بدأت سحب التفاؤل الحذر تخيم على لبنان، مع توقعات تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة برئاسة سعد الحريري «قريبا جدا» بحسب الدوائر السياسية والإعلامية في بيروت.. والتوقعات جاءت على لسان مصادر متابعة لعملية تشكيل الحكومة الجديدة، مؤكدة بأن الأسبوع المقبل سوف يشهد تحركات لاختراق الجمود الحاصل في عملية التشكيل بعد استنزاف مزيد من الوقت الضائع بلا جدوى.
وبات واضحا، أن رئيس الحكومة المكلف، سعد الحريري، يعاني في الداخل والخارج على حد سواء ـ بحسب تقدير المحلل السياسي اللبناني، أنطوان تاسمر ـ فلا هو راغب في الاعتذار، ولا هو قادر على تلبية الاشتراطات الخارجية، وفي مقدمها منعه من تشكيل حكومة تضم حزب الله !!
«عقدة» تشكيل الحكومة
المصادر كشفت عن «عقدة» تشكيل الحكومة، بسبب محاولات الضغط وفرض الشروط والمطالب التعجيزية على «الحريري»، ولا سيما من رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل وغيره من الأطراف السياسية لتجاوز مضمون المبادرة الفرنسية والالتفاف عليها من خلال تشكيل حكومة تفتقد للمواصفات الإنقاذية التي تنص عليها، بحسب صحيفة اللواء اللبنانية.
بينما يصّر «الحريري» على الالتزام بأسس المبادرة الفرنسية ومضمونها، وإنجاز تشكيلة وزارية إنقاذية تتألف من اخصائيين غير حزبيين مشهود بكفاءاتهم ومهنيتهم في عملهم بالقطاع الخاص بلبنان والخارج، على أن يقدم هذه التشكيلة بعد اكتمال كل مقوماتها إلى رئيس الجمهورية في بحر الأسبوع المقبل لكي يتم التشاور فيها وتقرير الخطوة المقبلة بشأنها.
إحياء محركات «المبادرة الفرنسية»
وتشير صحيفة النهار اللبنانية، إلى أته مع تعثّر مهمة سعد الحريري الذي كُلف تشكيل الحكومة المقبلة، وإطفاء جميع محركات التأليف، فضلاً عن محركات المبادرة الفرنسية، اعتبر كثيرون أن الأخيرة (المبادرة الفرنسية) ماتت، وأن المطروح اليوم على طاولة البحث بعيد عن روح الموقف الفرنسي الذي عبّر عنه الرئيس ماكرون، لا سيما لجهة تشكيل «حكومة مهمة» من وزراء أصحاب كفاءة واختصاص، مستقلين عن الأحزاب، ويحظون بثقة الداخل، وبثقة المجتمع الدولي الذي يريد أن يساعد لبنان على الخروج من أزمته، ولكن ليس بأي ثمن، ولن يغدق المساعدات على بلد يحكمه طاقم سياسي فاسد ومافيوي، بحسب تعبير المحلل السياسي اللبناني، علي حمادة.
أسباب داخلية وخارجية وراء تعثر تشكيل الحكومة
ويرى نائب الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، في حوار بثته قناة «المنار» مساء امس: أن اسباب عدم تشكيل الحكومة الجديدة، داخلية وخارجية، معتبرا انه كان على الرئيس المكلف الاجتماع مع رؤساء الكتل لاختيار الوزراء، لكن خطوة الرئيس المكلف عدم الاجتماع مع الكتل سببت تأخيرا، معتبرا ان المشكلة في منهجية تشكيل الحكومة.
والسبب الخارجي هو الموقف الأمريكي، الذي يعطي اشارات، مثل أن الأمريكيين قالوا إنهم لا يريدون تمثيل حزب الله في الحكومة الجديدة..وقال «نعيم قاسم» إن الحل متوافر عبر الانفتاح، ويمكن تقريب المسافات، معتقدا أن أمريكا ستقبل بالأمر الواقع.
ضغوط دولية لسرعة تشكيل الحكومة
الدوائر السياسية في بيروت، تشير بدورها، إلى ضغوط دولية لعودة الحياة إلى المبادرة الفرنسية، في الوقت الذي خطت فيه فرنسا خطوة الى الامام بالاعلان عن تنظيم مؤتمر في قصر الرئاسة «الإليزيه» بالاشتراك مع الأمم المتحدة لتقديم مساعدات انسانية للبنان، بعيداً عن مساهمة السلطة الحاكمة.
وكشف مصادر فرنسية عن عزم الرئيس ماكرون زيارة لبنان في نهاية الشهر المقبل لتفقد وحدات بلاده العاملة ضمن قوات حفظ السلام الدولية في الجنوب (اليونيفيل) وإجراء لقاءات مع مسؤولين اذا كانت الحكومة رأت النور.
والأمر نفسه، ناقشه المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان «يان كوبيتش» مع الرئيس ميشال عون، فضلا عن الاحاطة لمجلس الأمن في ما خص القرار 1701، وتأليف الحكومة الجديدة والاصلاحات المتوقعة.
الحريري في قصر بعبدا خلال 48 ساعة لعرض مسودة تشكيل الحكومة
ورغم التوقعات التي أطلقت «بصيص من التفاؤل»، بشأن تشكيل الحكومة «قريبا» بفعل الضغوط الدولية، فإن المعطيات تفيد من ناحية أخرى، بأن العقوبات الأمريكية فعلت فعلها في التأُثير سلبا على عملية التشكيل بحيث زادت مواقف الأطراف كلّها، تشددا.. مع ترقب حذر للزيارة التي يمكن أن يقوم بها الرئيس المكلف سعد الحريري الى قصر بعبدا خلال 48 ساعة، ومعه مسودة تشكيلة وزارية من 18 وزيراً.