طلال عوكل يكتب: محاولات تقويض حق العودة والإطاحة بواجب الصمود
محاولات تقويض حق العودة والإطاحة بواجب الصمود طلال عوكل في مقالتي السابقة للغد، كتبت عن الفصل الثاني من مخطط ( الاستعمار الحضاري)، الذي يستهدف تبديد حق عودة اللاجئين الفلسطينيين، بعد أن نجح الاستعمار القديم في إقامة دولة إسرائيل. لم أكن بطبيعة الحال لأتجاهل دور العرب في تسهيل نجاح مخطط الاستعمار الحضاري من خلال سياساتهم السيئة إزاء التعامل مع اللاجئين، وتوفير دوافع الهجرة، بحثاً عن خلاص مؤقت، أو ملجأ آمن. لم أتطرق في تلك المقالة لدور الأوضاع الفلسطينية، في تعزيز دوافع الهجرة، متقصداً معالجتها في هذه المقالة، نظراً لخطورة وتأثير هذا الدور.
يمكن للبعض أن يسجل على السياسة الرسمية الفلسطينية تساهلها، إزاء ملف حق العودة لصالح التركيز على حق إقامة الدولة على الأراضي المحتلة، عام 1967. يذهب البعض إلى اتهام السياسة الرسمية الفلسطينية، بأنها تنازلت عن هذا الحق، أو أنها قدمت إشارات واضحة أو متكررة تشي باستعدادها للتساهل في التعامل مع هذا الملف ، خصوصاً وأنها أعطت موافقتها على مبادرة السلام العربية ، التي نصت على حل متفق عليه. غير أننا عملياً لا نستطيع اتهام القيادة الرسمية بالتنازل عن هذا الحق، طالما أن العملية السياسية تغرق في وحل الفشل. غير أن هذا الملف برمته لا يخضع فقط لما يمكن أن تسفر عنه المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، حتى لو قيض لها أن تحظى بفرصة جديدة لاستئنافها، وهو أمر يلفه الشك.
في الواقع فإن الأداء الفلسطيني خطير، سواء فيما يتعلق باللاجئين في مخيمات الشتات والمهاجر، أو فيما يتعلق بالفلسطينيين عامة وليس اللاجئون فقط في الأراضي المحتلة عام 1967. إزاء الشتات تجاهلت منظمة التحرير الفلسطينية مسؤولياتها ودورها إزاء حقوق ومعانيات اللاجئين الذين تعرضوا للتجويع والترويع والقتل والملاحقة. الفلسطينيون في لبنان تعرضوا لكل أنواع وأشكال البطش والعزل، والمنع من العمل، وممارسة أبسط الحقوق، منذ أن خرجت قوات منظمة التحرير من لبنان عام 1982، وتعرض صبرا وشاتيلا لمجزرة بشعة. بعد ذلك أدت الصراعات العربية، لتهجير نحو أربعمائة ألف فلسطيني من الكويت. ثم تلا ذلك الغزو الأمريكي للعراق، وتهجير نحو أربعين ألف لاجئ فلسطيني. الصراعات التي تشهدها المنطقة العربية منذ أحداث الربيع العربي، أدت إلى تهجير نحو أربعين ألف لاجئ فلسطيني من ليبيا، ثم انظروا ما يحصل لحوالي ستمائة الف لاجئ في سوريا، وأي مصير ينتظرهم بعد تدمير مخيماتهم. هل يمكن اعتبار ما تعرض له اللاجئون في الشتات، على أنه نتيجة طبيعية لأحداث لا يتحمل الفلسطينيون أية مسؤولية عنها، أم أن المنظمة تتجمل جزءاً لا بأس به من المسؤولية، وأنها تجاهلت وجود مخططات تستهدف تبديد اللاجئين، وتبديد حقهم في العودة؟ يمكن للبعض أن يجادل في هذه المسألة من موقف الدفاع عن السياسة الفلسطينية، ولكن ماذا لو أننا وسعنا دائرة البحث للوقوف على هذه السياسة ونتائجها إزاء الفلسطينيين بعامه في الأراضي المحتلة عام 1967؟.