طالبان والنموذج الديمقراطي الأمريكي.. انتقادات واسعة لبايدن
تتوالى الانتقادات الشديدة للإدارة الأمريكية سواء من الداخل أو من الحلفاء الغربيين، اعتراضا على استيلاء حركة طالبان على السلطة في أفغانستان، بعد 20 عاما من الالتزام العسكري الغربي تجاه هذا البلد.
زعيم الجمهوريين بمجلس النواب كيفين مكارثي، وصف طريقة الانسحاب بالخطأ الذي سيخيم على الولايات المتحدة لعقود.
وأكد مكارثي أنه سيفتح تحقيقا للنظر في المعلومات الاستخباراتية التي أدت إلى الانسحاب بهذا الشكل وأسباب انهيار القوات الأفغانية.
أما زعيم الجمهوريين بمجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، فوصف الانسحاب بالفشل المخجل للقيادة الأمريكية، محملا بايدن مسؤولية الانهيار المفزع لكابول.
من جانبه طالب الرئيس السابق دونالد ترامب بايدن بالاستقالة قائلا إن ما فعله بايدن في أفغانستان يعد أكبر هزيمة في تاريخ الولايات المتحدة.
أما حلفاء واشنطن الأوروبيون فلم يخفوا امتعاضهم من طريقة الانسحاب الأمريكي حيث أكد وزير الدفاع البريطاني أن عودة طالبان إلى السلطة تعد فشلا للمجتمع الدولي.
وفي ألمانيا الحليف التقليدي الآخر للولايات المتحدة كان الاستياء واضحا أيضا، حيث اعتبرت المستشارة الألمانية أن التدخل العسكري في أفغانستان لم يكن نجاحه على قدر الآمال المعقودة.
كما وصف حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الذي تتزعمه المستشارة الألمانية الانسحاب من أفغانستان بأكبر إخفاق لحلف الناتو منذ تأسيسه.
وأمام هذه الانتقادات غير المسبوقة عقد جو بايدن مؤتمرا صحفيا أقر فيه بأنه يتحمل شخصيا مسؤولية الانسحاب، لكنه شدد في الوقت نفسه، رغم كل تلك الانتقادات التي طالته على أن القرار الانسحاب كان صحيحا.
خطوة تهدئة
أصدرت حركة طالبان عفوا عاما عن كل موظفي الدولة، داعية إياهم إلى معاودة العمل، في خطوة نحو تهدئة الأوضاع الداخلية.
ويتخوف الكثيرون داخل أفغانستان مما هو قادم، لكن الحركة تواجه مشكلة أخرى، تتمثل في مخاوف دول الجوار من تزايد أعداد اللاجئين أو من سلوك الحركة مع جيرانها.
طالبان وهواجس دول الجوار
تعددت ردود فعل دول جوار أفغانستان ما بين مخاوف واستنفار أمني لمواجهة تداعيات سيطرة طالبان على العاصمة كابول.
وأبرز مواقف دول جوار أفغانستان تمثلت في:
*تخوف باكستاني من صعود حركة طالبان الباكستانية وهو تنظيم رغم احتفاظه حتى الآن باسم حركة طالبان باكستان في وسائل الإعلام لكن غيّر اسمه إلى “مجلس شورى المجاهدين” يوم 23 فبراير/شباط 2009 إثر توحد قادة ثلاثة تنظيمات رئيسية تحمل اسم حركة طالبان باكستان هم بيت الله محسود وحافظ غل بهادر ومولوي نذير.
كما أن هناك حركة تطبيق الشريعة المحمدية وهي حركة جهادية تنشط في باكستان أسسها الملا صوفي محمد سنة 1992 من أجل تطبيق الشريعة وتقوم بمحاربة الجيش الباكستاني واستهداف المصالح الأمريكية وهي من حلفاء طالبان والقاعدة.
*ما حدث يزيد من مخاوف الهند بشأن الوضع في كشمير
*الصين تتخوف من تهديد مشاريع البنية التحتية التي تشيدها بكين غربا.
* مخاوف إيرانية من موجة تدفق كبيرة للاجئين الأفغان
* قلق في تركمانستان وأوزبكستان وطاجكستان من هجمات محتملة.
انهيار الديمقراطية
أكد أستاذ العلاقات الدولية من لندن الدكتور أحمد عجاج، أن ديمقراطية أمريكا انهارت أمام العالم بعد تسليم أفغانستان لطالبان.
وأضاف عجاج، خلال تصريحات له مع برنامج مدار الغد، أن النموذج الديمقراطي الأمريكي اهتز بسبب مشاهد الانسحاب من أفغانستان.
وأوضح أن إدارة ترامب كانت تسير بطريقة صحيحة في الانسحاب من أفغانستان، مؤكدا أن الرئيس الأمريكي جو بايدن تجاهل أي تشاور مع الحلفاء بشأن القرار الأخير.
أخطاء الماضي
أكد مساعد وزير الدفاع الأمريكي السابق من واشنطن مارك كيميت، أن الرئيس بايدن كان يرغب ويصر على إنهاء المهمة في أفغانستان.
وأوضح أنه ربما تقرر واشنطن إبقاء عدد من القوات الأمريكية القليلة في أفغانستان لمهام معينة.
وأشار إلى أن واشنطن لا ترغب في تكرار أخطاء الماضي لذلك قررت الانسحاب والدفاع عن مصالحها.
وشدد على أن الداخل الأمريكي لا يوجد به انتقادات جمة ضد قرار بايدن الانسحاب من أفغانستان.
نجاح أمريكي
أكد الباحث في المجلس الأطلسي من واشنطن توم واريك، أن السبب الحقيقي لدخول الجيش الأمريكي أفغانستان هو منع الجماعات الجهادية في استهداف الولايات المتحدة.
وأوضح أن واشنطن نجحت في تحقيق أهدافها في أفغانستان ومنعت أي محاولات للجماعات المتشددة في شن ضربات ضد أمريكا.
وأشار إلى أن رؤية ترامب كانت تتفق مع بايدن في عدم استمرار التواجد العسكري الأمريكي في أفغانستان.
مخاوف باكستان
أكد مدير مركز الباب للدراسات الإستراتيجية من إسلام آباد الدكتور جاسم تقي، أن باكستان تواجه أزمة كبرى مع حركة طالبان بسبب علاقاتها مع حركة منشقة منها في باكستان تدعى “طالبان باكستان”.
وأوضح أن باكستان توجه اتهامات ضد طالبان بتشجيع الإرهاب في البلاد وإحداث الفوضى.
وأشار إلى أن باكستان تؤكد ضرورة أن ينسجم تغيير طالبان مع القانون الدولي والأعراف الدبلوماسية.
وأضافت أن حركة طالبان يجب أن تلتزم بنصوص الدستور الأفغاني الذي أقره البرلمان الأفغاني المنتخب.
إيران وطالبان
قال الباحث في العلاقات الدولية من طهران سعيد شاوردي، إن إيران تتخوف مثل جميع دول جوار أفغانستان من طالبان.
وأوضح أن إيران تخشى أن تسيطر طالبان على تشكيل الحكومة الأفغانية و تقوم بالسيطرة الكاملة على السلطة.
وشدد على أن طهران ترغب في عدم إقصاء الأحزاب والمذاهب الأخرى في أفغانستان لصالح طالبان.
وأشار إلى أن هناك مخاوف إيرانية من انفلات الأمن على مشارف أفغانستان، ما ينتج عنه تهريب المواد المخدرة عبر الحدود المشتركة.
