يربط الكاتب الصحفي التونسي، عبد الحميد الرياحي، رئيس تحرير صحيفة الشروق، بين الحرب التي وصفها بالكونية، على سوريا، وبين تنفيذ المخطط الأمريكي «الفوضى الخلاقة».
ويرى الكاتب، أن ما يحدث في مدينة حلب كشف حقيقة المؤامرة، وعرى مسلسل العدوان على سوريا، وهو عبارة عن مسلسل متعدد الحلقات والفصول.. حلقات موغلة في الحقد والدموية والدمار ويمضي تنفيذها على نار صهيو ـ أمريكية التخطيط، وتركية وإقليمية التنفيذ.
نص المقال:
الحرب الكونية والعدوانية التي تشن على سوريا العروبة والمقاومة ليست مجانية ولا عبثية. وهي تندرج في اطار مؤامرة كبرى على علاقة بإقصاء سوريا من معادلات المنطقة وبتصفية دورها القومي في دعم المقاومة في لبنان وفي فلسطين المحتلة.. وهي حرب تهدف كذلك لتهيئة المناخات وتمهيد الطريق أمام مخطط ما يسمى «الشرق الأوسط الجديد» المعتمد أساسا على نظرية «الفوضى الخلاقة» التي تحرق نيرانها سوريا الصابرة والمقاومة منذ أكثر من 5 سنوات.
كما تهدف في نهاية المطاف الى تقسيم البلاد وإعادة تشكيلها ولم لا توزيع اشلائها وشظاياها مع اللؤماء والطامعين من دول الجوار وفي مقدمتهم السلطان اردوغان الحالم بضم حلب كما ضم اسلافه اقليم الاسكندرون من قبل.
لكل هذه الاعتبارات ولغيرها فإن مسلسل العدوان على سوريا الوطن والشعب هو عبارة عن مسلسل متعدد الحلقات والفصول.. وهي حلقات موغلة في الحقد والدموية والدمار ويمضي تنفيذها على نار صهيو ـ أمريكية التخطيط وتركية واقليمية التنفيذ. وقد دخل هذا المسلسل منذ أيام حلقة تبدو وكأنها الأكثر حدّة ودموية.. ربما لأنها تشكل واحدة من آخر حلقات هذا المخطط التآمري الذي يتحطّم على صخرة الصمود السوري.
أحداث هذه الحلقة تدور في محافظة حلب الشهباء التي تشهد تصعيدا غير مسبوق من حيث اعداد الارهابيين الذين زجّ بهم في الساحة.. ومن حيث نوعية الأسلحة المتطورة التي زودوا بها.. وكذلك من حيث الغطاء الاعلامي الخبيث الذي وفّر لها والذي تقف في مقدمته كالعادة قناة “الجزيرة ” القطرية… والتي تصر على الوفاء لدورها التآمري الهدام ولاندفاعها اللامشروط في خدمة مشروع «الربيع العبري» الذي يريد أن يمرّ قسرا على جماجم الشعوب العربية.. والذي تقف حدود المصلحة العربية والأمن القومي العربي لديه عند حدود طموح الإسلام السياسي واندفاعه المرضي إلى الكراسي مهما كان الثمن.
معركة حلب هذه تأتي بعد فشل جولة مفاوضات جينيف والتي دخلها وفد الدولة السورية مستندا إلى نجاحات الجيش العربي السوري وإنجازاته… وضع جعل ما يسمى بالمعارضين وكل داعميهم يوقنون بأن العملية التفاوضية راجحة لغير صالحهم ما لم يسعوا إلى تغيير الوضع على الميدان وتحقيق اختراق مهم يمكنهم المناورة به، وعند هذا الحد تم تفعيل الخطة «ب» التي طالما لوّحت بها إدارة أوباما والقائمة على ضخ المزيد من أفراد “المعارضة المعتدلة” وتزويدهم بأكثر الأسلحة فتكا وتطورا.. وذلك في مسعى مكشوف لانتزاع محافظة حلب من الجسد السوري حتى يتمكنوا من ورقة تفاوضية يمكن أن تلوي ذراع الدولة السورية وتجبرها على تقديم تنازلات للإرهابيين.
لكن الجيش العربي السوري الذي أصبح خبيرا بتكتيكات الإرهابيين وبأساليب وخطط مشغليهم قد سارع إلى صبّ حمم الجحيم عليهم بما أجهض الفصل التآمري الجديد، وهو ما أدى إلى ارتفاع الصراخ والنباح لدى أعداء سوريا وفي طليعتهم «الجزيرة» والذين ملؤوا الدنيا بدموع التماسيح حول «احتراق حلب».
طالما أن هؤلاء يملكون دموعا، فأين كانت دموعهم ومشروعهم التآمري يأكل سوريا ويحرق الجسد السوري منذ أزيد من خمس سنوات؟… ثم ما الذي يبكيهم : هل هي حلب التي تحترق حسب زعمهم … أم تراهم يبكون مخططهم التآمري، وهو يحترق ويذهب أشلاء… في حلب الشهباء؟
