أعدم زعيم كوريا الشمالية، كيم جونغ أون، في الآونة الأخيرة عدداً من كبار مسؤوليه، بمن فيهم زوج عمته، الذي قتله، قبل عامين، بطريقة وحشية، وتتداول الأوساط السياسية، احتمالات انهيار نظامه.
وحول تبعات مثل ذلك التطور الخطير، تساءل فيل رينولدز، متخصص في الدراسات الأمنية والسياسات العالمية، ومرشح لنيل شهادة الدكتوراة من جامعة هاواي، عما سيكون عليه موقف كل من الصين والولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، في حال انهيار النظام في كوريا الشمالية.
خطاب تقليدي
ويلفت الكاتب إلى الإنجازات التي حققها كيم خلال الصيف الحالي، بحيث أجرى تجربة نووية أخرى ناجحة، وأطلق صاروخاً باليستياً من غواصة، وتوّجها بما يشاع عن قتله نائب رئيس وزرائه لشؤون التعليم بدعوى عدم إبدائه الاحترام أثناء اجتماع ترأسه الزعيم الكوري الشمالي.
وقد أثارت التدريبات العسكرية الصيفية السنوية المشتركة بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، الخطاب الناري المعتاد من بيونغ يانغ، بما فيه تهديد بمهاجمة سيول بأسلحة نووية.
انهيار داخلي
ولكن، يلفت رينولدز إلى تقارير كثيرة بشأن احتمال أن تشهد كوريا الشمالية انهياراً داخلياً. وفي تلك الحالة، لا بد من البحث في قضايا معقدة.
بداية، يقول الكاتب، هناك رد الفعل الصيني. إذ عندما ينهار النظام الكوري الشمالي، سيتجه عدد كبير من أبنائه نحو الصين عبر نهر يالو. وسوف يزيد ذلك من متاعب تواجهها بكين مع أقلياتها الغربية، بحيث يقيم حالياً عدة ملايين كوريين إتنيين في الصين. وتخشى بكين من وقوع مشكلة إضافية عند حدودها الشمالية الشرقية، هذه المرة.
وفي تلك الحالة، سيكون من الصعب احتواء تقارير بشأن عمليات قمع، وسيصبح أيضاً للصينيين من أصل كوري صوت أقوى عبر النهر الأصفر في كوريا الجديدة .
مناورة
ويرى رينولدز أنه من خلال مناورة تهدف للحفاظ على الوضع الراهن، دعمت الصين محادثات سلام بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، وهي خطوة بناءة على طريق التطبيع بين البلدين.
ولكن بيونيانغ رفضت الصفقة نظراً لإصرار واشنطن على معالجة قضية نزع السلاح النووي في نفس الوقت، وهو هدف رئيسي، إن كان لكوريا الجنوبية أن تمضي أيضاً فيه قدماً.
نتائج طويلة الأمد
وبحسب الكاتب، من شأن أي تطبيع للعلاقات بين كوريا الشمالية وحلفائها، أن يكون له نتائج طويلة الأمد على بكين. فإن أي انفتاح إقتصادي يجلب معه مزيداً من السلع التي ستشترى من الصين لتنقل إلى كوريا الشمالية، مما سيرفع من أنماط معيشة المستهلكين، ويجلب معه آمال بشأن حريات سياسية، وهي طموحات لا بد أن تهز النظام الكوري الشمالي، ومعه بكين ذاتها.
سلام دائم
من جانب آخر، يلفت رينولدز إلى أن أي سلام دائم في شبه الجزيرة الكورية، سيجلب معه أيضاً تطوراً في التحالف العسكري بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان.
فالجيشان الكوري الجنوبي والياباني يحتلان المرتبتين الحادية عشر والسابعة على مقياس أقوى الجيوش في العالم. ويحظى الجيشان بدعم أمريكي عسكري يشمل أحدث المعدات المضادة للصواريخ وللطيران، فضلاً عن لوجيستيات متقدمة.
منظومة ثاد
من جانب آخر، اعتبر إعلان الولايات المتحدة الأخير حول عزمها نشر نظام (THAAD)، منظومة دفاع جوي صاروخي من نوع أرض-جو، في كوريا الشمالية، بمثابة تهديد للصين.
وبعد تحقيق السلام، سيكون من الصعب على كوريا الشمالية تسويق النظام، ومن المؤكد أن تتطلع واشنطن لمكاسب تتحقق عند إقرار السلام، فتخفض قواتها في شبه الجزيرة الكورية وفي اليابان بشكل كبير.
ثمن التوحيد
وبرأي رينولدز، تكمن القضية الثانية في إرساء سلام بين كوريا الموحدة والصين، بحيث تقتنع الصين بأن كوريا لم تعد تشكل تهديداً لها، فضلاً عن احتمال أن يعد رحيل القوات الأمريكية عن المنطقة بمثابة ثمن لضمان قبول بكين لكوريا الموحدة. وإن أي نشاط عسكري من جانب سيول، خلال انهيار وشيك لبيونغ يانغ، قد يفسر من قبل الصين كرغبة لعبور نهر يالو، حيث تدعي الصين ملكيتها لجزر تقع داخل النهر.
تقسيم جديد
ومن المحتمل، بحسب الكاتب، أن يتم تقسيم جديد، بحيث تحتل الصين النصف الشمالي من كوريا الشمالية مع ضم بيونغيانغ، وإنقاذ االنخبة من الأثرياء وأبنائهم في جمهورية الشعب الديموقراطية.
وفي حال تم احتلال” أخوي”، فإن المنطقة الصينية المتوقعة ستحقق هدفين للصين، بحيث سيكون بالإمكان تشكيل نظام مطواع لا يمثل تهديداً للجنوب أو لليابان، ويعد تطوراً لتحالف عمره 70 عاماً بين بكين وبغيونيانغ. كما سيساعد إرساء حدود دولية مع كوريا على بعد أكثر من 160 كيلومتراً جنوب نهر يالو، في إبقاء منطقة منزوعة السلاح بين الصين وخصم غربي قوي.
القضية الأخيرة
وأما القضية الأخيرة والأكثر إلحاحاً،، فتتمثل برأي رينولدز، بأسلحة الدمار الشامل لكوريا الشمالية. فقد يميل المتطرفون لاستخدامها، متممين هدفهم بإنقاذ النظام، أو ربما يستخدمها جنرالات ذوو عقلية حربية لإنشاء شبه مملكة خاصة بهم.
مواجهة
وتحسباً لمثل ذلك التطور، لا بد للقوات العسكرية في كوريا الجنوبية من أن تكون على أهبة الاستعداد، وربما تعمل بالتعاون مع الولايات المتحدة، وسط حالة فوضى ستعقب انهيار النظام، للاستيلاء على تلك الأسلحة.
وإذا تحرك الصينيون من الجنوب، يقول الكاتب، يخشى عندها من وقوع مواجهة خطيرة بين قوى عظمى.
ويلفت الكاتب إلى أنه مع اقتراب سيناريو الانهيار من الواقع، سيسعى عدد كبير من المسؤولين في كوريا الشمالية للانشقاق للحاق بزملاء سبقوهم إلى الغرب، ولتجنب مصير من قتلهم الطاغية في بيونغ يانغ. 
