عامر ينفي استقالته.. القصة الكاملة لمحافظ «المركزي المصري» مع الجنيه والدولار

في الوقت الذي ترددت أنباء عن استقالته، أكد طارق عامر، محافظ البنك المركزي المصري، أنه لا صحة لما نشره أحد المواقع بخصوص تقديمه لاستقالته من منصبه، موضحا أنه مستمر في عمله، وأن هذا الكلام عارٍ تماما من الصحة.

ثمانية أشهر مرت منذ تولي طارق عامر منصبه كمحافظ للبنك المركزي المصري، لم يخل يوم من تلك الشهور من كارثة أو صدام أو خبر أو شائعة.

نجح عامر خلال 8 شهور أن يجهز على العملة المحلية المصرية ليسجل الدولار في تعاملات اليوم، الثلاثاء، في السوق السوداء 13.50 جنيه للبيع، عقب تلميحات الخفض، التي أدلى بها منذ 3 أسابيع في 3 يوليو الجارى، ثم تصريحاته أمام اللجنة الاقتصادية للبرلمان مؤخرا حول تعويم أو خفض الجنيه.

سلط عامر خلال فترة توليه منصب محافظ المركزي المصري الضوء عليه كل يوم من خلال اتخاذه القرارات المفاجئة، التي أثرت سلبا على السوق المصرفي المصري بدلا من التأثير إيجابا.

وكان من أمثلة الشائعات التي أثيرت حوله، أنه خريج كلية الآداب جامعة القاهرة، وعضو مجلس السياسات بالحزب الوطني السابق، وأخيه وحيد عامر مرشح الحزب الوطني في الانتخابات البرلمانية قبل 25 يناير، وأنه عمل في بداية حياته المهنية في مجال العلاقات العامة قبل أن ينتقل إلى العمل في القطاع المصرفي.

تولى عامر مناصب اقتصادية عديدة، حيث شغل منصب نائب محافظ البنك المركزي المصري في الفترة من 2003 حتى 2008، وشغل منصب نائب رئيس المصرف العربي الدولي المملوك من حكومات عربية، أبرزها مصر وليبيا والإمارات وسلطنة عمان، كما شغل منصب رئيس البنك الأهلي المصري لمدة 5 سنوات متتالية من 2008 حتى 2013، وأخيرا تولى منصب محافظ البنك المركزي المصري منذ 27 نوفمبر 2015.

عامر جاء محافظا للبنك المركزي خلفا لشام رامز بقرار من رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، ليتولى رئاسة البنك المركزي لمدة 4 سنوات، اعتبارا من نوفمبر 2015، ومنذ تلك اللحظة والجنيه المصري في تراجع مستمر أمام الدولار.

اتخذ عامر منذ توليه منصب محافظ المركزي، العديد من القرارات السيئة التي قُوبلت بسيل من الانتقادات من جانب خبراء الاقتصاد، لاسيما عقب تأكيدهم تأثيرها السلبي وتسببها في بارتفاع سعر الدولار بشكل لافت للنظر، وأول تلك القرارات هو الإبقاء على قرار محافظ البنك السابق، هشام رامز، بوضع حد أقصى للإيداع النقدي «الكاش» بالدولار بـ10 آلاف دولار يوميا من الأفراد والشركات، وإجمالي الإيداعات الشهرية بحد أقصى 50 ألف دولار «كاش» في البنوك العاملة بالسوق المصرية.

وفي محاولة لضبط صرف العملة الصعبة من البنوك المصرية، خفضت البنوك العاملة في السوق المحلية متوسط الحد الأقصى للمشتريات من خلال بطاقات الائتمان المصرية خارج الحدود من متوسط 30 ألف دولار شهريا إلى 10 آلاف كحد أقصى، كما خفضت البنوك حدود مبيعاتها من «الكاش» الدولاري للعميل المسافر من 5 آلاف إلى 3 آلاف دولار لكبار العملاء، ومن 3 آلاف إلى ألفي دولار للعملاء المتوسطين، وألف دولار في المتوسط لصغار العملاء بدلا من ألفي دولار.

