انفجار مرفا بيروت، لم يضرب العاصمة بيروت فقط بزلزال مدمر، وقوة تفجير تعادل عشر فنبلة هيروشيما، وفق الخبراء، ولم تتوقف تداعيات الانفجار عند الكشف عن الصدع الكبير بين السلطة والشعب اللبنانين، ولكنه كشف الفساد في ميناء بيروت الكبير، بحسب مجلة « ذي إيكونوميست» البريطانية، المعنية بشئون قطاعات المال والاقتصاد في العالم، وتشتهر بتحليلاتها وتقاريرها الاقتصادية المتخصصة.
مجلة «The Economist»، وصفت مرفا بيروت بأنه كان «مغارة علي بابا والأربعين حرامي»، في صورة سرقات ونهب ورشوات، وجاءت تداعيات الانفجار – إضافة الى الضحايا والمفقودين والجرحى والمشردين – في توصيف المجلة بمثابة الضربة القاصمة «لصيغة التعايش التي سادت الحياة السياسية في لبنان، ولنموذج اقتصادي قائم على الاهمال وعلى قطاع مصرفي متهالك يعتمد على القروض الدولية والتحويلات الاغترابية التي تصرف الحكومات منها أكثر بكثير من الواردات المحلية».
ويضيف الخبير الاقتصادي اللبناني، ذو الفقار قبيسي، إن المجلة البريطانية وصفت انجاز الحكومة السابقة، حكومة حسان دياب، بأنه «لا شيء.. باستثناء أنها رفعت سعر الخبز بمعدل الثلث على شعب نصفه تحت الفقر، وأدّت الخلافات حول أرقامها الى ان اللبنانيين باتوا يتفاوضون مع أنفسهم بدل مفاوضات مع الصندوق لم تحرز أي تقدم بعد ٢٠ اجتماعا على مدى شهور. «فيما البذخ يستمر والبلد يحترق».
والمخططات التي قدمتها الحكومة لصندوق النقد الدولي ـ بحسب الخبير الاقتصادي ـ كانت عبارة عن عناوين عريضة في عموميات، ظنا منها انها كافية كي يوافق الصندوق على تزويد لبنان بقرض الـ١٠ مليارات دولار، في حين ان الصندوق يعرف عن لبنان أكثر مما تعرف الحكومة، وبالأرقام والوقائع.
ولم يكن الصندوق يتوقع من حكومة «الاختصاصيين»، أن تشطح في مواجهتها بخطة تجاوزت كل هذه الوقائع بأوهام تنص على تحويل عجز الموازنة الى فائض بـ 1,6% وثبات نسبة الدين العام للناتج وخفض معدل التضخم من ٥٣% ٢٠٢٠ (في حين تجاوز التضخم هذا المعدل هذا العام بأكثر من تقديرات الحكومة) الى ٦% فقط! ودون أن توضح خطة الحكومة الراحلة للصندوق كيفية الوصول الى هذه النتائج سوى بزيادة مختلف أنواع الضرائب على اقتصاد يعاني ووقف الدعم وزيادة الرسوم على شعب ينازع ٧٥% من سكانه سيكونون في حاجة ماسّة الى دعم معيشتهم.
ويقول «قبيسي»،إن المهمة الشاقة أمام حكومة الوحدة الوطنية «المرتقبة»، لا سيما بعد انفجار بيروت المروع، طرح خطة عملية وواقعية وعلمية صالحة للتفاوض مع الصندوق وبمعطيات وأرقام تفصيلية تؤدي الى اصلاحات حقيقية، وأي تأخير في انجازها سيؤدي الى انهيار سريع في سعر صرف الليرة والى تضخم يزيد عن ١٠٠% وارتفاع مؤشر الأسعار بأكثر من ١٢٠% وتقلص الناتج الاجمالي ٣٠% وانكماش اقتصادي ناقص -٣٥% وبطالة تزيد عن ٥٠% وفقر يفوق ٦٠% وجوع يتجاوز ٣٠%.