عاد الصياد ناصر أبو عميرة 48 عاما من سكان مخيم الشاطئ غرب غزة إلى دخول البحر والبسمة تعتلي وجهه بعد الغياب القسري بسبب تضرر قاربه من قبل زوارق الاحتلال الإسرائيلي التي تفتح نيرانها بشكل شبه يومي على مراكب وقوارب الصيادين في عرض البحر.
ويمارس الصياد أبو عميرة الذي يعيل 13 فردا مهنة الصيد منذ أربعين عاما التي ورثها عن آباءه وأجداده، يقول :” لم أتمكن من دخول البحر منذ أشهر لتضرر مركبي من زوارق الاحتلال في عرض البحر ولكن تمكنت مؤخرا من إعادة إصلاحها ضمن أحدى المشاريع “.
ويضيف الصياد أبو عميرة في حديثه لـ “الغد”: “أن إجراءات الاحتلال دمرت الأوضاع الاقتصادية للصيادين الذين أصبحوا غير قادرين على تلبية احتياجات عوائلهم “.
ويعاني الصيادون الفلسطينيون منذ سنوات من أطول حصار بحري شهده العالم إذ فرضت سلطات الاحتلال الإسرائيلي الحصار منذ العام 2006 وقامت بتقليص مساحة الصيد من 20 ميلا بحريا إلى 6 ميل بحري إضافة إلى الانتهاكات التي تمارس بشكل يومي ضد الصيادين.
علما أن اتفاقية أوسلو التي وقعت بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل في العام 1993 تسمح للفلسطينيين بالتحرك داخل البحر لمسافة 20 ميلا بحريا.
وبحسب الأربعيني أبو عميرة أن الحصار الإسرائيلي أضاع على الصيادين 24 موسما للصيد أدت إلى ارتفاع نسبة الفقر في صفوف الصيادين لقرابة 99 % إضافة إلى تفكك النسيج الاجتماعي وعدم تمكنهم من زواج أبنائهم.
ويرى أبو عميرة أن قطاع الصيد كان فتيا قبل العام 2006 حيث كان الصيادين يزوجون أبنائهم قبل بلوغ سن العشرين عاما أما اليوم يصل أعمارهم للثلاثين دون زواج.
ويأمل الصيادون الدخول إلى مساحات أعمق داخل البحر كي يتمكنوا من اصطياد أسماك ذات مردود اقتصادي أفضل، مشيرين إلى أن المساحات المسموح الوصول إليها حاليا يتم فيها اصطياد أسماك صغيرة ذات مردود اقتصادي سيء.
ويعول الصيادون على موسم تشرين الذي يستمر لنهاية العام لتعويضهم عن الخسائر التي يتكبدوها جراء قلة الأسماك والحصار.
ويصل متوسط دخل الصيادين نحو 100 دولار شهريا وأحيانا لا شيء، بينما كان قبل العام 2006 كان متوسط دخل الصياد يصل لما يزيد عن 300 دولار.
ويضم قطاع الصيد قرابة 4 آلاف صياد مسجلين لدى النقابة ويعمل منهم نحو 2000 صياد يعيلون قرابة 50 ألف فرد.
ويشرح زكريا بكر مسؤول لجان الصيادين في اتحاد لجان العمل الزراعي أشكال الاعتداءات التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي في عرض البحر ضد الصيادين والمتمثلة في عمليات إطلاق النار والصواريخ الموجه على قواربهم ومراكبهم في المناطق المسموح الوصول إليها ودهسهم بالزوارق الحربية ورشهم بالمياه العادمة إضافة إلى عمليات تجريد الصيادين من ملابسهم وإنزالهم في مياه البحر الباردة ومن ثم اقتيادهم إلى ميناء أسدود للتحقيق معهم وإتلاف وسرقة شباكهم.
ويقول بكر لـ “الغد” شهد العام الحالي استشهاد الصيادين محمد الهسي ومحمد بكر في عمليات إطلاق نار من قبل الزوارق الحربية الإسرائيلية وعمليات الدهس، كما تم اعتقال 25 صيادا ومصادرة 14 قاربا وإصابة 9 صيادا بينهم 3 في حالة خطيرة إضافة إلى سرقة شباك الصيادين”.
ويضيف بكر أن اتحاد لجان العمل الزراعي يعمل على مدار الساعة من أجل تعزيز صمود الصيادين من خلال تقديم المساعدات لهم المتمثلة في الشباك والمواتير والمواد الخاصة بمهنة الصيد ، مشيرا إلى أن علبة “الفيبر قلاس” التي تدخل في صناعة القوارب وصل سعرها إلى 300 دولار بدلا من 70 دولار.
وبحسب المهندس بشير الانقح مدير دائرة العمليات والمشاريع في العمل الزراعي “إن هذا المشروع الذي نفذ بالشراكة مع أوكسفام الدولية وبتمويل بلجيكي استهدف 815 صيادا ما بين إعادة إصلاح مراكب وقوارب وتوزيع شباك ومواتير، موضحا حصولهم على تمويل جديد لإصلاح 100 مركب وبذلك يكون تم انجاز 80% من المراكب والقوارب التي تحتاج لصيانة.
ويحصل قطاع غزة على الأسماك من أربعة مصادر البحر المصدر الرئيسي ويليه الاستزراع السمكي بالإضافة للأسماك الطازجة المثلجة التي يتم استيرادها من إسرائيل ورابعا عملية استيراد الأسماك المجمدة من الدول الأجنبية.
وتحتاج غزة إلى قرابة 15 ألف طن من الأسماك سنويا وفق منظمات الأغذية العالمية لكن ما يوفر حاليا 3200 طن سنويا .
