التحضيرات الدرامية لقمة «ترامب ـ كيم»، شهدت دراما عالية تنوعت بين المديح والترحيب قبل أن تتحول للتهديد والشتائم، ثم تنتقل لإلغاء ترامب اللقاء نفسه قبل 3 أسابيع، ولذلك جاءت القمة التاريخية على نفس المستوى من التشويق، رغم أن نتائجها غير مؤكدة حتى الآن، بعد عقود من إنعدام الثقة والتوترات بين البلدين، وكانت الترسانة النووية الكورية الشمالية التي كلفت بيونغ يانغ سلسلة من العقوبات الدولية على مرّ السنوات، في صلب النقاشات.
«صفقة ترامب» التاريخية
وكشفت مصادر دبلوماسية أمريكية، عن «صفقة ترامب» التاريخية، بتقديم «حزمة» ضمانات أمنية ومساعدات اقتصادية لكوريا الشمالية، مقابل تفكيك الترسانات النووية.. وأوضحت المصادر الأمريكية، أن الولايات المتحدة تقدمت بضمانات خلال القمة، بعدم سعيها للإطاحة بنظام «كيم جونج أون»، أو تغييره، وتقديم مساعدات مالية وتكنولوجية من جانب اليابان وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة لدعم الاقتصاد الكورى الشمالى المنهار ومساعدة بيونج يانج فى التحول من الصناعات العسكرية إلى الصناعات المدنية، وتفكيك المفاعلات النووية.
وأضافت المصادر الأمريكية، إن هذا ما أشار إليه ترامب عندما قال إن اقتصاد كوريا الشمالية واعد، وإنه سيكون واحدا من أفضل الاقتصادات فى العالم، ومن الواضح أن واشنطن وبكين تعملان من أجل تطبيق «نموذج فيتنام» على كوريا الشمالية، بمعنى أن يظل الحزب الشيوعى حاكما، ويظل كيم كونج أون على رأس النظام..وأن تطبق الدولة فى «بيونج يانج» اقتصاد السوق ونهج سياسات انفتاحية لجذب المستثمرين الأمريكان واليابانيين والكوريين الجنوبيين والصينيين.
- الخلاصة ـ بحسب تحليل الدوائر السياسية في واشنطن وسيول ـ أن قمة سنغافورة قد تسجل بداية تحول كبرى لدولة كوريا الشمالية، وربما بعد سنوات قليلة سوف ترى كوريا الشمالية جديدة أو دولة كورية واحدة وموحدة.
وأوضحت المصادر الدبلوماسية في واشنطن، أن كوريا الشمالية لم تطرح مطالب مثل إنهاء الوجود العسكرى الأمريكى فى آسيا ورحيل القوات والقواعد الأمريكية ـ ٥٤ ألف جندى فى اليابان، ونحو ٣٠ ألفا فى كوريا الجنوبية ـ أو وقف المناورات العسكرية المشتركة مع كل من اليابان وكوريا الجنوبية ؟ لأن مثل هذا المطلب لن يكون من الممكن قبوله أو حتى التفاوض بشأنه من جانب إدارة ترامب، فالقوات والقواعد الأمريكية فى آسيا إستراتيجية طويلة الأمد لخدمة المصالح والأهداف الأمريكية فى القارة، ومن غير الممكن أن يتم التفاوض حولها أو طرحها للنقاش من جانب إدارة ترامب كورقة تفاوضية مع كوريا الشمالية.
- وأكدت المصادر الدبلوماسية الأمريكية، أن الضمانات الأمنية التى سوف تحصل عليها كوريا الشمالية من الولابات المتحدة الأمريكية،مقابل التخلص من أسلحتها النووية، تعد كافية لإزالة أية مخاوف أو قلق من جانب كوريا الشمالية ومستقبل النظام الكوري الحاكم.
ويرى المراقبون، أن هناك العديد من المقدمات التى تشير إلى أن قمة كيم وترامب حققت نجاحا «ما» وخاصة على المستوى الشخصى، بين الرئيسين ( ترامب وكيم) فيما بدا من علاقة شخصية دافئة نظرا للسمات المتقاربة و«الفكر الشعبوى» الذى يؤمن به الرجلان.. وثانيا: أن نظام «كيم جونج أون» اتخذ قرار التفاوض مع الولايات المتحدة وانتهى الأمر، وأنه لا عودة إلى الوراء.. ويجمع المحللون على أن حكومة بيونج يانج كانت تصعد بشكل عنيف من تهديداتها وتجاربها النووية والصاروخية حتى تصل إلى حافة الهاوية مع واشنطن لتحقيق مطلبها الأول وهدفها الرئيسى وهو التفاوض مع الولايات المتحدة أو «المعلم الكبير» ، إدراكا منها بأن الحل والعقد هو فى البيت الأبيض، فى واشنطن فقط، وليس فى سول أو بكين أو طوكيو أو حتى موسكو! ولهذا أطاح كيم بقيادات عسكرية كبيرة منذ أيام معارضة لنزع السلاح النووى.
