عقوبات الغرب .. هل تصمد روسيا طويلا؟

على الرغم من قائمة العقوبات الكبيرة التي فرضها الغرب على روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا والتي وصفها وزيرُ المالية الفرنسي بأنها سلاحٌ نووي مالي إلا أن تلك العقوبات – وفق مراقبين – لم تنجح في تحقيق الهدفِ منها.

وأبرز تلك العقوبات تمثَل في قطع وصول روسيا إلى أكثرَ من نصف احتياطياتها من العملات الأجنبية والذهب، ومصادرةِ بعض الأصول المملوكة لها، والحدِ من واردات التقنيات الرئيسية.

ورغم ذلك يرى اقتصاديون أن بعض الدول التي فرضت هذه العقوبات لا تزال تقوضُ تأثيرَها بشكل كبير من خلال شراء الطاقة من موسكو.

فروسيا تجني مليارَ دولارٍ يومياً على الأقل من مبيعات النفط والغاز، حصةُ الأسد منها تأتي من أوروبا.

وكذلك من أسباب صمود روسيا أمام عقوبات الغرب، هو ارتفاعُ معدل صادراتها من الطاقة إلى دول أخرى خارجَ الاتحاد الأوروبي مثلَ تركيا والهند.

تقرير لمجلة فورين بوليسي الأمريكية كشف أن عائداتِ صادراتِ النفط الروسي فقط وصلت إلى ستينَ مليارَ دولار خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري، مقارنة بـمائة وعشرين مليارَ دولار في عام 2021 بأكمله.

وإلى جانب إمدادات الطاقة، فهناك مواقفُ دوليةٌ دعمت روسيا، سواءٌ عبرَ رفض التصويت على مشروع قرار أممي بالانسحاب من أوكرانيا، أو رفضِ بعض الدول المشاركة في العقوبات الغربية.

وأمام الضغط الغربي، أطلق الكرملين إجراءاتٍ صارمةً لحماية الاقتصاد الروسي من خلال رفع أسعار الفائدة إلى ما يصل إلى 20 في المائة، ووضعِ ضوابطَ على رأس المال وإجبارِ الشركات الروسية على تحويل أرباحها إلى الروبل.

وما عزز من قوة العملة المحلية أيضا، قرارُ بوتين بتحويل مقابلِ إمدادات الغاز الروسي إلى الدول التي وصفها بغير الصديقة إلى الروبل الروسي، وبالتالي فإن القطاعَ المالي لموسكو تجنب حتى الآن أزمةً خطيرة، وربما يبقى الاقتصادُ الروسيُ صامدا فترة أطول في مواجهة العقوبات الغربية.

من جانبها، قالت كبيرة الباحثين في معهد واشنطن وخبيرة الشئون الروسية، آنا بورشفسكايا، عبر برنامج “مدار الغد”، إن من أهم الأسباب في عدم تأثير العقوبات الأوروبية على روسيا هو أن الدول الأوروبية تواصل التجارة بالنفط والغاز الروسي وبالرغم من ذلك فإن العقوبات أثرت على روسيا بشكل كبير  حيث أن الاستقلال عن قطاع الطاقة الروسي ليس بالأمر الهين وهناك حذر من قبل الاقتصاديين في تقييم الوضع.

وأوضحت أن العقوبات في حد ذاتها لم تحدث تأثيرا على روسيا باستثناء العقوبات على قطاع الصناعات العسكرية، غير أنه على المدى الطويل قد تحدث تأثيرا لاسيما وأننا نتحدث في مدة زمنية لا تتجاوز شهرين منذ بدء الهجوم على أوكرانيا .

بدوره، قال المسئول السابق في الناتو بوزارة الدفاع البريطانية، نيكولاس ويليامز، لا يتوقع أحد أن العقوبات سوف توقف الحرب في أوكرانيا، ومن ثم فإن تأثير العقوبات سيكون على المدى الطويل، وكل ما تقوم به دول الغرب الأن هو دعم أوكرانيا عبر آليات وتدريب ودعم مالي وسياسي لأوكرانيا وقواتها.

وأشار، عبر برنامج “مدار الغد”، إلى أن هدف الغرب الرئيسي في الوقت الحالي هو اتخاذ ما يلزم وفق استطاعتهم لمساعدة أوكرانيا، لكن أثر العقوبات سيكون على مدى طويل، والحزم الستة التي يفرضها الاتحاد الأوروبي ليس هناك اتفاق في إطار الاتحاد الأوروبي عليها، وتأثير هذه العقوبات يضر بأوروبا كما يضر بروسيا.

وأوضح أن الاتحاد الأوروبي ومعه أمريكا على المدي الطويل يبحثون عن بديل للطاقة الروسية وهذا يضعف روسيا، وفيما يخص روسيا يمكن العثور على أسواق بديلة والاقتصاد الروسي حتى الآن قادر على التعامل مع التوجهات الغربية للتعافي من هذه العقوبات.

وذكر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن روسيا تواجه ضغوط عقوبات غير مسبوقة، وأن اقتصادها لديه فرصة للعمل بثبات ودون إخفاقات في الظروف الحالية، كما أكد أن الاقتصاد الروسي صمد أمام الضغط، والعقوبات الغربية فشلت في تحقيق أهدافها.