طلال عوكل: غزة تقصف استراتيجيات الاحتلال

البعض ممن صدمتهم تداعيات وأبعاد الحراك الشعبي الذي وقع على الحدود بين قطاع غزة والأراضي المحتلة منذ عام 1948، في الذكرى الثانية والأربعين ليوم الأرض، البعض ينشغل عبثا في البحث عن عظام في الكرشة. عن قصد يحلو لهؤلاء أن ينسبوا الفعل لحركة حماس، انطلاقا من فكرة قصدية أيضا تساوي بينها وبين كل سكان قطاع غزة، لتبرير مواقف وسياسات واجراءات مجحفة تساهم في تعميق آثار الحصار المضروب على القطاع منذ أكثر من أحد عشر عاما.

بعض آخر يشكك في دوافع الحدث، فيعتبر أن حركة حماس التي فقدت الخيارات، ذهبت لمعالجة أزمتها بافتعال أزمة كبيرة على الحدود أو أنها عملت على تحسين صورتها وتعديل سياقات دورها وسياساتها. لا تنتهي التساؤلات المدفوعة بمواقف مسبقة سلبية، فتقارن بين حجم الإنجاز والثمن، ويرى أصحابها أن الإنجازات إن كانت هناك ثمة إنجازات من وجهة نظرهم لا تستحق الثمن الذي دفعه الفلسطينيون. في الحقيقة أن غزة ليست حركة حماس، وإن كانت هي التي تسيطر عليها وتديرها منذ أحد عشر عاما، الأمر الذي يسقط الذرائع التي تقف وراء تجاهل الآثار العميقة التي تتسبب بها الإجراءات العقابية على الناس، بذريعة أنها تقصد الضغط على حماس. أما بالنسبة للتساؤلات الأخرى فينبغي أن يدرك الجميع، أن الحراك الشعبي الواسع الذي جرى على حدود غزة في يوم الأرض، كان في البداية مجرد فكرة طرحها بعض المثقفين في نقاشات عامة قبل أشهر، ثم تلقفها عدد من النشطاء فأحالوها إلى البحث وشكلوا من أجل ذلك ما يعرف بالهيئة الوطنية لمسيرة العودة، التي غاب عنها دور الفصائل، التي التحقت بها في وقت متأخر وانخرطت في التحضير لها.

الحراك الشعبي العظيم في قطاع غزة لا يقارن بالحراك الشعبي العظيم الذي انتصر على الإجراءات الأمنية الإسرائيليه للسيطرة على المسجد الأقصى وإن كانا يدلان على أن الشعب الفلسطيني مستعد لخوض الصراع والدفاع عن حقوقه. حراك غزة يتسم بالمبادرة للفعل وصناعة الحدث، ويعرف القائمون عليه سلفا أنه مدفوع الثمن بالدم، أما حراك القدس فإنه يتسم برد الفعل، ومحدودية الثمن بسبب اختلاف الظروف وليس بسبب نقص الاستعدادات الشعبية لدفع ثمن أكبر. في كل الأحوال فإن حدود قطاع غزة يوم الثلاثين من آذار، شهدت معركة استراتيجية هامة في سياق الصراع المفتوح على الحقوق الوطنية أنتجت دروسا غاية في الأهمية.

  • أولا: أن الخروج بمئات الآلاف لم يكن وحسب فصائليا، فلقد اتسم بطابع شعبي وطني واسع، حيث اندفعت الجماهير لسببين الأول يشير إلى مستوى عمق الوطنية المتجذرة في ثقافة الشعب، والثاني يشير إلى أن الناس لم يعودوا يحتملون قسوة الحصار ونكد العيش، والشعور العام بأنهم لن يخسروا إلا عذاباتهم اليومية. عائلات بكاملها خرجت إلى مسيرة العودة وتحت راية فلسطين وليس رايات الفصائل، التي ما اجتمعت على فعل مشترك إلا وكان حصيلته أقل من حصيلة فصيل واحد فلقد تعودنا أن نرى الاجتهاد في الحشد حينما تكون المناسبة لفصيل ما، لكن كل منها يرتكن على الآخر، ويشارك بشكل رمزي حين تكون المناسبة محل اتفاق.
  • ثانيا: الطبيعة السلمية والمنضبطة للحراك أحدثت قلقا وارباكا كبيرا في الأوساط السياسية والأمنية الاسرائيلية، التي قرأت مدى خطورته ولم تعثر على ذرائع لاستخدام القوة المفرطة التي تناسب طبيعة الاحتلال. المسافة بين الشبان والقوات الإسرائيلية التي وقفت على أهبة الاستعداد، وأيدي جنودها على الزناد لا تسمح للشبان بإلقاء الحجارة، والإجراءات الأمنية الفلسطينية لم تسمح لهم بالاقتراب من السياج الحدودي، وبالرغم من ذلك سقط سبعة عشر شهيدا وأكثر من ألف واربعمائة جريح.
  • ثالثا: يؤكد الحراك الشعبي على حدود قطاع غزة على أهمية الكفاح الشعبي السلمي، الذي يحقق في مثل هذه الظروف إنجازات أكبر بكثير من استخدام وسائل المقاومة المسلحة، التي ظن الاحتلال أن أهل غزة لا يملكون سواها.
  • رابعا: هذا الحراك الذي أعلى قيم الكرامة الوطنية بعد أن نالت منها السياسات والخيارات البائسة، أفشل استراتيجية الاحتلال الذي أراد حصار غزة وعزلها عن محيطها الوطني والتخلص من مسؤولياته القانونية والإنسانية التي يرتبها القانون الدولي عليه كقوة احتلال، ويعود ليضع غزة في قلب الصراع، وفي قلب المواجهة من موقع فاعل ومؤثر.
  • خامسا: والحراك الشعبي الذي وقع على حدود قطاع غزة ينهي المراهنة الإسرائيلية والمخططات الاحتلالية التي عملت على دفع القطاع تحت وطأة الحصار والانقسام نحو مصر، فإذا بالانفجار الذي توقعته إسرائيل يقع في وجه دولة الاحتلال كخيار محسوم لدى الشعب الفلسطيني في القطاع.

في الواقع وبدون تجاهل دروس أخرى هامة، فإن استدامة الحراك على الحدود من خلال الخيام التي نصبت وتسكنها عائلات لاجئة تحمل أسماء قرى فلسطينية محتلة وحتى يوم المسيرة الكبرى في ذكرى النكبة، من شأنه أن يدخل إسرائيل في أزمة كبرى، ويساهم في ردع مخططات التصفية الأمريكية الإسرائيلية.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]