صفقة القرن.. السلطة تتأهب والفصائل تدعو للوحدة استعدادًا للمواجهة
تتواصل ردود الفعل الفلسطينية الغاضبة والمنددة بنية إدارة الرئيس الأمريكي “دونالد ترمب” الإعلان عن تفاصيل وملامح خطته السياسية في منطقة الشرق الأوسط فيما يعرف بـ”صفقة القرن”، والتي يطلق عليها فلسطينياً صفقة ترامب المشؤومة.
وبغض النظر عن المواقف الدولية والعربية والفلسطينية من الصفقة الأمريكية التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية فان إدارة ترامب ماضية في طريقها بالإعلان عنها وتوفير كل مقومات الدعم السياسي والمعنوي والعسكري لإسرائيل ورئس حكومتها بنيامين نتنياهو.
التلويح بحل السلطة
وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، إن القيادة الفلسطينية، ستعقد سلسلة اجتماعات على جميع المستويات من فصائل ومنظمات وغيرها للإعلان عن الرفض القاطع لأي تنازل عن القدس.
وأكد أبو ردينة، في تصريح صحفي اليوم الأحد، أن القيادة ستدرس الخيارات كافة بما فيها مصير السلطة الوطنية، وأي قرار سيخرج سيكون مدعوما عربيا ودوليًا، في إشارة للتلويح بإمكانية حل السلطة الفلسطينية.
وحذر من تداعيات خطيرة للغاية ستحل على المنطقة بأسرها حال تم الإعلان عن تطبيق ما يسمى “صفقة القرن”، لما فيها من مساس بسيادة دول المنطقة وهويتها، واصفا المرحلة بالخطيرة.
وقال إن “صفقة القرن” لن تمر، وإن القيادة وأبناء الشعب الفلسطيني، سيُفشلون كل محاولات تصفية القضية الفلسطينية، كما أفشلت عشرات المحاولات السابقة.
وطالب أبو ردينة العالم العربي بالوقوف إلى جانب الموقف الفلسطيني المُشدد على أنه لا سلام ولا خطة ولا تفاهم ولا تفاوض دون القدس.
الرؤية الإسرائيلية
وقال عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية، كايد الغول إن الرئيس الأمريكي لن يطرح خطة للسلام في منطقة الشرق الاوسط، وإنما سوف يطرح الرؤية والقرارات الإسرائيلية، في إطار ما يسمى “صفقة القرن”، ليوهم المجتمع الدولي وكأنه يقدم رؤية للصراع العربي الإسرائيلي.
وأضاف الغول أن الصفقة المزعومة هى مجموعة القرارات الإسرائيلية التي تكرس الاستيطان، وتهويد القدس، وسياسة الضم التوسعية للأراضي الفلسطينية.
وشدد الغول في حديث للغد على ضرورة مواجهة ومقاومة هذه الصفقة التي تعمل على تصفية القضية الفلسطينية، وتؤسس لحالة من التطبيع مع الدول العربية، تحت عنوان أن هناك أساسا سياسيا يمكن من خلاله اإنهاء الصراع في المنطقة وهذا هو الهدف الجوهرى من هذه الصفقة المزعومة.
وأوضح أن صفقة ترامب تقطع الطريق بشكل كلي أمام إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس كونها تعترف بالاستيطان، وضم الأغوار وغيرها من المناطق الفلسطينية، بالإضافة إلى اعترافها من قبل بالقدس عاصمة لإسرائيل، وبالتالي لن نكون أمام دولة فلسطينية ذات سيادة تشمل (الضفة الغربية، وقطاع غزة، والقدس).
وتابع الغول: “نحن أمام محاولة أمريكية لتصفية القضية الفلسطينية وفق الرؤية الإسرائيلية، حيث تحالف اليمين المسيحي الأمريكي مع الصهيونية العالمية لفرض رؤيتها لإنهاء الصراع مع الفلسطينيين، وسوف تمارس إدارة ترامب كل أشكال الضغط على الفلسطينيين من قبل حلفائها في المنطقة من أجل إجبارها على هذا الحل”.
بدورها حذرت حركة حماس، اليوم الأحد، من نية الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الإعلان عن صفقة القرن وتبعاتها على المنطقة برمتها، كونها ستخلق حالة من الفوضى العارمة لهذا الانحياز الأمريكي للاحتلال الإسرائيلي على حساب الحقوق الوطنية الفلسطينية.
استعادة الوحدة
وقال القيادي في حركة حماس إسماعيل رضوان، إن المطلوب فلسطينيا، استعادة الوحدة بشكل عاجل والتوافق على استراتيجية وطنية فلسطينية لمواجهة صفقة القرن والتحديات التي تواجه القضية الفلسطينية”.
وأوضح رضوان، في حديث لـ“الغد” أن صفقة القرن تهدف لتصفية القضية الفلسطينية، حيث بدأت الإدارة الأمريكية بالإعلان عن القدس عاصمة للاحتلال الإسرائيلي، ثم حاولوا تصفية قضية “الأونروا” واللاجئين ثم أعلنوا عن ضم الجولان للاحتلال ثم الشق الاقتصادي في المنامة.
