“فوجئنا بهجوم مخيف من قبل الزوارق الحربية الإسرائيلية “الطراد”، وتمت محاصرتنا من كل جانب، أصبنا بالذهول والخوف، جنود الاحتلال يطلقون الرصاص المطاطي علينا من كل الاتجاهات، وتم مهاجمة “الحسكة” التي نعمل عليها وكسر المجداف واعتقالنا”.
هذا ما رواه الصياد الفلسطيني حمودة زايد من منطقة السلاطين في بلدة بيت لاهيا شمالي قطاع غزة ، الذي تعرض برفقة ابن عمه وليد زايد، للاعتقال من قبل بحرية الاحتلال الإسرائيلي.
فمعاناة الصيادين الفلسطينيين في قطاع غزة، لقمة عيش مغمسة بالدم و الاعتقال والموت أيضا، فلا يسمح الاحتلال الإسرائيلي للصيادين بممارسة الصيد بحرية، بل يفرض عليهم عقوبات وعراقيل بهدف محاربتهم في لقمة عيشهم.
فتلك اللحظات الصعبة التي عاشها الصياد محمد لم تقتصر فقط على مهاجمة قاربهم الصغير “الحسكة”، يواصل الصياد حديثه قائلا لقناة “الغد”، ” لحظات من الرعب والخوف عشناها قبل اعتقالنا ونحن في البحر، بعد محاصرتنا أنا وابن عمي الصياد وليد زايد، أجبرنا جنود الاحتلال أن نخلع ملابسنا وننزل في البحر ونذهب في اتجاههم”.
مصادرة معدات الصيد
ويتابع محمد حديثه بألم وحسرة وهو يجلس فوق قارب صيد على شاطئ البحر قائلا: “كنت أشاهد جنود الاحتلال وهم يقطعون و يلقون بشباك الصيد في البحر وكذلك السمك الذي اصطدناه وتم مصادرة الحسكة، و عندما وصلنا لزورق الاحتلال تم اعتقالنا والتعامل معنا بعنف شديد، و ربط أيدينا من الخلف ووضع غطاء على وجوهنا، و تم اعتقالنا الساعة 2 فجر الجمعة الماضي وأفرج عنا عصر يوم السبت”.
وأضاف: “أنا لليوم الثاني آتى هنا للبحر و أتحسر على الحسكة و الشباك، وكل شيء فقدناه، هذا رأس مالنا وما نملكه و العوض في وجه الله الكريم، ونحن نعيش ظروف صعبة جدا و لا يوجد أي مصدر دخل لنا غير هذه المهنة، و أطالب كافة الجهات بتوفير حسكة لنا لكي أتمكن من إعالة أسترتى التي تتكون من عشرة أفراد، وكذلك ابن عمي وليد الذى ينفق على أهله”.
وتفرض إسرائيل قيوداً مشددة تمنع الصياد الفلسطيني من ممارسة مهنته بحرية، وتواصل بحرية الاحتلال ملاحقة الصيادين في عرض بحر قطاع غزة، والاعتداء عليهم بالاعتقال وإطلاق النار وإتلاف معداتهم ومصادرة قواربهم.
ملاحقة الصيادين
وتعقيبا على ملاحقة الصيادين الفلسطينيين قال نقيب الصيادين في قطاع غزة نزار عياش : “الهجمة الإسرائيلية التي تستهدف الصيادين في القطاع، هجمة سياسية ممنهجة لإبعاد الصيادين عن مجال عملهم، ومحاربتهم في لقمة عيشهم و زيادة الحصار عليهم، خاصة أن الاحتلال يمنع دخول مستلزمات الصيد من الفيبر جلاس و قطع الغيار وغيرها”.
وأضاف عياش خلال حديثه لقناة “الغد”: ” الاحتلال يهدف من وراء ملاحقة الصيادين إلى الاستمرار في تدمير الاقتصاد، ويريد تفريغ مهنة الصيد التي يعتاش عليها أكثر من أربعة آلاف صياد، والمطلوب أن يكون هناك تدخل دولي لوقف سياسة الانتهاكات الإسرائيلية بحق الصيادين”.
واعتقلت قوات الاحتلال، منذ مطلع العام الجاري، قرابة 32 صيادًا، وصادرت حوالي 9 قوارب صيد، بينهم قاربين كبار من نوع “لانش”.
وبحسب الرصد والتوثيق الذي أجراه اتحاد لجان الصيادين، فإن البحرية الإسرائيلية نفذت ما يقرب من 302 اعتداء على الصيادين خلال عام 2021، نتج منه مقتل 3 صيادين، إضافة إلى اعتقال 11 آخرين وتدمير شباك ومعدات صيد بالمئات، وكذلك جرى احتجاز عدد من القوارب وهي غير معلومة العدد.
مستوى خط الفقر
ووفقا لبيانات وزارة الزراعة والثروة السمكية، يبلغ عدد القوارب المخصصة للصيد في جميع محافظات قطاع غزة نحو 2500 قارب، ويبحر عليها أكثر من 10 آلاف صياد، بينهم 4 آلاف مسجلون لدى نقابة الصيادين، لكن جميع القوارب بحاجة إلى صيانة وإصلاح، حتى تلك التي تبدو أنها جيدة، إضافة إلى عدد مماثل في المهن المساعدة للصيد، والتي تضررت بشكل كبير بسبب اعتداءات الاحتلال على الصيادين، ومنعهم من ركوب البحر.
ويعيش جميع الصيادين بغزة تحت مستوى خط الفقر، حيث يبلغ متوسط دخل الصياد الفلسطيني 500 شيكل (130 دولارا) شهريا.
علما أن كميات الأسماك التي يتم اصطيادها في قطاع غزة سنويا تبلغ 2800 طن، في حين كانت قبل فرض القيود الإسرائيلية على عمل الصيادين عقب اندلاع انتفاضة عام 2000 تزيد عن 4000 طن سنويا.
يذكر أن اتفاقية أوسلو للسلام الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل عام 1993 نصت على أن المسافة القانونية التي يسمح للفلسطينيين بالتحرك داخلها بحرية دون أي اعتراضات إسرائيلية هي 20 ميلا بحريا.
