«طالبان» إلى «سدة الحكم» بعد 20 عاما من الإقصاء

لم تشفع حرب السجال “الأمريكية- الأفغانية” في أعقاب الحادي عشر من سبتمبر 2001، في إثناء حركة طالبان عن تحقيق حلمها بالوصول إلى سدة الحكم في أفغانستان.

وبعد 20 عاما من الإقصاء، تحقق حلم الحركة في أغسطس من العام 2021، بعد انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان، مع ترقب لمشهد يراه البعض ضبابياً في جانب مكافحة الإرهاب ومستقبله، بينما اعتبرها البعض الآخر صفقة تقف وراءها إحدى الدول العظمى، سواء الولايات المتحدة الأمريكية المتهم الأول، أو الصين وروسيا الساعيتان للسيطرة على اقتصاديات العالم، بينما يراه باحثون تتويجا لحركة أكسبها الدهر حنكة وخبرة سياسية.

بداية المفاوضات

بدأت سلسلة مفاوضات في العاصمة القطرية الدوحة في 29 فبراير عام 2020، كانت بمثابة  اتفاقية إحلال السلام في أفغانستان موقعة بين الولايات المتحدة وطالبان، وتشمل بنود الصفقة انسحاب جميع القوات الأمريكية وقوات الناتو من أفغانستان، وتعهد طالبان بمنع القاعدة من العمل في المناطق الخاضعة لسيطرة طالبان، وإجراء محادثات بين طالبان والحكومة الأفغانية.

ووافقت الولايات المتحدة على خفض مبدئي لقواتها من 13.000 إلى 8.600 بحلول يوليو 2020، يليه انسحاب كامل في غضون 14 شهرًا إذا أوفت طالبان بالتزاماتها.

والتزمت الولايات المتحدة بإغلاق 5 قواعد عسكرية في غضون 135 يومًا، وأعربت عن نيتها إنهاء العقوبات الاقتصادية على طالبان بحلول 27 أغسطس 2020.

وتم دعم الصفقة من قبل الصين وروسيا وباكستان، وصادق عليها بالإجماع مجلس الأمن، التابع للأمم المتحدة، على الرغم من أنها لم تشمل حكومة أفغانستان.

هروب الرئيس

مع تقدم حركة طالبان وقربها من دخول العاصمة الأفغانية كابل، قرر الرئيس الأفغاني أشرف غني مغادرة البلاد على متن طائرة، ومعها طائرتين أخريين تقل عددا من أفراد عائلته، بينما كان الوزراء والمسؤولون ينتظرونه في الاجتماع، الذي مزمع عقده معهم، ولم يكن أحد من نواب الرئيس على علم بعزمه الفرار.

وكان أمر الله صالح، نائب الرئيس الأفغاني، قد ترك العاصمة كابل وتوجه إلى بانشير، وأعلن نفسه من هناك أنه الرئيس الأفغاني بالإنابة بعد فرار الرئيس الأفغاني أشرف غني يوم سقوط كابل في 15 أغسطس.

الفرار من الجحيم 

بعد سيطرة طالبان، حاول الكثيرون الهروب من أفغانستان، خاصة من تعانوا مع القوات الأمريكية خشية بطش طالبان بهم، كما سعت معظم بلدان العالم لإجلاء سفاراتها والعاملين هناك من خلال طائرات تنقلهم من مطار العاصمة الأفغانية إلى بلادهم، وشهد العالم مناظر مروعة للشعب الأفغاني وهو يهرع إلى المطار ويتعلق بالطائرات على أمل الخروج من البلد، وخوفا من المستقبل المظلم.

 

وفي محاولات عدة لطلب اللجوء والخروج، إما من خلال مساعدات بعض الدول أو بالتشبث بالطائرات المغادرة، لقي العديد من المواطنين مصرعهم، وتأثر العالم بعدد من الحالات الإنسانية التي ظهرت ومثلت الهجرة الحل الوحيد للشعب الأفغاني في ظل حركة طالبان، وينتظر العديد منهم فرصة للخروج، ليلحقوا بمن سبقوهم إلى إيران وباكستان.

المقاومة ضد طالبان

ذكرت وسائل إعلاميةعدة، أن ما يشبه جبهة مقاومة لحكم حركة طالبان على أفغانستان بدأت تتبلور في إقليم بانشير الشمالي، المعقل التقليدي للتحالف الشمالي، الذي كان يقوده أحمد شاه مسعود، الذي قتل على يد القاعدة في 9 سبتمبر 2001.

وقال مسعود الابن، بعد سقوط كابل في يد طالبان، إن الآلاف من قوات الكوماندوس وضباط الجيش الأفغاني لجأوا إلى إقليم بانشي، ودعا مسعود، الغرب إلى مساعدته للوقوف في وجه طالبان، كما ذكر أن الجنود الأفغان قد جلبوا معهم عشرات الآليات العسكرية والمدرعات والطائرات العسكرية، غير أن مساعيه لم تكلل بالنجاح.

