ضمن إطار التحقيقات الجارية حول محاولة الانقلاب الفاشلة التي جرت في تركيا منتصف تموز/ يوليو الماضي، تكثف سلطات التحقيق في العاصمة أنقرة جهودها، لضبط عادل أوكسوز، في محاولة جادة، لمحو كل آثار جماعة الخدمة المدنية، التي أسسها ويشرف عليها رجل الدين المعارض “فتح الله جولن”، والذي يعده الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، المسئول الأول عن العصيان العسكري الذى لم يستمر سوي ساعات محدودة .. فمن هو “عادل أوكسوز” الذي تصفه الجهات الأمنية بالصندوق الأسود لمنظمة غولن؟
أمر اعتقال بعد إخلاء سبيله لعدم كفاية الأدلة
منذ 45 يومًا استنفرت أنقرة طاقاتها الأمنية لضبط وإحضار عادل أوكسوز، بداعي أنه أهم الأشخاص الذين خططوا لمحاولة الانقلاب، وكانت السلطات التركية تمكنت من توقيف أكسوز ليلة وقوع محاولة الانقلاب، خلال وجوده بقاعدة أكينجي العسكرية التي اتخذها الانقلابيون مقرا رئيسيا إدارة محاولة الانقلاب الفاشلة.
وأشارت الوكالة التركية إلى أن قوات الأمن ألقت القبض صباح 16 يوليو الجاري، على الأستاذ المساعد “عادل أوكسوز” في ولاية سقاريا، بالقرب من قاعدة “أكينجي” الجوية في العاصمة أنقرة.
وأضافت الوكالة التركية أن “أوكسوز” الذي ثبت عودته من الخارج إلى البلاد قبل الانقلاب بيومين، واستطردت الوكالة “عثرت قوات الأمن التركية خلال عملية تفتيش مكتب “أوكسوز”، بكلية الشريعة في جامعة سقاريا، على كتاب “تلال زمرد القلب” لـ “جولن”، في درج بطاولته.
وخلال إفادته التي أدلى بها أوكسوز قال أنه توجّه من ولاية سقاريا إلى العاصمة قبل محاولة الانقلاب بيوم واحد وبات تلك الليلة في منزل بمنطقة “كجي أوران”، واستقل سيارة أجرة للانتقال إلى منطقة “قازان” التي تتواجد فيها قاعدة أقنجي العسكرية، وأنه جاء إلى المنطقة بغرض شراء قطعة أرض.
وهو ما دفع القاضيين كوكسان جليك، وجتين سونماز إخلاء سبيله بداعي عدم توفّر الأدلة الكافية التي تثبت تورطه في محاولة الانقلاب، ليختفي بعد ذلك وتبدأ عملية البحث عنه داخل الأراضي التركية، فيما قامت هيئة القضاء الأعلى في تركيا بإبعاد القاضيين عن عملهما مؤقتا بسبب إخلاء سبيله.
البحث عن إبرة في كومة قش
وبحسب السلطات التي تتولي التحقيق فقد اتضح فيما بعد أنّ إفادة أوكسوز التي أدلى بها كانت كاذبة وأنّ أجهزة الشرطة علمت بأنّ المنزل الذي ادعى أوكسوز إقامته فيه كان مهجورا، ولم يقطنه أحد منذ فترة طويلة، إضافة إلى أنه ادعاءاته بخصوص استئجار سيارة أجرة للانتقال إلى قازان، كذلك كانت كاذبة، لأنّ التحقيقات أوضحت بأنّ منطقة قازان لم تأتها سيارة أجرة في ذلك اليوم.
