عبد الستار إيدهي.. رحيل رائد الأعمال الإنسانية في باكستان
يعم الحزن جميع أنحاء باكستان، بعد وفاة عبد الستار إيدهي، صاحب أكبر مشروع إنساني في باكستان، وأحد الذين دخلوا موسوعة جينس للأرقام القياسية بعمله الخيري، والذي تمثل بإنشاء أكبر أسطول لسيارات الإسعاف.
عبد الستار إيدهي، الذي توفي عن عمر يناهز الإثنين والتسعين عامًا، اشتهر بأنه (أغنى رجل فقير في العالم)، فهو وبالرغم من تقديمه للمساعدات للفقراء والمحتاجين والمرضى في جميع أنحاء باكستان، إلا أنه عاش ومات فقيرًا معدومًا في بيت متواضع في حي فقير في مدينة كراتشي أكبر مدن باكستان وعاصمة إقليم السند.
في العام 1951، كان عبد الستار إيدهي شابا ذا مبادئ مثالية، وكان يعمل بائعا جوالا في مدينة كراتشي، حين قرر أن يفتتح أول عيادة صحية في أحد أزقة المدينة، لاسيما وأنه انتقد المؤسسات الخيرية فيقول إيدهي في مذكراته «كان العمل الخيري رسالتي، أردت أن أحرره من قبضة الأثرياء».
واشتهر إيدهي بعبارته المأثورة التي تقول «لا دين يعلو على الإنسانية» فقد عُرف بتوظيفه لأسطول سيارات الإسعاف في جميع مدن باكستان وإنشاء عيادات بشكل مجاني ودون أي أجر، فلا تخلو قرية في باكستان – ناهيك عن المدن – من سيارات الإسعاف والعيادات التي كُتب عليها عبارة (إيدهي).
انتشرت أفكار عبد الستار الإنسانية متجاوزة الحدود الطائفية والعرقية، وتشكل دافعا للناس للانفكاك من قبضة الزعماء الاقطاعيين، ومثيرة غضب الجماعات الطائفية والعرقية التي تتخوف من هذا النوع من الافكار والنشاطات على تكتلها على بعضها في مواجهة الآخرين.
وقد حضر جنازته الجنرال راحيل شريف قائد الجيش الباكستاني ورئيس الجمهورية ممنون حسين، فيما عم انتقاد واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي بسبب عدم حضور نواز شريف رئيس الوزراء الباكستاني للجنازة، والذي كان يقضي فترة علاجه في لندن، كما غاب عن الجنازة عمران خان، زعيم حزب إنصاف المعارض، والذي كان يقضي إجازة العيد في لندن، الأمر الذي جعل مؤيدي كلا من شريف وخان ينتقدونهم وبشدة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وبعض المحطات المحلية، وارتفعت شعبية قائد الجيش راحيل شريف الذي اظهر تواضعًا مميزًا بحضوره لجنازة إيدهي.
إيدهي، لم يبنِ له بيتاً ولا لأولاده، واكتفى مدى حياته بردائين لا ثالث لهما، رغم أسطول سيارات الاسعاف الذي قام بإنشائه وحوى 5 ألاف سيارة تجوب مدن وقرى باكستان، والذي يصل عدد من تعني بهم مؤسساته إلى 5 الاف و700 شخص من المعاقين ومدمني المخدرات والنساء المعنفات، يتوزعون على 17 مركزا يعمل فيها ثلاثة آلاف شخص.. بموت هذا الرجل العظيم ، يموت جزء كبير من الإنسانية، إلا أن سيرته المليئة بالتضحية في عمل الخير، تبقى باقية وملهمة للكثيرين في باكستان وحول العالم.
