طلال عوكل يكتب: الفصل الثاني من مؤامرة الاستعمار الحضاري

 

الذرائع الانسانية والأخلاقية، التي تقف وراء قرار دول الاتحاد الأوروبي، بشأن توطين اللاجئين الفلسطينيين من خارج الأراضي المحتلة والأردن، لا يخفي الدوافع السياسية الاستراتيجية، التي تشكل الحلقة الثانية الأخطر من المخطط الاستعماري الذي وقف ويقف خلف نجاح الحركة الصهيونية.

الحلقة الأولى كانت من تصميم ورعاية ودعم الثنائي الاستعماري، فرنسا وبريطانيا، وأنتج تأسيس دولة إسرائيل عام 1948. اليوم دول الاستعمار الحضاري تعلن عن تجديد التزامها وعدم تخليها عن فكرتها ومخططاتها الأولى، وتعود لتتحمل مسؤولياتها إزاء حماية صنيعها، فتسعى لتبديد قضية اللاجئين بعد أن أبدى العرب والفلسطينيون استعدادهم لتقزيم هذا الملف، من خلال بند في مبادرة السلام العربية وينص على أن معالجة حق العودة يخضع للتفاوض.

الأوروبيون الذين اجتمعوا في بروكسل الأحد قبل الماضي، الثلاثين من الشهر المنصرم، اتخذوا قرارا واضحا وصارما بتقديم كل التسهيلات اللازمة لتجنيس اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في سوريا والعراق ولبنان وليبيا واليمن، وتحديدا ممن تعرضوا للتهجير القسري عام 1948. المخطط الذي يستهدف توطين اللاجئين ليس جديدا، وكان في الأصل يستهدف استيعابهم في المجتمعات العربية، انطلاقا من حالة التجانس، غير أن المحاولات لتحقيق ذلك تعرضت إلى فشل ذريع. رفض الفلسطينيون ذلك بقوة، ورفض العرب ذلك، لكن بعض العرب خلقوا الظروف والمناخات اللازمة، وبعضهم فرضت عليهم الظروف التعامل مع اللاجئين، بما يدفعهم رغما عنهم للبحث عن أماكن إيواء أقل خطرا.

الكل يتذكر القرارات التي اتخذها الرئيس اللبناني السابق الذي ذهب ضحية عملية اغتيال ، بشير الجميل ويمنع على الفلسطينيين بموجبها الحصول على أكثر من سبعين وظيفة أو مهنة أو عمل. قرارات الجميل ظلت نافذة حتى الآن رغم تبدل الظروف ورغم كل محاولات تخفيفها، الأمر الذي يشكل حافزا للاجئين في لبنان للبحث عن أية فرصة للتخلص من جحيم الحياة. في رد ممثل الاتحاد الأوروبي على الاحتجاج الشديد، الذي أبدته الجامعة العربية وبعض المؤسسات العربية، اتهم العرب بأنهم سبب معاناة اللاجئين الذين تعرضوا لأبشع أنواع الكراهية والاستبداد ومنع التنقل والعمل، والمطاردة بشكل مخز. الاستعمار الحضاري الذي يخلق الأزمة يحترق ألما وانسانية على ضحاياه من الفلسطينيين، ويتظاهر بانه المخلص لهم من عذاباتهم. هذه هي طريقة الاستعمار الحضاري الجديد، فهو يمعن في التعريض بجثث ضحاياه خدمة لمصالحه التي لا تزال ترى في وجود إسرائيل وقوتها، عاملا أساسيا للحفاظ على مصالحه وتحقيق المزيد منها.

لا يمكن لكل الادعاءات المزيفة أن تخفي الوجه البشع للاستعمار الحضاري الجديد، صاحب اليد المجرمة في ما تقاسي منه الدول العربية من صراعات دموية ومؤامرات تقسيمية ، أدرك الكثيرون منذ البداية أن قضية اللاجئين الفلسطينيين ستكون من أولى ضحاياه. ولكن من ناحية أخرى، فإن خطاب وسياسة الجماعة العربية بكل مسمياتها غير قادر على الصمود أمام اتهامات الاستعمار الحضاري الجديد. النظام الرسمي العربي، اتبع سلوكيات مجرمة بحق الفلسطينيين وكل ذلك بحجة منع اللاجئ الفلسطيني من الشعور بالاستقرار والاندماج في محيطه العربي حتى يظل متمسكا بحقه في العودة . الفلسطيني حامل الوثيقة أو الجواز متهم ومشبوه بحمله فيروس التمرد، والاستعداد للتخريب وعض اليد التي تمتد إليه، ولذلك يفضل بعض العرب تشغيل ملايين الأسيويين وعشرات آلاف الأوروبيين بينما لا يحصل الفلسطيني إلا على ما ندر من الفرص.

الفلسطيني في كثير من البلدان العربية، هو المشتبه به الأول حين تقع جريمة في مكان إقامته المؤقتة، وفي بعض الدول العربية بالكاد يحصل على تصريح دخول للعمل أو زيارة. لقد تعرض الفلسطينيون في مخيمات الشتات، إلى أبشع الانتهاكات وأسوأ الانتهاكات، حتى أصبحوا يلعنون انتماءهم العروبي. قاوم بشدة النظام العربي الرسمي اندماج الفلسطينيين في أماكن إقاماتهم العربية المؤقتة منعا لضياع حق العودة لكن هذا النظام لم يقاتل من أجل حق عودة الفلسطينيين إلى ديارهم الأصلية، فكان الكل متآمر على حق اللاجئ في العودة. وإذا كان الاستعمار الحضاري الجديد يستهدف اسقاط ملف حق العودة، فإنه أيضا يتواطأ على السياسات الإسرائيلية والأمريكية التي تستهدف إسقاط بقية الحقوق، وإلا لكان على دول الاتحاد الأوروبي الاعتراف بالدولة الفلسطينية. وبدلا من التكفير عما ارتكبته الدول الاستعمارية من جرائم بحق الشعب الفلسطيني وحقوقه، فإنها تمعن في ارتكاب المزيد من الجرائم سواء بإنكارها حقوق الفلسطينيين أو بمواصلة دعمها للسياسة الإسرائيلية التوسعية وتواطؤها مع الجرائم بحق الإنسانية التي ترتكبها إسرائيل.

يعتقد المستعمر الحضاري أن الفلسطيني يمكن أن يتخلى عن حقه في العودة إلى وطنه، ولكنه سيكتشف أن الفلسطيني هو الأكثر وفاء لجذوره وأرضه وقضيته، فلقد فشلت تنبؤات شمعون بيرز الذي راهن على أن ” الكبار يموتون والصغار ينسون”.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]