عقب الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي.. الشرق الأوسط على ساحة ملتهبة من الصراعات
أحمد محمود
عقب الهجمات الأخيرة في سوريا سواء التي استهدفت مطار تي فور أو غيره من المواقع ومحاولة البعض ربط ما يجري بالاتفاق النووي الإيراني والانسحاب الإيراني منه، بات واضحا أن “رصد” الرؤية الأمريكية المتعلقة بهذا الاتفاق مهمة للغاية، خاصة وأن التأثيرات السياسية من هذا الاتفاق والناجمة عن الانسحاب الأمريكي منه تتصاعد بقوة خلال الفترة الأخيرة.
وبرصد عدد من الدراسات السياسية الأمريكية الصادرة خلال الفترة الأخيرة سنجد أن بعضها يشير إلى أن الاتفاق النووي الإيراني فتح الفرصة والباب أمام طهران من أجل تعزيز نفوذها بالشرق الأوسط، خاصة وأن العقوبات الأمريكية أو الدولية التي كانت مفروضة في السابق ضد إيران منعتها “نسبيا” من التغلغل وبناء منظومة علاقات وطيدة وقوية بصورة منتظمة مع الفصائل التي تدعمها في الشرق الأوسط.
دراسة عن إيران
ويزعم معهد الشرق للدراسات الاستراتيجية في دراسة له صدرت بالولايات المتحدة إلى أن إيران وفي السابق دعمت كثيرا هذه التنظيمات وتحديدا حزب الله وقامت ببناء منظومة علاقات قوية معها إلا أن الاتفاق النووي الإيراني أدى إلى تعزيز النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط بقوة كبيرة.
وكشف المعهد أن التقييمات الأمريكية والدولية أشارت في مجملها إلى أن “ضعف” المدخولات من النفط لإيران قبل التوقيع على الاتفاقية النووية منعها من الانتشار وبقوة في الكثير من دول المنطقة.
تحذير
وتوضح الدراسة إن القدرة الإيرانية في التغلغل في المنطقة زادت خطورة عقب التوقيع على الاتفاق النووي ورفع العقوبات عن إيران، حيث تدفقت الأموال إلى طهران والتي تمكنت من استغلال ميزانيتها من أجل دعم وتشغيل وتفعيل الكثير من المنظمات في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
وتربط التقديرات الاستراتيجية الخاصة التي تطرق إليها المعهد في دراسته بين التوقيع على الاتفاقية النووية من جهة وبين تزايد قوة الكثير من الجماعات أو المنظمات التي تدعمها إيران سواء بصورة علنية أو سرية. وأستشهدت الدراسة بعدد من الجماعات مثل حزب الله في لبنان أو جماعة الحوثيين في اليمن أو بعض من المنظمات الفلسطينية.
وتشير الدراسة إلى تزايد قوة حزب الله السياسية بصورة واضحة منذ التوقيع على الاتفاق النووي على الساحة اللبنانية، فضلا عن تصاعد قوته سواء في سوريا أيضا مع الدعم العسكري والمالي الكبير الذي يحصل عليه الحزب من إيران.
بالإضافة إلى هذا تشير الدراسة أيضا إلى قوة الحوثيين في اليمن وتواصل الدعم الكبير الذي تحصل عليه أيضا عدد من المنظمات الفلسطينية الأخرى.
ومع تصاعد النفوذ الإيراني باتت طهران شريكا في القرار السياسي بالنسبة للكثير من القضايا والأهم أن هناك الكثير من تطورات وتقديرات المشهد السياسي بالمنطقة والتي بات من الصعب الوصول إلى قرار خاص بها دون موافقة إيرانية.
تركيز إيراني
اللافت هنا أن بعض من الصحف الدولية تطرقت هذه النقطة التي أشارت إليها الدراسة، وأشارت صحيفة فورين بوليسي إلى أن التقديرات الاستراتيجية أشارت إلى أن إيران تركز وخلال الآونه الأخيرة على زيادة دعم بعض من الفصائل الفلسطينية تحديدا خلال الفترة الأخيرة اقتصاديا وماليا، وهو الأمر الذي يأتي لإدراك القيادة الإيرانية من أن القضية الفلسطينية هي مفتاح للتأثير على مستقبل المنطقة والأهم أيضا وجود إيران كند سياسي لكلا من مصر وتركيا، الأمر الذي يزيد من دقة هذه القضية.
وتوقع عدد كبير من الخبراء إنه وفي ضوء الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي، فان إيران ستنفذ عملية عسكرية ضد إسرائيل باستخدام واحدة من المنظمات في سيطرتها وحزب الله وحماس من أجل إرسال رسالة إلى إسرائيل لأنها ستدفع ثمن مزيد من الهجمات في سوريا.
كل هذا وستعمل إيران جديا على عدم انتهاك الأتفاق النووي حتى لا تفقد علاقاتها الوثيقة مع أوروبا. وبالتالي يظهر انا دقة وخطورة هذا الاتفاق، وهي الدقة التي باتت واضحة في ظل استفادة الكثير من الجماعات ذات الطابع الانفصالي منه والأهم قدرتها على بناء نفسها بصورة تهدد استقرار المنطقة. عموما فإن التقديرات الجيوسياسية في العالم الآن تتواصل عقب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، وهي الخطوة التي باتت محل اهتمام الكثير من الدوائر سواء الإقليمية أو الدولية على حد سواء.
