يري قانونيون في مصر أن مصير الطعن الذي تتقدم به الحكومة المصرية أمام هيئة قضايا الدولة على حكم محكمة القضاء الإداري، سيحدد مصير الاتفاقية المصرية السعودية بشأن إعادة ترسيم الحدود البحرية، في حين أن البرلمان المصري لن يكون أمامه سوي الانتظار حتى انتهاء البت في دستورية الاتفاقية ومدي قانونيتها أمام المحاكم، ومن ثم يتخذ قراره.
وقال المستشار محمد حامد الجمل، رئيس محكمة مجلس الدولة الأسبق لـ«الغد»، إن «الحكومة تقدمت بطعن أمام هيئة قضايا الدولة، لنظر الاتفاقية أمام المحكمة الإدارية العليا، وسيكون أمام الحكومة موقفين، الأول أن تؤيد المحكمة الإدراية العليا الحكم الصادر من القضاء الإداري، وبالتالي تسقط هذه الاتفاقية نهائيًا، والموقف الثاني، فيكون قبول طعن الحكومة، ويترتب عليه إسقاط حكم محكمة القضاء الإداري، وكل ما يترتب عليه كأنه لم يكن، لأن محكمة القضاء الإداري غير مختصة بنظر أمر في الأمور المتعلقة بأعمال السيادة للدولة».
وأضاف الجمل «إن الأحكام المتعلقة بأمور السيادة غير مختص بنظرها أمام محكمة القضاء الإداري، ولا أي محكمة عادية، فقط المحكمة الإدارية العليا»، مؤكدًا أن أحكام المحكمة الإدارية العليا أحكام نهائية وواجبة النفاذ ولا تقبل الطعن أمام أي جهة.
وكان رئيس الوزراء المصري المهندس شريف إسماعيل، قال اليوم عقب الاجتماع الأسبوعي للمجلس، إن الحكومة المصرية ستقدم للقضاء جميع الوثائق التي تبين سلامة وقوة أسانيدها بخصوص الاتفاقية التي تضمنت نقل تبعية جزيرتين في البحر الأحمر للمملكة، وذلك بعد يوم من حكم محكمة القضاء الإداري الصادر أمس الثلاثاء، ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والمملكة العربية السعودية، وهي الاتفاقية التي أثارت جدلًا كبيرًا في مصر عقب توقيعها، وأثار حكم بطلانها جدلًا أكبر.
أما الفقيه الدستوري عصام الإسلامبولي، فقال لـ«الغد» إن قبول طعن يعني أمام المحكمة الإدارية العليا سوف يلغي الاتفاقية ويحيلها إلي البرلمان لاتخاذ قرارا بشأنها، أما لو رفض طعن الحكومة، فسيؤيد ذلك قرار المحكمة الإدارية وبالتالي تصبح هذه الاتفاقية «في خبر كان» على حد وصفه.
ولفت الإسلامبولي إلي أن بموجب القانون، فالبرلمان الآن لا يستطيع أخذ أي قرار بخصوص الاتفاقية سواء بطلانها أو إقرارها، وأنه بعد حكم المحكمة القضاء الإداري، لم يصبح أمامه سوى أن يتنظر حكم المحكمة الإدارية ليتخذ قراره بشأن الاتفاقية إما بإقرارها أو بطلانها.
وفي السياق ذاته، أوضح الدكتور محمود كبيش، العميد السابق لكلية الحقوق بجامعة القاهرة، إنه لا يجوز قانونيًا عرض الاتفاقية على البرلمان حاليًا، أو مناقشتها، لأنه بمقتضي الحكم الصارد أمس، هذه الاتفاقية تعد غير موجودة حتي البت في أمر الطعن الذي تقدمت به الحكومة.
وأضاف كبيش في تصريح لـ«الغد»، هذا الحكم ساري وواجب النفاذ حاليًا، ولكن يحق للحكومة أن تتقدم بطلب إيقاف تنفيذه مؤقتًا، لحين البت في أمر الطعن الذي تقدمت به، وحتى صدور حكم نهائي من المحكمة الإدارية، وفي كل الأحوال ليس أمام البرلمان المصري سوي الانتظار حتي صدور حكم قضائي نهائي بشأن الاتفاقية.
يذكر أن مجلس الشورى السعودي أقر الاتفاقية بالإجماع يوم 25 أبريل/نيسان، لكن لم يصدق عليها البرلمان المصري حتى الآن. وقالت مصر إن الاتفاقية لن تصبح نهائية إلا بعد موافقة مجلس النواب.