وفي إطار المحاولات الهادفة إلى زيادة احتياطي العملة الصعبة لمواجهة ارتفاع سعر الدولار، طرحت البنوك الحكومية بأوامر من المركزي الثلاثة شهادات دولارية للمصريين المقيمين في الخارج تحت مسمى «بلادي»، لآجال سنة و3 و5، بحيث تمنح الشهادة لأجل سنة عائدا يبلغ 3.5%، ولأجل 3 سنوات 4.5، ولأجل 5 سنوات 5.5%، ويتم الاكتتاب بحد أدنى 100 دولار، ولا يمكن استرداد الشهادة أجل سنة قبل تاريخ استحقاقها، بينما يمكن استرداد الشهادة أجل 3 سنوات بعد 6 أشهر من تاريخ الإصدار، وسنة لأجل 5 سنوات.

ولحق هذا القرار إصدار شهادات أخرى تحت نفس الاسم شهادة «بلادي»، وتم طرحها للمصريين في الخارج وتصرف بـ«اليورو»، ويكون العائد 2% سنويا للشهادة مدة سنة واحدة، و3% للشهادة مدة ثلاث سنوات، و3.5% للشهادة مدة خمس سنوات، ويحتسب العائد عليها جميعًا اعتبارًا من يوم العمل التالي ليوم الشراء، ويصرف العائد باليورو كل ستة أشهر.

وجاء ضمن حزمة الإجراءات، قرار البنك المركزي بإلغاء الحد الأقصى للسحب والإيداع من العملات الأجنبية بالبنوك بالنسبة للأشخاص الاعتبارية، التي تعمل في مجال استيراد السلع والمنتجات الأساسية لتوفير السلع بالسوق المصرية، فيما أبقى على الحدود القصوى للأشخاص الاعتبارية في مجال استيراد السلع الأخرى بخلاف السلع والمنتجات الأساسية.

كذلك طرح البنك المركزي عطاءً دولاريا بقيمة 200 مليون دولار بسعر 885 قرشا للدولار، على أن ترفع البنوك السعر 10 قروش ليصبح سعر الدولار 895 قرشا، وهو ما يعنى أنه تم خفض سعر صرف الجنيه أمام الدولار بـ112 قرشا.

كذلك اتخذ عامر قرارا بوقف التعامل ببطاقات الخصم المباشر خارج مصر، إلا أنه عاد ليتراجع عن تطبيق هذا القرار، ولم يكتف بذلك، بل أعلن نفيه صدور مثل هذا القرار على الرغم من إرساله خطابات للبنوك تتضمن صيغة القرار.

وبعد التراجع جاء لسان حال عامر وكأنه يقول «أنا لا أكذب ولكني أتجمل»، حيث أكد أنه لا تغيير يمس كروت الخصم بالعملة المحلية الخاصة بالمواطنين عند استخدامها خارج مصر، مشيرا إلى أن المركزي وجه البنوك للتيقظ من تجار العملة الذين يستخدمون هذه الكروت في المضاربة.

وقال عامر، في تصريحات، إن لكل بنك الحق في وضع حدود على استخدامات عملائه من مدفوعات النقد الأجنبي بالخارج من خلال كروت الخصم بالعملة المحلية، لكن يجب التيقظ لحدوث عمليات تلاعب كبيرة من بعض العملاء عند استخدام كروت للحصول على مبالغ كبيرة بالدولار ليس بغرض السفر أو السياحة أو المشتريات.

وأضاف أن عمليات المضاربة تكبد الدولة مليارات الدولارات، مشيرا إلى أنه تنظيما لهذا «التسيب» وجه البنك المركزي البنوك برقابة وتنظيم استخدام كروت بطاقات الخصم متضمنة البطاقات المدفوعة مقدما ، وذلك لتجنب سوء استخدامها من المضاربين خارج البلاد.

وأفادت بعض المصادر قريبة الصلة بالبنك المركزي، أن السبب الحقيقي لتراجع عامر عن هذا القرار بهذه السرعة جاءت بسبب اعتراض مؤسسات دولية اقتصادية على تطبيق مثل هذه القرار، الأمر الذي استدعى جهة سيادية إبلاغ عامر بضرورة التراجع، نظرا لما يمكن أن يكبده هذا التطبيق من خسائر تتعلق بإمكانية استغلال تجار العملة لمثل هذا القرار واستمرار ارتفاع سعر الدولار في السوق السوداء.

