لا حلول وسط ولا خوف من الغرب، هذان المبدآن يحكمان طريقة تعامل الرئيس السوري بشار الأسد مع الغرب، كما ترى رولا خلف في مقالها المشور في صحيفة الفاينانشال تايمز.
تقول الكاتبة، إن أشخاصا ليسوا محسوبين على نظام الرئيس السوري بشار الأسد تداولوا نظرية مفادها أنه لم يكن من مصلحة النظام استخدام أسلحة كيمياوية الآن، خوفا من رد فعل الغرب، ولا بد أن المعارضة هي التي استخدمتها.
لكن هل يخشى الأسد رد فعل الغرب؟
تقول خلف، إن الأسد يتبع منطقا مختلفا، يسمح بارتكاب فظاعات حتى ولو بدت مناقضة لمصالحه.
منذ اندلاع الانتفاضة عام 2011، والتي تحولت إلى حرب أهلية، اتبع الأسد استراتيجية متماسكة، لا قبول للحلول الوسط، مهما كانت القضية بسيطة ومهما كان الضغط كبيرا.
ومع انضمام إيران وروسيا لدعمه عزز مبدأه بقناعة جديدة، مفادها أن الغضب الدولي عابر، مهما كان سلوكه الحربي فظيعا.
وتنسب خلف إلى إميل حكيم من معهد الدراسات الاستراتيجية الدولية في لندن، والذي يتابع ما يجري في سوريا منذ البداية، القول إن الخطوة التي أقدم عليها النظام في دوما بدت منطقية: المنطقة تبدو آخر حصون المعارضة المسلحة، وكانت تهدد إعادة السلام إلى العاصمة دمشق.
استخدمت وسائل عسكرية أخرى دون جدوى، وكانت جماعة “جيش الإسلام” التي تسيطر على دوما ترفض مغادرتها، وقد وافقت الجماعة على الخروج بعد الضربة، وكذلك فإن وقوف الحكومات الغربية في مواجهة الأسد على إثر الهجوم ليس خسارة كبيرة، بحسب خلف.
وترى صحيفة “نويه تسورشر تسايتونج”، السويسرية، أن التضارب بات سيد الموقف في سوريا التي أصبحت مسرحًا لحروب الوكالة لا سيما مع تباين المصالح للأطراف المعنية.
وأوضحت الصحيفة السويسرية، أن الاستراتيجية العسكرية الأمريكية المستقبلية لسوريا لا تتسم بالوضوح، فهناك تضاربات شتى.
فعلى سبيل المثال، حث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نظيره دونالد ترامب على عدم سحب الجنود الأمريكيين من سوريا.
ومع ذلك، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، سارة ساندرز، إن القوات الأمريكية في شمال سوريا، ستعود إلى الوطن في أقرب وقت ممكن.
الضربات الجوية الأمريكية والفرنسية والبريطانية، ليست المنعطف الأخير في الصراع على أرض سوريا، بحسب التقرير.
التطورات الجديدة، التي طرأت على المشهد السوري في 14 أبريل/نيسان الماضي، من قصف الجيش الأمريكي، بدعم فرنسي وبريطاني، مواقع في سوريا، عقدت الوضع في سوريا أكثر من ذي قبل.
ومضت الصحيفة تقول: “الضربات الصاروخية الأخيرة من الولايات المتحدة وحلفائها على مختبرات ومستودعات الأسلحة الكيميائية السورية، تركت تساؤلات حول ما إذا كان الولايات المتحدة والدول الغربية ستتدخل في الصراع السوري، أم لا”.
الصحيفة السويسرية، أوضحت أن النزاع السورى لا يزال معقدا، لأن هناك مصالح مختلفة لجميع الأطراف المشتركة في الصراع.
صواريخ التحالف الأخيرة لم تغير الوضع العسكري في سوريا، فكانت الهجمات الصاروخية من قبل الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة فقط، للرد المباشر على الهجوم بالغاز السام على مدينة دوما السورية.
الصحيفة نوّهت إلى تصريحات نيكي هيلي المندوبة الأمريكية، في جلسة خاصة بمجلس الأمن الدولي في نيويورك الذي ذكرت فيها أن الولايات المتحدة مستعدة لضربات أخرى في حال استخدم النظام الأسلحة الكيميائية مرة أخرى.
وبحسب التقرير، فإن حدوث تغيير حقيقي في الوضع السوري، لن يتم إلا إذا قامت الولايات المتحدة بتوسيع مشاركتها بشكل دائم في سوريا، ولكن هذا غير مرجح، خاصة بعد تصريحات ترامب الأخيرة حول الانسحاب السريع من سوريا.
واستطردت الصحيفة أن فرص الولايات المتحدة ، للتدخل في سوريا ضعيفة، لأن تنظيم داعش لم يعد يلعب دورًا رئيسيًا، في المشهد السوري، وتراجع التنظيم بشكل كبير في الآونة الأخيرة.
ومضت تقول: “أصبحت سوريا الآن مسرحاً لصراع جيوسياسي، ومن الواضح أن الولايات المتحدة هي الخاسرة، وفشلت الانتفاضة ضد الأسد، وانتصرت روسيا وإيران”.
لكن الوضع فى سوريا لا يتعلق فقط بتدهور العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا، فهناك قوى إقليمية مثل تركيا وإيران وإسرائيل والمملكة العربية السعودية، ولذلك فإن مصير سوريا سيقرر من سيحظى بالتفوق في الشرق الأوسط في المستقبل.
واختتمت قائلة: “الحرب السورية صارت حرب بالوكالة، تلعب فيها كل من روسيا والولايات المتحدة والدول المحيطة بالمنطقة أدوارا محددة”.