طهران تكشف عن روائع فنية غربية مخبأة منذ عقود

تم الكشف عن بعض الأعمال الأكثر قيمة للفن الغربي المعاصر في العالم لأول مرة منذ عقود – في متحف طهران للفن المعاصر.

في ظهيرة أحد أيام شهر أغسطس/ آب الأخيرة، كان نقاد الفن والطلاب سعداء حول جدارية مارسيل دوشامب الشفافة لعام 1915، ”الزجاجة الكبيرة”، والتي فُسرت على أنها استكشاف للإحباط الجنسي.
حدقوا في تمثال نادر يبلغ ارتفاعه 4 أمتار (13 قدمًا) بدون عنوان للرائد الأمريكي في المدرسة الحدنوية دونالد جود وواحدة من أشهر أعمال سول ليويت، ”المكعب المفتوح”، من بين أعمال مهمة أخرى. تمثال جود يتكون من مجموعة من الألواح النحاسية والألومنيوم المطلية، والذي من المحتمل أن يساوي ملايين الدولارات.
قال باباك بهاري، 62 عامًا، الذي كان يشاهد المعرض المؤلف من 130 عملاً للمرة الرابعة منذ افتتاحه في أواخر يونيو/ حزيران، ”إعداد عرض بهذا الموضوع ومثل هذه الأعمال خطوة جريئة تتطلب الكثير من الشجاعة… حتى في الغرب، تقع هذه الأعمال في قلب المناقشات والحوار”.
قامت حكومة الشاه الإيراني، محمد رضا بهلوي، وزوجته، الإمبراطورة السابقة فرح بهلوي، ببناء المتحف وحصلوا على المجموعة التي تقدر بمليارات الدولارات في أواخر السبعينيات، عندما ازدهر النفط وركدت الاقتصادات الغربية. عند الافتتاح، عرضت أعمالًا مثيرة لبابلو بيكاسو، ومارك روثكو، وكلود مونيه، وجاكسون بولوك، وغيرهم من الشخصيات ذات الوزن الثقيل، مما عزز مكانة إيران الثقافية على المسرح العالمي.

لكن بعد عامين فقط، في 1979، أطاح رجال الدين الشيعة بالشاه وأخذوا القطع الفنية في قبو المتحف. بقيت بعض اللوحات – التكعيبية والسريالية والانطباعية وحتى الفن الشعبي – على حالها لعقود لتجنب الإساءة للقيم الإسلامية وتلبية الحساسيات الغربية.

لكن أثناء ذوبان الجليد في سياسات إيران المتشددة، بدأ الفن في الظهور مرة أخرى. في حين أن لوحات آندي وارهول عن البهلويين وبعض العراة المختارة لا تزال مخبأة في الطابق السفلي، فقد تم إحضار الكثير من مجموعة وارهول وسط جلبة كبيرة مع تخفيف القيود الثقافية في إيران.
استحوذ معرض الحدونية، الذي يضم 34 فنانًا غربيًا، على اهتمام خاص. قال المتحف إن أكثر من 17000 شخص قاموا بزيارته منذ افتتاحه – ما يقرب من ضعف الإقبال على العروض السابقة.
ينسب القيم الفني بيهرانغ سامادزاديغان الفضل إلى الاهتمام المتجدد مؤخرًا بالفن المفاهيمي، والذي صدم الجماهير لأول مرة في الستينيات من خلال الرسم عن الموضوعات السياسية وإخراج الفن من المعارض التقليدية إلى العالم الأوسع.
وقال المتحدث باسم المتحف حسن نوفيرستي، إن حجم الحشود القادمة للمعرض، الذي يستمر حتى منتصف سبتمبر/ أيلول، يظهر التشويق في تجربة روائع حديثة مخفية منذ فترة طويلة.
كما أنه يشهد على الشهية الدائمة للفن بين جيل الشباب في إيران. أكثر من 50 بالمائة من سكان البلاد البالغ عددهم 85 مليون نسمة تقل أعمارهم عن 30 عامًا.
رغم عزلة بلادهم العالمية العميقة، والمخاوف من أن الحريات الاجتماعية والثقافية المحدودة بالفعل قد تتعرض لمزيد من التضييق في ظل الحكومة المتشددة المنتخبة قبل عام، فإن الشباب الإيراني يستكشفون عالم الفن الدولي بشكل متزايد على وسائل التواصل الاجتماعي. وصالات العرض الجديدة تطن بالرواد. مدارس الفنون والعمارة مزدهرة.
قال محمد شاهسافاري، طالب هندسة معمارية يبلغ من العمر 20 عامًا، وهو يقف أمام هيكل مكعب لويت: ”هذه أعمال فنية جيدة، لا تريد تقليدها. بدلاً من ذلك، تحصل على الإلهام منها”.