تمكنت قوات الجيش السوري، أمس الجمعة، من السيطرة على قلعة تدمر التي ترجع إلى القرن الـ13، وعرفت تاريخيا باسم «عروس الصحراء»، وتتضمن عددا كبيرا من الآثار الرومانية والشخصيات الأثرية، التي استهدفها تنظيم داعش في أعقاب سيطرته على المدينة منذ 20 مارس/آذار الماضي.
واستمرت الاشتباكات العنيفة إلى ما بعد منتصف ليل الجمعة السبت، بين قوات النظام وتنظيم داعش في جنوب وجنوب غرب وغرب مدينة تدمر بريف حمص الشرقي، وحيي المتقاعدين والجمعية الغربية شمال غرب المدينة ومحيط قلعة تدمر، ترافق مع تنفيذ طائرات حربية روسية وسورية عدة غارات على مناطق الاشتباك، وفق ما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي أكد نزوح عشرات العائلات من مدينة تدمر، هربا من المعارك الدائرة متجهه نحو بلدات وقرى بريف دير الزور الشرقي.
فيما قال المرصد أن تنظيم داعش تمكن من تنفيذ هجوم معاكس على قوات النظام، في النقاط التي تقدموا إليها داخل مدينة تدمر بريف حمص الشرقي، وطردهم إلى أطراف المدينة، ما أسفر عن مقتل 10 عناصر على الأقل من قوات النظام.
أهمية استراتيجية
ويعد إعادة السيطرة على تدمر بمثابة الانتصار الأكبر على داعش منذ التدخل الروسي، حيث تبرز أهميتها الاستراتيجية في كونها تسيطر على الطرق الشرقية لقلب الأقاليم التي يسيطر عليها تنظيم داعش متضمنا مدينة دير الزور ومعقل التنظيم الإرهابي في الرقة ما يفتح الطريق أمام انتصار أكبر على التنظيم الإرهابي.
على الجانب الآخر، تمثل تدمر حلقة الوصل ما بين المحافظات السورية، إلا أن السيطرة على تدمر قطع الطريق بين المناطق التي يسيطر عليهال داعش في شمال سوريا ووسطها وشرقها، كما يقطع الطريق بين معاقلها في العراق.
وعلى الرغم من إعلان روسيا انسحاب قواتها من سوريا، إلا أنها استمرت في دعم القوات السورية، حيث نفذت 41 غارة جوية من الثلاثاء وحتى الخميس الماضي لدعم دقوات الأسد في تدمر مدمرة 146 هدف وفق ما أعلنت وزارة الدفاع الروسية.
وكانت تدمر قبل اندلاع النزاع السوري في منتصف شهر مارس/آذار 2011 وجهة سياحية بارزة، يقصدها أكثر من 150 ألف سائح سنويا لمشاهدة آثارها التي تضم أكثر من ألف عامود وتماثيل ومعابد ومقابر برجية مزخرفة، بالإضافة إلى قوس النصر، تعرض معظمها للنهب.
انتهاكات داعش في تدمر
وفي 4 سبتمبر/أيلول، دمر 3 أبراج أثرية ، وهي «جمباليك وإلاله بل وكيتوت»، كما فجر في 23 من أغسطس/آب معبد بعل شمين الشهير الذي يقع في الحي الشمالي للمدينة فوق أنقاض معبد أقدم منه، يتألف بناؤه من الحرم وساحتين شمالية وجنوبية تحيط بهما الأروقة، وأمام الحرم عتبة تحمل 6 أعمدة وجبهة مثلثية، ودخلته بعض العناصر المعمارية الإغريقية والرومانية.
وجاءت عملية تفجير معبد بعل شمين جاءت بعد أيام قليلة من عملية ذبح عالم آثار سوري في مدينة تدمر قام بها مسلحو التنظيم وعلقوا جثته على عامود في ميدان عام، فيما استحدث التنظيم الإرهابي طرقا جديدة للإعدام خلافا للذبح، تمثلت في ربط المواطنين في أعمدة المباني الأثرية، وتفجيرهم مع تلك المباني.
ووصفت الأمم المتحدة عملية نسف المباني الأثرية في تدمر بـ «جريمة الحرب»، وأدرجتها منظمة اليونيسكو عام 2013 على لائحة التراث العالمي المعرض للخطر، فيما أظهرت بعض التقارير التلفزيونية، التي عمدت لتغطية دخول القوات السورية تدمر، عدد من الأعمدة والمباني لاتزال قائمة.
