طلال عوكل يكتب: تكتيكات صغيرة لمواجهة استراتيجيات خطيرة

طلال عوكل

يتوهم من يعتقد أو يراهن على تراجع فريق اليمين المتطرف عن تنفيذ سياسة الضم، وتدمير كل إمكانية للعودة في اتجاه البحث عن سلام مجدٍ عبر المفاوضات. في الواقع فإن إسرائيل لم تتوقف عن فرض السيطرة والقانون الإسرائيلي على أنحاء مختلفة من الضفة الغربية بالإضافة إلى القدس. لا مجال للمراهنة على ضغط دولي يعترف بوجوده وقوته أردان الممثل الجديد لإسرائيل في الأمم المتحدة، ولا على تناقضات داخلية على مستوى التحالف الذي تتشكل منه الحكومة. كلا الحليفين الليكود وأزرق أبيض متفقان من حيث المبدأ على تنفيذ سياسة الضم، والالتزام أحادي الجانب بما ترتبه صفقة ترامب لإسرائيل، لكن الخلاف بينهما حول الآليات. الطبقة السياسية الحاكمة في إسرائيل، لا يمكن أن تضيع فرصة تاريخية، كالتي يتيحها وجود رئيس مثل ترامب، يتبنى ويدعم كل ما تراه إسرائيل مصلحة لها، خاصة وأن أحدًا لا يضمن فوزه في الانتخابات المقبلة قبل نهاية هذا العام. ما يسيل لعاب الطغمة الحاكمة في إسرائيل، هو واقع الحال الفلسطيني والعربي. الفلسطينيون منقسمون والعرب إما عاجزون أو أنهم يفصلون بين الموقف من الضم وبين ضرورة الاستمرار في تطبيع وتنمية العلاقات مع إسرائيل. لاشك أن الفلسطينيين يبذلون ما بوسعهم لحشد جبهة عالمية لإفشال سياسة الضم، لكنهم يفتقرون لإنجاز الخطوة الأولى الاستراتيجية المطلوبة لإفشال المخططات الإسرائيلية. الانقسام الفلسطيني لايزال يكسر الظهر، حتى لو اتفقت كافة الفصائل على موقف رفض ومجابهة سياسة الضم وكل ما يتصل بما يسمى صفقة القرن. إن إعادة توحيد المؤسسات الوطنية للشعب الفلسطيني، إن كان على مستوى منظمة التحرير أو السلطة أو مؤسسات المجتمع الأهلي والمدني، والاتفاق على استراتيجية وطنية موحدة، هو الجواب الأكيد على سؤال كل الأسئلة التي يثيرها الصراع الفلسطيني والعربي الإسرائيلي. في هذا السياق فإن اتفاق حركتي فتح وحماس، الذي أعلن عنه في مؤتمر صحفي كل من جبريل الرجوب وصالح العروري، لا يتجاوز البعد التكتيكي المحكوم بحدث ما، وهو إقدام إسرائيل على إعلان ضم جزئي أو كلي لحوالي ثلاثين في المئة من الضفة. الطرفان إتفقا على تنسيق الجهد والنشاط لمواجهة وإفشال سياسة الضم، ولكن لكل طرف أسبابه وأهدافه. حركة حماس تتطلع إلى أن يتوسع هامش حركتها ونشاطها في الضفة الغربية، وفتح تستثمر في هذا التوافق لإيصال رسالة تهديد لإسرائيل. عنوان الرسالة أن السلطة لن تتوقف فقط عن قرار وقف العمل بالاتفاقيات مع إسرائيل بما في ذلك التنسيق الأمني، وإنما ستتوقف عن القيام بمهمة ضبط ومنع أي عمليات ضد الوجود الإسرائيلي، الأمر الذي يعزز مخاوف بعض الجنرالات وقادة الأجهزة الأمنية من تبعات الإقدام على اتخاذ قرار الضم. وبالرغم من استمرار التصريحات الإيجابية التي تصدر عن مسؤولين في الحركتين، والحديث عن استمرار الصلة والحوار، إلا أن فتح في غزة تشكو من ملاحقة حماس لعناصرها، وتشكو حماس من ملاحقة السلطة لعناصرها في الضفة. إن كان لإسرائيل أن تخشى مثل هذا التوافق، حتى لو لم يمنعها ذلك من تنفيذ قرارات الضم، فإن الجمهور الفلسطيني لا يبدو مكترثًا لما جرى ويجري بين الحركتين، طالما أن الواقع الفلسطيني على حاله من الانقسام، خاصة وأن هذا الجمهور أصابه الملل من كثرة خيبات الأمل، هذا التوافق يتجاوز كل ما تضمنته اتفاقيات المصالحة السابقة، فلا شيء عن برنامج وطني مشترك، ولا على شراكة في المنظمة، ولا على حكومة واحدة ولا على انتخابات..إلى آخره.

في هذا السياق ينبغي أن ينتبه الفلسطينيون إلى الأفخاخ التي ينصبها بعض المسؤولين الأمميين، الذين يرفضون سياسة الضم ويعتبرونها خرقًا للقانون الدولي. الأمين العام للأمم المتحدة جوتيرتش كان قد تقدم بمبادرة في السياق الذي يخدم إسرائيل، حيث يقايض بين وقف تنفيذ الضم، مقابل موافقة الفلسطينيين على الذهاب إلى مفاوضات بدون مرجعية أو إطار سياسي. هذه مبادرة خطيرة لأنها من حيث المبدأ تدعو إلى تجاوز المرجعية القانونية التي أقرتها الأمم المتحدة وتعطي الأولوية لميزان القوى، وعلى أساس ما تدعيه إسرائيل من أن هذه الأرض متنازع عليها. نتفهم مدى تعقيد الأوضاع والحسابات الوطنية والعربية والدولية في هذه الظروف الصعبة، الأمر الذي يتطلب تكتيكات سياسية تحافظ على موقف دولي مناهض للسياسة الإسرائيلية ويعطي فرصة لتطويره، ولكن ثمة ما يستدعي خطوات متدرجة، تؤدي إلى إعادة بناء كل الحالة الفلسطينية لمواجهة سياسة التوسع والعنصرية الإسرائيلية، التي لا تقف عند حدود سرقة ومصادرة الأرض والحقوق، وإنما تذهب إلى تبديد الهوية الوطنية وتشريد الشعب الفلسطيني.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]