلس التشريعي الفلسطيني ممثلا عن دائرة محافظة أريحا في الانتخابات العامة عام 1996. وكان أحد الموالين المقربين من عرفات إبان “قمة كامب ديفيد” عام 2000 و”المفاوضات” التي أعقبتها في طابا عام 2001.
وكانت آخر مواقفه قبل تدهور حالته الصحية مطالبته المحكمة الجنائية الدولية بفتح تحقيق في قتل “إسرائيل” إياد الحلاق، وطالب برفع الحصانة عنها فورا ومحاسبتها وتقديمها للعدالة الدولية.
وكان عريقات أعلن في بداية أكتوبر أنه يعاني من “أعراض صعبة” جراء إصابته بالڤيروس بسبب ضعف حالته الصحية الناجمة، عن “نقص مناعته نتيجة قيامه بعملية زراعة رئة”، وفي الثامن في 18 أكتوبر 2020، نقل صائب عريقات من بيته في أريحا إلى مستشفى هداسا عين كارم الإسرائيلي بعد أن ساء وضعه الصحي إثر إصابته بڤيروس كورونا.
واعلنت ابنته في 19 أكتوبر 2020، أن والدها في حالة حرجة وأنه يخضع للعلاج تحت إشراف فريق طبي دولي، بعد ساعات أعلنت زوجته أن صحته تحسنت وأصبحت مستقرة، قبل ان يلعن عن وفاة اليوم ، ليترك ارثاً نضاليا و سياسيا كبيرين في تاريح نضال الشعب الفلسطيني.