طلال عوكل يكتب: السياسة الفلسطينية أمام محكمة التاريخ

 

مقابل وضوح السياسة الأمريكية الإسرائيلية إزاء حقوق الشعب الفلسطيني، ينتاب السياسة الفلسطينية قدر من التشوش والتردد وحتى الشكوك. لم يعد بالإمكان الفصل بين السياسة الأمريكية وأخرى الإسرائيلية فيما يتعلق بملف الصراع الفلسطيني والعربي الإسرائيلي، فلقد حقق الطرفان قدرا عاليا جدا من التطابق، إلى الحد الذي يفرض على التحليل السياسي، الحديث عن سياسة أمريكية إسرائيلية. المخططات الإسرائيلية الأمريكية، تمضي مستعجلة في إسقاط الحقوق الفلسطينية، التي تشكل جوهر المشروع الوطني، الواحد تلو الآخر. أسقط قرار ترامب حق الفلسطينيين التاريخي في القدس، بعد أن أسقطتها إسرائيل، وتسقط الولايات المتحدة وإسرائيل حق عودة اللاجئين، ويتجه الليكود عبر الكنيست لإسقاط ملف الحدود وأسقط التحالف الأمريكي والإسرائيلي عملية السلام وآلياتها، بدون أن تتوفر البدائل لإعادة إحيائها. كل المحاولات والمداولات والاتصالات، من تحت الطاولة ومن فوقها، لا يمكن أن تحدث فرقا ولا أن تجمل قبح المخططات الأمريكية الإسرائيلية. صفقة القرن انتهت إلى صفعة القرن، مما يفرض على الفلسطينيين فرضا بأن يقبلوا التحدي، وألا يستنزفوا المزيد من الوقت، الذي تستغله إسرائيل أبشع استغلال، في فرض الوقائع على الأرض التي تمعن في مصادرة كل الحقوق الفلسطينية. على الجهة المقابلة يسود المشهد الفلسطيني قدر من التشوش والارتباك، وحتى التباطؤ في تحديد الرؤية المستقبلية لمواجهة هذه التحديات الخطيرة المتزايدة. أكثر من شهر مضى على قرار ترامب بشأن القدس، لم تعقد خلاله اللجنة التنفيذية اجتماعا واحدا، حتى اليوم الذي سبق انعقاد المجلس المركزي في الرابع عشر من الجاري. ما صدر حتى الآن من قرارات عن اللجنة المركزية لحركة فتح أو عن المنظمة والسلطة، لم يتجاوز حدود الموقف الذي يتحدث عن أن الولايات المتحدة أقصت نفسها عن مسؤولية رعاية العملية السياسية، فضلا عن التمسك بحق الفلسطينيين في القدس عاصمة لدولتهم المنشودة.

حيرة واضحة تنتاب الفلسطينيين إزاء حقيقة مواقف الدول العربية، لا تبددها البيانات والإعلانات التي تصدر عن الاجتماعات العربية أو عن كل دولة على حدة. ثمة من لا يزال يشك في أن السلطة تبقي الباب مواربا على إمكانية أن تقدم الولايات المتحدة مشروعا مرضيا للفلسطينيين والإسرائيليين كما يقول الرئيس دونالد ترامب، وأن دولا عربية معينة تحاول تسويق هذا الوهم. نعلم أن المراجعة النقدية الجذرية والجريئة لمرحلة أوسلو وما نجم عنها من خيارات ونتائج، تنطوي على تعقيدات لا حصر لها، ونعلم مدى صعوبة إعادة تعريف المشروع الوطني وطبيعة المرحلة بما أنها مرحلة تحرر وطني. لكن كل ذلك لا يغفر للمجلس المركزي في حال اتخذ قرارات لا ترتقي إلى مستوى التحديات، أو أن يكتفي باتخاذ قرارات غير قابلة للتنفيذ مثلما وقع في دورته السابقة في آذار 2015. عموما المشهد الفلسطيني بائس إلى حد كبير فالهبات الشعبية ما تزال دون المستوى المطلوب مما يجعل إسرائيل تتبجح بقدرتها على استيعابها، والوحدة الوطنية ما تزال تراوح في مربع الجمود الذي ينتج عنه المزيد من الإحباط واليأس.

أوضاع الناس خصوصا في قطاع غزة، الذين تدعوهم البيانات السياسية للصمود ورفع مستوى التحدي والتضحية، هي أوضاع بائسة، والثقة بين كل الأطراف بعضها ببعض وكلها مع المجتمع الفلسطيني مضروبة وفي أدنى مستوياتها. وفي حين تفرض طبيعة المرحلة الجديدة، التي يتحدث الكل عنها، أن يظهر المشهد السياسي الفلسطيني موحدا، حتى لو حشر الكل الفلسطيني في قاعة واحدة، واشتبكوا مع بعضهم البعض، فإن إعلان حركتي حماس والجهاد الامتناع عن المشاركة في دورة المجلس يكرس المشهد الانقسامي. غير مقبولة كل الذرائع والمبررات التي تسوقها الحركتين، للامتناع عن المشاركة في اجتماعات المجلس فلا العودة للحديث عن قرارات اجتماع بيروت، ولا الاعتراض على مكان انعقاد الدورة، أو غياب آليات المشاركة الحقيقة، كل ذلك لا يبرر الغياب ولا يبرره أيضا أية حسابات سياسية. إن أول سلبيات هذا الغياب تكمن في الرسالة السلبية التي يتلقاها الجمهور الفلسطيني المعني بالصمود وخوض المقاومة الشعبية، وثانيها الرسالة السلبية التي تصدر للجماعة العربية، والجماعات الإسلامية والدولية خصوصا منها من سيتخذ من ذلك مبررا للتهرب من مسؤولياته إزاء الشعب الفلسطيني وقضيته. ليس بمقدورنا أن نتحدث عن المطلوب اتخاذه من قرارات من قبل المجلس المركزي، ولا أن نقيم ما يتخذه من قرارات قبل أن تصدر إلى العلن، لكننا ننتظر قرارات جذرية ذات طبيعة إجرائية قابلة للتنفيذ، على طريق التغيير المتدرج الذي ينبغي أن يشمل كل الوضع الفلسطيني وإلا فإن التاريخ لن يرحم أحدا، ولا سيرحمهم الشعب الفلسطيني.

غير أن أول وأهم هذه القرارات وأكثرها استعجالا، استعادة الوحدة، سواء لحركة فتح أو للحركة الوطنية برمتها.

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]