وشدد رضوان على ضرورة إنهاء الانقسام والتوافق على إستراتيجية وطنية لمقاومة هذه الصفقة، مضيفا: “لا دولة من دون غزة، وغزة جزء من هذا الوطن، ونؤكد على وحدة الأرض الفلسطينية ووحدة الشعب الفلسطيني ورفضنا لهذه الصفقة المشؤومة”.
واتفق كايد الغول مع رؤية رضوان حول أهمية المصالحة والوحدة في مواجهة الضففقة، مؤكداً أن الصفقة ليست قدراً على الفلسطينيين وبإمكانهم إفشالها كما أفشلوا غيرها من المخططات والمؤامرات التصفوية للقضية الوطنية الفلسطينية.
وأضاف: مواجهة الصفقة تتطلب بشكل فوري إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية على أساس برنامج سياسي يعيد فتح الصراع الشامل مع إسرائيل ويعيد تجميع عوامل القوة الفلسطينية المدعومة بعوامل قوة عربية (شعبية ورسمية) ومن خلال ذلك يمكن أن ننجح في الصمود ومواجهة الصفقة وإفشالها.
وشدد على أنه لن يكون مفهوما استمرار التعامل مع حالة الانقسام بالصيغة القائمة، والمطلوب فورا دعوة الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير لبحث توحيد الموقف ومقدرات الشعب الفلسطيني وبناء الإستراتيجية الوطنية الجامعة في مواجهة الصفقة وجميع المؤامرات والمخططات التي تستهدف القضية الوطنية.
مبادرة السلام العربية
وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات إن المطلوب من الدول العربية التمسك بمبادرة السلام العربية كأساس للحل، ورفض كل هذه الطروحات جملة وتفصيلا، مشددا على أهمية موقف دولي من الاتحاد الأوروبي ومجموعة دول عدم الانحياز ومنظمة التعاون الإسلامي وروسيا والصين في وجه المخططات الأمريكية والإسرائيلية لتصفية القضية الوطنية.
وأضاف عريقات في تصريح صحفي اليوم الأحد، أن أي حل لا يستند إلى تجسيد استقلال دولة فلسطين على حدود العام 67 بعاصمتها القدس الشرقية وحل قضايا الوضع النهائي وفق قرارات الشرعية الدولية مرفوض جملة وتفصيلا.
وأوضح أن القيادة ستتابع مع مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، ومجلس حقوق الإنسان ومحكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية كل على حدة لتحمل مسؤولياتهم تجاه من يريد تدمير القانون الدولي والشرعية الدولية، واصفاً ما يتم طرحه احتيالا وابتزازا لحقوقنا ووجودنا على وطننا.
وقال إن جهود الرئيس واتصالاته الأخيرة مع رؤساء الدول ستجعل من العالم كتلة واحدة في وجه المخططات التصفوية، موضحا أن العالم لن يتساوق مع مثل هذه الطروحات التي تتناقض مع الشرعيات الدولية.
وجدد عريقات تأكيده على أن المشروع الوطني الفلسطيني أكبر من أن تهزه أو تدمره مثل هذه الصفقات لأن قضية فلسطين هي أساس الأمن والاستقرار الإقليمي لا بل الدولي، لافتًا إلى أن ما يجري الآن هو العودة بنا إلى وعد بلفور بوطن قومي لليهود في فلسطين والحفاظ على الحقوق المدنية والدينية للأقليات غير اليهودية، وهذا ما لن يحدث، فخيارنا هو أن نبقى ونصمد على أرضنا.
خطوات لمواجهة الصفقة
ودعا عضو المكتب السياسي لحزب الشعب، وليد العوض إلى اتخاذ 6 خطوات لمواجهة صفقة القرن، تبدأ بإعلان حركة حماس بشكل واضح وصريح إنهاء حالة الانقسام، كونه سيغلق جميع أبواب المراهنة على استغلال هذه الثغرة، خاصة مع اقتراب الإعلان عن خطة ترامب المشؤومة.
ثاني هذه الخطوات دعوة الرئيس محمود عباس لاجتماع عاجل للأمناء العامين للفصائل والاتفاق على سبل مواجهة وإحباط صفقة ترامب المشؤومة تقوم على مجموعة من الأسس منها البدء عمليا ودون ارتعاش بتنفيذ قرارات المجلس الوطني والمركزي فيما يتعلق بالعلاقة مع دولة الاحتلال ووقف العمل بالاتفاقات الموقعة معها.
وشدد العوض على ضرورة أن تتولى الحكومة الفلسطينية الحالية مقاليد الأمور كافة في قطاع غزة والضفة الغربية حسب القانون ومعالجة جميع الملفات العالقة في قطاع غزة.
وأشار العوض لضرورة دعوة جامعة الدول العربية لاجتماع طارئ لبحث المخاطر المترتبة على خطة ترامب على مختلف المستويات، وتعزيز دور منظمة التحرير وتنفيذ الاتفاقات التي تضمن تعزيز مكانتها، وكذلك تفعيل الانضمام للمنظمات الدولية كافة، والإسراع في تفعيل الشكاوى أمام محكمة الجنايات الدولية، إضافة إلى مواصلة الجهد السياسي والدبلوماسي ودعوة مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة لوضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته.