طلال عوكل يكتب: حلم جميل أم كابوسٌ مرعب؟!

 

مع أن مشاكل و أزمات العراق المتعددة لن تنته بإلحاق الهزيمة بتنظيم “داعش”، بدون أن تنجح الدولة المركزية، في تنظيف البلاد بالكامل من أنصار التنظيم، إلا أن إقليم كردستان فتح معركة جديدة، من شأنها أن تهدد وحدة البلاد وتعمق مآسي وأزمات العراقيين.

صحيح أن نظام البعث وقع في خطيئة كبرى، حين وقع في الفخ الذي نصبته له الولايات المتحدة الأمريكية، حين اعتقد أن الظروف أصبحت مواتية لغزو الكويت، وضمها لتكون المحافظة التاسعة عشرة، لكن الغزو الأمريكي للعراق، هو المتسبب الأساسي فيما عانى ويعاني منه العراق، الذي يزخر بتركيبته الطائفية التي تتجاوز كثيرا الطائفتين الرئيسيتين الشيعة والسنة.

كان نظام نور الدين المالكي، هو المسؤول بعد ذلك عن إخراج الفتنة الطائفية من قماقمها، ودفعها نحو حالة من الصراع المرير، الذي يصعب السيطرة عليه، ويفتح المزيد من الجراحات الغائرة التي تحتاج إلى وقت طويل حتى يمكن معالجتها. تنظيم الدولة الإسلامية كان قد تأسس ونشأ وترعرع في العرق، وفيه بنى طموحاته، وأسس دولته التي كان مركزها الموصل واستمرت لأكثر من ثلاث سنوات. في أزمان سابقة وحتى الآن كان العراق هو البلد الوحيد الذي يتواجد فيه الأكراد وحصلوا على حكم ذاتي تحقق بعد معارك طاحنة وتضحيات كبيرة. غير أن نظام البعث اتبع سياسة لتغيير الطابع الديمغرافي لإقليم كردستان، من خلال ما عرف بسياسة التعريب، حيث جرى نقل وإسكان عائلات بكاملها من جنوب العراق إلى الإقليم، وشجع على انتقال عائلات كردية إلى الجنوب وأماكن أخرى.

في الصراع بين العراق وتركيا، جرى استخدام الأكراد من قبل كل طرف ضد الآخر، ولكن القيادة الكردية واظبت على الإمساك بحلم الانفصال وإقامة الدولة القومية في العراق باعتباره الحلقة الأضعف. لم يكن للأكراد أن يقتربوا من تحقيق هذا الحلم القومي، إلا في ظروف ضعف وتفكك البلاد بعد الغزو الأمريكي للعراق. وعلى الرغم من أن الأكراد حققوا الكثير من الامتيازات لتعزيز سلطة الحكم الذاتي، في ظل النظام الفيدرالي الجديد، إلا أنهم ما كانوا ليكتفوا بذلك. الصيغة الفيدرالية حققت للأكراد الحصول على موقع رئيس الجمهورية، ومواقع سيادية في الحكومة والبرلمان، وحكومة وبرلمان ورئيس للإقليم، لكنهم قرأوا المتغيرات في العراق ومن حوله بطريقة تبدو على أنها تهدد بالإطاحة بحلمهم التاريخي. من حيث المبدأ، فإن الأكراد كأقلية قومية من حقهم أن يحصلوا على حق تقرير مصيرهم بأنفسهم، لكن الظرف التاريخي يبدو معاندا لإمكانية تحقيق ذلك في هذا التوقيت وفي مثل هذه الظروف.

ما فعله الأكراد حين أصروا على إجراء الاستفتاء، يشبه إلى حد كبير، من يعول فقط على شرعية صناديق الاقتراع، التي لا تكفي وحدها لتحقيق شرعية معترف بها. فقط إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي أعلنت تأييدها للاستفتاء والانفصال، والوجود الاستخباري الإسرائيلي في شمال العراق قديم بقدم الصراعات والمعارك، التي عرفها الإقليم حتى في زمن نظام البعث. تعتقد إسرائيل التي ترفض حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، أن بإمكانها أن تنجح في تقسيم العراق على غرار نجاحها في تقسيم السودان حيث أقامت لها قواعد هامة في جنوبه وعلى تخوم منابع نهر النيل. عدا عن ذلك فإن العالم كله تقريبا رفض القبول بالاستفتاء ونتائجه، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية، التي تقف وراء مخطط إعادة تفكيك وصياغة جغرافيا الشرق الأوسط. ما يجري في شمال العراق حيث توجد ثروات نفطية هائلة أهمها في كركوك وخانقين، يثير مخاوف حقيقية لدى تركيا التي يتواجد فيها العدد الأكبر من الأكراد، وإيران و سوريا بالإضافة للعراق، حيث ستشكل الدولة الكردية نقطة الانطلاق نحو صراع يستهدف إقامة الدولة الكردية الكبرى على حسابات جاراتها.

المغامرة كبيرة والأرجح أن يخضع الإقليم لحصار شديد، حيث أن مداخله ومخارجه، مسيطر عليها من قبل الدول التي يتواجد فيها الأكراد، خصوصا وأنه يفتقر إلى المنفذ البحري. في الواقع فإن عزلة إقليم كردستان العراق، تعود إلى طبيعة تشابك المصالح في الإقليم الأوسع مع البعد الدولي، فأمريكا لا تغامر في إغضاب تركيا العضو في الأطلسي، وروسيا لا تغامر في إغضاب الحليف الإيراني، هذا فضلا عن تشابك مصالح أمريكا والغرب مع العراق. هناك في تلك الزاوية من الإقليم ستنشب معارك طاحنة قد أعد الأكراد العدة لها، وسينشأ تحالف مصالح فعلي بين العراق وتركيا وإيران وحتى سوريا. يعتقد الأكراد أن توسعهم في شمال العراق حتى خارج مناطق تواجدهم، إلى محافظات أخرى قد يساعدهم على إجراء حوار ينتهي بمساومات تؤدي إلى قبول الدولة المركزية بإقامة دولتهم في حدود إقليم كردستان، ولكن لا يبدو أن ثمة إمكانية لمثل هذه المعادلة.

الموضوع اليوم هو إما أن يكون العراق عراقا موحدا أو لا يكون، فنجاح الأكراد سيفتح شهية الطائفية على المزيد من الصراعات.. فضلا عن أن سؤال الوجود سيكون مطروحا بقوة على جاراته، مما يعني أن الانفجار الكبير قادم لامحالة.

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]