ولم تخل فترة توليه منصب محافظ المركزي من الخلافات والنزاعات التي وصلت إلى القضاء، حيث كان لرجل الأعمال نجيب ساويرس خلافات عنيفة مع طارق عامر، لاسيما بعد القرار الذي اتخذه الأخير بشأن مدة الحد الأقصى للمسؤوليين التنفيذيين الرئيسيين للبنوك وتحديدها بـ9 سنوات.

واعتبر ساويرس قرار طارق عامر مفصلا من أجل التخلص من قيادات معينة بالبنوك على مستوى عالي من الكفاءة.

وانتقد ساويرس دور عامر في عرقلة صفقة شراء بلتون لـ«سي آي كابيتال»، ووصلت الأزمة نهايتها، بعد أن أعلن نجيب ساويرس مقاضاة  طارق عامر في المحاكم، حيث أفصح ساويرس أن لديه أمورا كثيرة عن طارق عامر، ووصلت الاتهامات بينهما حتى طالت الطعن في المؤهلات والقدرات، وفي ظل الاتهامات المتبادلة بين رجال الأعمال نجيب ساويرس وطارق عامر، كان لا بد وأن نقف على حقيقة الأمر، خاصة فيما يتعلق بموضوع مؤهلات طارق عامر.

أدين عامر فيما عرف في 2010 بقضية فساد البنك الأهلي والتي استمرت حتي عام 2014 داخل أروقه القضاء المصري.

من جانبه، صرح مصباح قطب، المحلل الاقتصادي، بأن منصب محافظ البنك المركزي في كل دول العالم يعد المنصب الاقتصادي الأهم في هرم المناصب الرسمية، ويعد عصب الاقتصاد بقراراته التي تؤثر في مستويات التضخم ومستويات الأسعار والسيولة النقدية والائتمان وطباعة النقد وإدارة مديونيات الدولة، واستقرار الجهاز المصرفي الذي يعد أهم قطاعات الدولة المصرفية الاقتصادية».

وأضاف مصباح، أنه «على الرغم من أهمية هذا المنصب، إلا أنه يملك هامشا غير كبير لاتخاذ القرارات الاقتصادية، حيث يعمل محافظ المركزي وفقا لسياسة نقدية ومصرفية للدولة يتم الاتفاق عليها من قبل الحكومة والإدارة المصرية، ما يجعله ليس المتحكم ومتخذ القرارات الوحيد في الجهاز المصرفي».

وبسؤاله عن ماذا لو ترك طارق عامر منصبه ليحل محله محافظ آخر، أجاب مصباح أن «هذا لن يؤثر كثيرا، نظرا لأن السياسة النقدية والاقتصاد القومي يقوم على مشاركة العديد من مؤسسات الدولة ولا يقتصر فقط على محافظ المركزي المصري».

فيما ترى الدكتورة يمن الحماقي، الخبيرة المصرفية، أن «لا شك أن تصريحات وقرارات طارق عامر لعبت دورا خطيرا في السوق المصرفي المصري، إلا أن هناك هناك عوامل أخرى قامت بالضغط على السوق المصري، مثل شح السيولة الدولارية وإقبال المواطنين على اكتناز الدولار والمضاربة عليه في السوق السوداء كنوع من الاستثمار الآمن».

وأضافت الحماقي، أن «المركزي المصري لا يمكنه توفير كافة احتياجات السوق المصري من السيولة الدولارية لذلك يلجأ المستوردون ورجال الأعمال إلى السوق السوداء لتلبية احتياجاتهم من الدولارات، ما يعمل على رفع سعر الدولار».

وطالبت الحماقي من المركزي توخي الحذر والدقة فيما يصدره من بيانات وقرارات، نظرا لخطورة تلك الفترة التي يمر بها الاقتصاد المصري بعنق الزجاجة.

يذكر أن قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد رقم 88 والصادر عام 2003، في المادة العاشرة منه ينص على «يكون للبنك المركزي محافظ يصدر بتعيينه قرار من رئيس الجمهورية بناء على ترشيح رئيس مجلس الوزراء لمدة 4 سنوات قابلة للتجديد، ويتضمن القرار معاملته المالية، ويعامل المحافظ من حيث المعاش معاملة الوزير، ويكون قبول استقالة المحافظ بقرار من رئيس الجمهورية»، وتبلغ المدة القانونية للمنصب، ومجلس البنك المركزي المصري المكون من 9 أعضاء 4 سنوات قابلة للتجديد.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]