https://www.youtube.com/watch?v=Jo0IgnoS_xw
وتلقت الشرطة معلومات عن توجّه أوكسوز إلى ولاية أقسراي عقب إخلاء سبيله مباشرة، وأجرت فرق الشرطة في الأول من أغسطس/آب تفتيشا في منزل والد زوجته الكائن في منطقة أقيازي، وعثرت في مرآب المنزل على سيارة أوكسوز، كما أوقفت السلطات التركية في 3 آب/ أغسطس شقيق أوكسوز “أحمد أوكسوز” البالغ من العمر 44 عاما في ولاية قرة بوك، وفي 13 أغسطس/آب تمّ توقيف جواد يلدريم والد زوجته في ولاية سقاريا. وتبيّن خلال التحقيقات أنّ أوكسوز أرسل زوجته وأولاده الثلاثة إلى الولايات المتحدة الأمريكية قبل محاولة الانقلاب بشهر، ليقيموا في منزل والد زوجته “عبد الهادي يلدريم”. وفي 9 أغسطس/ آب أوقفت السلطات التركية الصحفي أردال شن وعلي سامي يلدريم المعروف بإمام روسيا بتهمة تسترهما على أوكسوز ومساعدتهما له بالفرار.
وكلفت الداخلية التركية مديرية أمن أنقرة بتشكيل فريق خاص مكون من عناصر مكافحة الإرهاب وعناصر استخباراتية وعدد من قوات مكافحة الجريمة المنظمة بهدف إلقاء القبض علي أوكسوز، والذي يتوقع اختباؤه في أحد المنازل التابعة لجماعة الخدمة المدنية.
وبحسب فريق البحث فقد عثر مواطنون أتراك يوم 29 أغسطس/ آب على حفرة في قطعة أرض بجانب نهر في حي جلدرلار في منطقة أقيازي بولاية سقاريا، وقاموا بإبلاغ الجهات الأمنية، والتي استوضحت أمره لتعلن أنّ المأوى يبلغ مساحته 9 أمتار مربعة وارتفاعه 1.5 متر، وأنّه حُفره قبل فترة زمنية قصيرة، وعثرت الجهات المعنية بداخله على آلات تستخدم في أغراض حفرية إضافة إلى قميص وزجاجة ماء.
وحتي الآن لم تعثر السلطات التركية علي إشارة يمكن استخدامها للعثور علي أكسوز المعروف بـ”إمام القوات الجوية” لدى المنظمة، إلا أن صحيفة “USA Today” الأمريكية نشرت ضمن تغطيتها للحملة الانتخابية لمرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون تضمن معلومة جديدة حيث تبين أن عادل أكسوز قد أسس في ولاية نيو جيرسي الامريكية منذ عامين شركة وهمية وقام من خلالها بالتبرع لصالح الدعايات الترويجية لهيلاري كلينتون. وهو ما أثار عددًا أخر من علامات الاستفهام حوله.
جدير بالذكر أن الرئيس التركي صنف رسميا الحركة الدينية التي أسسها فتح الله جولن، رجل الدين المقيم بالولايات المتحدة ، كمنظمة إرهابية. وقال، إنه سيتعقب أعضاءها الذين يتهمهم بمحاولة قلب نظام الحكم.
ويقيم جولن في منفى اختياري في ولاية بنسلفانيا الأمريكية منذ عام 1999 بينما تطالب تركيا بتسليمه من أجل المثول أمام العدالة.
وأضاف أردوغان في أول خطاب ﻷنصاره عشية محاولة عناصر من الجيش الانقلاب عليه إن عناصر منظمة “فتح الله جولن” قاموا منذ أعوام طويلة بالتغلغل في أجهزة الدولة، لا سيما في الشرطة والقضاء والجيش والمؤسسات التعليمية، بهدف السيطرة على مفاصل الدولة.
وكانت الغد انفردت بأول حديث مصور مع زعيم حركة الخدمة فتح الله جولن من داخل مقر إقامته في 3 أغسطس / آب قال فيه أن الأحداث في تركيا تتطور بشكل سلبي، وأن السلطات التركيا أختلقت ظلمًأ تعبير الكيان الموازي الذي تصف به جماعة الخدمة”
