طلال عوكل يكتب: عدوان أم اعلان ولادة نظام دولي جديد؟

 

 

تثير السخرية التصريحات التي تصدر عن مسؤولين كبار في دول العدوان الثلاثي علنيا، والرباعي فعليا بدون تفويض أو قرارات من الأمم المتحدة التي تمثل المجتمع الدولي. يتحدث هؤلاء بلسان المجتمع الدولي، ومن موقع الحرص على الإنسان السوري، ودفاعا عن البشرية التي تدعي هذه المجموعة حرصها على حمايتها من الأسلحة الكيماوية. التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ويضم كلا من بريطانيا وفرنسا علنيا وإسرائيل من خلف الستار، كان قد بادر لتصعيد التوتر مع روسيا قبل العدوان على سوريا. تدعي بريطانيا واستنادا إلى تحقيقاتها الخاصة وبدون الاستماع لادعاءات روسيا أن الأخيرة تتحمل المسؤولية عن تسميم العميل المزدوج سكريبال وعائلته، باستخدام غازات كيماوية، يكون ذلك سببا في ارتكاب مجزرة دبلوماسية. الولايات المتحدة التي تسعى لاستعادة مجد زائل وتقاوم خسارتها لما تعتقد أن الزمان يؤهلها لأن تظل متربعة على عرش نظام دولي تترأسه، تتنطح قبل الكل فتطرد ستين دبلوماسية روسيا، وتغلق القنصلية الروسية في سياتل. تتبعها أكثر من عشر دول أوروبية، تتجدد مخاوفها القديمة قبل انهيار الاتحاد السوفيتي، من صعود نجم روسيا والصين على الحلبة الدولية، وتصارع الدولتان في ظل ظروف مختلفة، من أجل اعادة بناء نظام دولي متعدد القطبية.

تستطيع الولايات المتحدة، اعادة ترميم وتجميع علاقاتها وتحالفاتها مع الدول الرأسمالية الغربية، بالرغم من امتعاض واعتراض الأوروبيين على بعض السياسات والمواقف الأمريكية سواء في مجال الأمن والحماية أو في مجال التجارة البينية والسياسة، ذلك أن الخطر القادم من الشرق يحظى بالأولوية في العلاقات الدولية وفي الصراع على المصالح. أرادت الدول الرأسمالية الاستعمارية التفرد بإعادة تصميم خارطة الشرق الأوسط تحت عناوين تدل على طبيعة المخططات التي تستهدف تقسيم الدولة الوطنية وإعادة توزيع الثروة وتغيير الأولويات. كان الارهاب الذي ساهمت الولايات المتحدة في صناعته وتضخيمه، الذريعة التي فتحت الأبواب واسعة أمام التدخل المباشر العسكري وغير العسكري لعشرات الدول على المستويين الدولي والإقليمي وكانت النتيجة كما نراها اليوم. في ظل هذا الصراع المرير والتكالب على المصالح، ما كان لروسيا ان تقف متفرجة أمام امكانية نجاح الغرب في إكمال الطوق من الجنوب احياء لاستراتيجيات سابقة لم يغادرها الغرب.

دخول روسيا إلى الميدان السوري بطلب رسمي من النظام شكل نقطة فارقة حيث نجح النظام السوري وحلفاؤه في الامساك بموازين القوى بفضل الغطاء الجوي والغطاء السياسي الروسي، الذي ساعد النظام وحلفاؤه على تحقيق نجاحات ملموسة في الحرب على الإرهاب والجماعات المسلحة.

بعد أن كان ترامب قد أعلن أنه سيتخذ قرارا بالانسحاب من سوريا الأمر الذي عمق المخاوف الإسرائيلية من تعزيز ايران لوجودها بالقرب من الحدود عاد ترامب وبتحريض اسرائيلي مكشوف لاستعراض قوة يستهدف في الأساس توجيه رسالة لروسيا من أنها لا تستطيع أن تنفرد بالسيطرة على هذه المنطقة. على أن الرسالة جاءت ضعيفة وغير مثمرة لأن طبيعة التصريحات التي أطلقها ترامب و وزراءه وحلفاءه كانت قبل فجر السبت الرابع عشر من الجاري توحي وكأن الحرب العالمية ستنطلق من هنا. ومع أن روسيا أظهرت تحديا قويا لتصريحات ترامب و حلفائه قبل العدوان على سوريا إلا أنها بدت وكأنها قبلت بالصفعة الثلاثية .

السفير الروسي في الولايات المتحدة قال أن هذا العدوان يشكل اهانة للرئيس بوتن، لكن الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية اكتفى بالتوصيف وامتنع عن إطلاق أي تهديدات.

لنا أن نفهم من ذلك أن روسيا لن تتسامح مع هذه الإهانة لرئيسها وسياستها، على الرغم من أن الضربة العسكرية محدودة ولا تنقذ ترامب من الاتهامات والانتقادات التي سيتلقاها بسبب نزوله عن أعلى الشجرة بهذه الطريقة السخيفة، التي يقرأها الاسرائيليون على أنها اشارة واضحة على أن اسرائيل لا تستطيع الاعتماد على الولايات المتحدة لحماية نفسها من ردود الفعل التي ستأتي لاحقا من النظام وحلفائه.

انتهى الرد العسكري لأمريكا وحلفائها قبل أن تبدأ لجان التحقيق الدولية عملها لفحص مدى صحة المزاعم التي تتهم سوريا باستخدام الأسلحة الكيماوية، فلقد أفقد العدوان الحاجة للتحقيق بعد أن تلقت سوريا العقاب. يذكرنا هذا بالادعاءات الأمريكية التب سبقت غزو العراق والإطاحة بنظام البعث، فلقد انكشف لاحقا المخطط بعد أن اتضح أن الولايات المتحدة أصدرت تقارير كاذبة حول امتلاك النظام العراقي لأسلحة دمار شامل. ما جرى يوم السبت من عدوان على سوريا مجرد حلقة من سلسلة سياسات ومواقف تشير إلى عودة أجواء الحرب الباردة، وتشكل نظام دولي جديد متعدد الأقطاب والأرجح أن يتبع ذلك العدوان رد ما في مكان ما وبطريقة ما على الصفعة التي تلقتها روسيا وبدا وكأنها استوعب الدرس.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]