طلال عوكل يكتب: سباق ماراثون التطرف

 

فيما يتباطأ الرد الفلسطيني على القرار الأمريكي، الذي تعترف بموجبه الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارتها إليها، تصعد إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وحكومة إسرائيل اليمينية المتطرفة من سياساتهما العدوانية على الشعب الفلسطيني وحقوقه، وعلى قرارات الشرعية الدولية. القرار الذي أعلنه ترامب في السادس من ديسمبر الماضي، شكل انقلابا متأخرا على كل نهج البحث عن السلام، وإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من خلال المفاوضات. في هذا الخصوص فإن ترامب أعاد تعريف الولايات المتحدة وسياساتها بما أنها دولة تقف على رأس الاستعمار الجديد، الذي يبحث عن مصالحه، على حساب فقر الشعوب وحرياتها. ولقد شكل ذلك الانقلاب الذي انتظره اليمين الإسرائيلي المتطرف، حتى يكشف هو الآخر عن طبيعة مخططاته التوسعية التوراتية والعنصرية، فرصة لإسرائيل لكي تعيد تعريف ذاتها وهويتها، كمشروع استعماري وظيفي لا تقف حدود دوره وأهدافه عند حدود أرض فلسطين التاريخية وما فوقها وما تحتها. ثمة من يعتقد بأن القرار الأمريكي سيدفع إسرائيل نحو مصادرة أرض الجولان السوري، إذ لم يعد لدى إسرائيل ما يبرر التردد في إعلان ضم الجولان، طالما أن الولايات المتحدة تقف بالباع والذراع إلى جانب الدولة العبرية.

الإدارة الأمريكية التي أعلنت عبر قرارها بشأن القدس عن تحديها للمجتمع الدولي ومؤسساته المسؤولة عن السلام والأمن الدوليين، أخذت تكشر عن أنيابها، لفرض جوهر صفقة القرن التي تسعى إليها الولايات المتحدة، وبما يتطابق مع السياسة الإسرائيلية. لا تتورع أمريكا عن استخدام سلاح المال والضغط على السلطة الوطنية الفلسطينية وابتزازها سياسيا حتى لا تخرج عن الإطار الذي تحدده المصالح الإسرائيلية الأمريكية المشتركة. فعدا عن تهديد الإدارة الأمريكية بوقف المساعدات التي تقدمها للأونروا، والسلطة الفلسطينية، فإن مثل هذه الإدارة لا تتورع عن مواصلة التصعيد من خلال الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية. كل ذلك والسلطة ما تزال عند محاولات تلمس الرد على السياسات الأمريكية الإسرائيلية، حيث وقف الرد عند إدانة الموقف الأمريكية والحصول على قرارات بأغلبية كبيرة في الأمم المتحدة لصالح الفلسطينيين، فضلا عن الإعلان عن أن الولايات المتحدة لم تعد مؤهلة لإدارة عملية السلام. الموقف الفلسطيني حتى اللحظة يفتقر للوضوح المطلوب، الذي يستدعيه هذا الانقلاب الخطير في مجريات السياسة الأمريكية الإسرائيلية، والذي يستوجب إعادة تعريف المشروع الوطني الفلسطيني وأدوات وأشكال النضال. الانقلاب الأمريكي الإسرائيلي يفرض على الفلسطينيين فرضا مراجعة وإعادة تعريف طبيعة المرحلة، ووضع استراتيجيات وطنية جامعة، والبحث في خيارات بديلة تتناسب والتطورات الجارية. ومع تردد وتباطؤ الموقف الفلسطيني الشامل، يبقى الموقف العربي والإسلامي أيضا رهن الانتظار والتردد إذ لا يمكن لأي من هذه الدوائر أن تقرر سياساتها تجاه السياسات الأمريكية الإسرائيلية قبل أن تفعل ذلك القيادات الفلسطينية. في مثل هذه المرحلة وما تحمله من مخاطر استراتيجية على الحقوق الفلسطينية والعربية لا يمكن العودة لسياسات الهروب نحو الجماعة العربية لاتخاذ سياسات ومواقف يختفي وراءها الموقف الفلسطيني لتبرير المزيد من العجز والإرباك الذي تتسم به السياسة الفلسطينية. في إسرائيل تتسارع وتيرة التصعيد، ليس فقط على جبهة التوسع الاستيطاني في الضفة، وتهويد القدس، والتهديد المتواصل لحسم معركة المسجد الأقصى، وإنما أيضا بتسارع انزياح إسرائيل عبر المزيد من التشريعات والقوانين نحو العنصرية.

كأنه يسابق الزمن، يجتمع الكنيست الإسرائيلي خلال ثلاثة أيام، فيقر قانون القدس الموحدة، الذي يمنع أي حكومة من التفاوض على المدينة أو التنازل عن أي جزء منها. ثم يقر بالقراءة الأولى بأغلبية أربعة وخمسين صوتا، مشروع قانون يعطي للقضاء بالأغلية إصدار أحكام بالإعدام بحق فلسطينيين يتهمون بقتل إسرائيليين. وخلال الأيام الثلاثة في بداية العام الجاري يتخذ مؤتمر الليكود بالإجماع قرارا يقضي بتقديم مشروع قانون للكنيست، لضم الجزء الأكبر من الضفة الغربية. يترافق ذلك مع تنافس بين الكتل السياسية في الحكومة على من يفوز بجائزة الأكثر تطرفا، فالقرار الأول قدمه نفتالي بنيت زعيم البيت اليهودي والثاني ليبرمان زعيم إسرائيل بيتنا، والثالث يقدمه الليكود الذي يقود الحكومة.

تتسارع وتائر التطرف الإسرائيلي، استغلالا لسياسة واشنطن وخشية أن تتراجع عن قراراتها واستغلالا للأوضاع العربية المتردية، و لوضع أسس وقيود اللعبة السياسية التي تغيرت قواعدها. في ضوء ذلك لا يفيد الفلسطينيين الانتظار والتردد، والحلول والمواقف الجزئية، سواء فيما يتعلق بالوحدة الوطنية، أو فيما يتعلق بالخيارات والاستراتيجيات التي يفترض أن تنسجم وطبيعة التطرف الأمريكي الإسرائيلي.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]