قلة قليلة هي من تمتلك المهارة للقدرة على تطويع الطبيعة في أعمال حرفية تعود عليها بمردود مادى بسيط من أجل مواجهة صعوبة الحياة في قطاع غزة المحاصر منذ ثلاثة عشرة عامًا من قبل الاحتلال الإسرائيلي.
تعد مهنة “الخوّاص” واحدة من المِهن التراثية القديمة، وتقوم على جمع أوراق النخيل التي تُجدل مع بعضها البعض، بطريقة تضيق أو تتسع حسب نوعية المنتج، وتقوم بها النساء غالبًا ويتم تناقلها بالوراثة بين الأجيال.
عائلة المنايعة من مدينة دير البلح وسط قطاع غزة استطاعت المحافظة على مهنة “الخواص” من خلال تشجيع أفرادها على تعلمها، عن طريق توفير الأغراض المطلوبة للعمل من الطبيعة المحيطة بهم، أو داخل منزلهم، الذي تتواجد به العديد من أشجار النخيل.
الشقيقان سلمان ومحمد المنايعة، ورثا مهنة الخواص عن والدتهما، و استطاعا تطويع “سعف النخيل”، لمشغولات يدوية تدر عليهم دخلا ماديا، وفي الوقت
نفسه يحافظان على مهنة تراثية فلسطينية شارفت على الاندثار ولم يعد أحد يهتم بمهنة”الخواصة” التي تقوم على صناعة مشغولات يدوية من سعف النخيل.
ويوضح الشقيق الأكبر محمد 42 عامًا أن مهنة الخواصة حرفة تراثية فلسطينية يتوارثها الأجيال، وأنه وشقيقه تعلما هذه المهنة من والدتهما واستطاعا الاستمرار والربط بين ماضي الأجداد وحاظر الأبناء والأحفاد، لتجسيد أصالة وعراقة الشعب الفلسطيني في الحفاظ على تراثه الذى يعمل الاحتلال الإسرائيلي محاربته.
محمد من الأشخاص الذى احترفوا المهنة الشعبية الفلسطينية القديمة وهي”الخواصة”، قائلا في حديث لقناة الغد: “بدأت في هذه المهنة منذ أن كان عمرى 14 عامًا، تعلمت هذه المهنة وما زلت أمارسها، وسأعمل على أن يتعلمها أولادنا من بعدنا”.
وحول آلية صناعة المنتجات الحرفية من سعف النخيل أوضح محمد أنه يتم جميع ألياف سعف النخيل، ومن ثم وضعه في الماء حتى يسهل تطويعه من أجل تشكيليه في المنتج، حيث نقوم بصناعة “مروحة يدوية- السلال – الحصير- مفارش للطعام تسمى السرود، وغيرها من المشغولات التراثية الفلسطينية”.
إلا أن تلك المهنة ليست سهلة وتواجه صعوبات كبيرة جدًا، ويقول سلمان 38 عامًا: “هذه المهنة تواجه الكثير من الصعاب، مثل الترويج لها، خاصة أن هناك منافسا لها وهى الصناعات الحديثة، كذلك لا يوجد داعم لهذه الحرف، فهي موسمية”.
وحول أسعار المنتج قال سلمان: “تتراوح أسعار المنتج بين 10 و30 دولارًا، حسب حجم القطعة المراد بيعها، والداعم الوحيد يكون فقط حينما تشارك بمعارض تراثية، ولكن نحن بحاجة لتسويق هذه المنتجات للخارج، فالسوق المحلية لا تكفى وحدها، رغم وجود محبي كثر للمنتجات اليدوية التي تتطلب مهارة وإتقانًا في صناعتها”.
ويأمل الشقيقان المنايعة في إيجاد حاضنة للأعمال التراثية الفلسطينية، والاهتمام بها خوفًا من الاندثار، وكذلك لمواجهة تحديات الاحتلال الإسرائيلي الذى يفرض القيود على المنتجات التراثية الفلسطينية، ويعمل على محاربتها.