تشكيل الحكومة

وأعلنت حركة طالبان حكومة مؤقتة لتصريف الأعمال في أفغانستان، كما أعلنت البلاد “إمارة إسلامية”،  وترأس الحكومة المؤقته الملا محمد حسن آخوند، أحد مؤسسي الحركة، بينما تولى منصب وزير الداخلية في الحكومة سراج الدين حقاني، زعيم جماعة حقاني المسلحة، المطلوب من قبل مكتب التحقيقات الفديرالي الأمريكي.

وشغل الملا يعقوب، منصب وزير للدفاع، وهو نجل مؤسس حركة طالبان والزعيم الأعلى الراحل الملا عمر، وبرز لأول مرة عام 2015 عندما دعا في رسالة صوتية نُشرت بعد وفاة والده، إلى الوحدة داخل الحركة المسلحة.

كما تولى أمير خان متقي منصب وزير الخارجية، وهو زعيم بارز شارك في المفاوضات مع الولايات المتحدة بشأن انسحابهم، ونصب كل من الملا عبد الغني بردار، والملا عبد السلام حنفي، نائبين لرئيس الوزراء.

وقد شغل المؤسس المشارك لحركة طالبان، الملا برادار في السابق منصب رئيس المكتب السياسي للحركة، وأشرف على توقيع اتفاق الانسحاب الأمريكي العام الماضي.

الأمور إلى أين؟

وأشار مصدر مقرب من الحركة إلى صعود طالبان إلى سدة الحكم الأفغاني يؤكد أن الأمور تسير إلى الأفضل، وأن الحركة كل يوم تزداد خبرة وحنكة وقوة، وأنها تكسب كل يوم في كل الاتجاهات الشعبية والعسكرية والإعلامية، رغم ما نسمعه من تكاتف دول ضدهم، ومن إمدادات عسكرية ولوجستية.

المصدر قال، إن دولة الإمارة الإسلامية الجديدة في أفغانستان، حلم ربما كادت تقضي عليه عملية الحادي عشر من أيلول، فبحسبه فإن أحداث العام 2001 وما تبعها من هجوم القوات الأمريكية وقوات التحالف كانت ضربة قوية لحركة طالبان عملت على إسقاط الحركة والاستيلاء على كل ولايات أفغانستان، بداية من العاصمة كابل إلى مقر حركة طالبان في قندهار.

بينما يذهب الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، محمد ربيع الديهي، إلى القول بأن طالبان اليوم ليست كطالبان التي برزت منذ أكثر من 20 عاما، مشيراً  إلى أن عودة الحركة للحكم اليوم تختلف في سياقاتها عن وصولها للحكم في المرة الأولى.

وبين الديهي، أن الحركة التي يعتقد البعض أن قيادتها شاخت ويئست من الحروب، لكن يبدو بعد سيطرتها على الحكم في أفغانستان أنه ليس كما كان التوقع بأنها سوف تنمي علاقاتها مع المجتمع الدولي وأنها ستمارس الاعتدال في سياستها الخارجية، لكن بحسب الواقع سوف تعمل طالبان اليوم، كما أعلنت في البيانات الرسمية لها، على إرساء أسس حكم إسلامي وفرض قيود على الحريات العامة والمرأة تحديداً، وهو الأمر الذي اتضح من خلال خطاب الحركة فور وصولها قصر الرئاسة في كابول بأنه سوف تسمح للمرأة بالعمل ولكن بشرط ارتداء الحجاب وهو الأمر الذي يجعلنا نتوقع بأن منظومة القيم التي رسخت في أفغانستان خلال العقدين الماضيين سوف تنهار سريعاً، فضلاً عن احتمالات انهيار منظومة حقوق المرأة بصفة عامة من تعليم وعمل وغيره.

“الديهي” لفت إلى أن علاقات طالبان بالعالم سوف تتغير أيضاً وإن كانت تحاول أن ترسل اليوم رسائل طمئنه للمجتمع الدول،ي إلا أن كافة المؤشرات توكد أن الحركة سوف تستغل من قبل بعض القوى الدولية والإقليمية لاستضافه الجماعات التكفيرية وتيارات الإسلام السياسي، وهو الأمر الذي سيجعل منها بؤرة انطلاق لكل تلك الجماعات في العالم.

وأوضح أن العالم يتجه خلال الفترة المقبلة، ليس فقط على إعادة تشكيل أقطاب القوى الدولية أو توازنات القوي، ولكنه مقبل أيضاً على إعادة تشكيل وتجهيز الجماعات الإرهابية حول العالم، بيد أن كل طرف دولي داخل في الصراع القوى الدولية سوف يستخدم تلك الجماعات الإرهابية لتحقيق مصالحه ولتمكينه من أن يكون بمثابة القوى المهيمنة سياسياً واقتصادياً وعسكرياً في العالم.

وأشار إلى أن الصين فتحت خط تفاوض مع طالبان عن طريق إيران، وهو السيناريو الذي سوف تعتمد عليه روسيا أيضاً، بينما الولايات المتحدة الأمريكية فقد عقدت اتفاق سلام مع الحركة، ما يعني أن الحركة سوف تكون رهن تجاذبات تلك القوى، ومن يضمن لها الاستمرار في الحكم، ومن سوف يدعمها بالسلاح لتنفيذ أهدافها في الإقليم، وبالتالي تحقيق مصالح لتلك القوى.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]