علي الصراف يكتب: السلام اللغوي

علي الصراف

 الشعب الفلسطيني واحد من أقوى شعوب الأرض. ولغة الوهن المسالمة التي يتحدث بها بعض شخصياته ومسؤولية، لا تمت بصلة الى حقيقة أنه ظل يقارع أعتى قوة احتلال، وأبشع المظالم، وأقذر السياسات العنصرية، لأكثر من ثلاثة أرباع قرن. وسيظل يفعل حتى ولو دامت المظالم لقرن آخر.

الجزائريون قاوموا احتلالا استيطانيا دام لأكثر من 130 عاما من دون أن يشعروا بالضعف. ولم يكونوا بحاجة أصلا الى اتفاقيات سلام. الاحتلال احتلال، والمقاومة حق مشروع. كانت تلك هي الأجندة الوحيدة. وكان الله ولي الصادقين.

يعني، بلا حكي فاضي. وبلا تحليلات ولا تنظير.

الشيخ عبد الحميد بن باديس قال ذات يوم: “لو قالت لي فرنسا، قل لا إله إلا الله، ما قلتها”.

الى هذه الدرجة. ولك أن تقيس.

الضعف، ولغته، خيار سياسي بالأحرى، يختاره أولئك الذين أوهموا أنفسهم بمعادلات خاطئة. ولئن دأب المحتلون على ممارسة جرائم لا تنتهي، فان لغة المسالمة التي يتخاطب بها المتسالمون مع تلك الجرائم، تكشف في الواقع عن وهنهم الخاص، وعجزهم عن الخروج من دائرته المضنية.

كل يوم هناك مأساة. كل يوم هناك شهيد آخر. وكل يوم هناك تخطيط لجرائم اضافية. وكل يوم هناك اغتصاب جديد. والسلام اللغوي هو هو. حديث منمق ووديع وشديد المسالمة مع مجرمين لا يتورعون بالأحرى عن فعل أي شيء. ولئن كان الافتراض يقضي بأن “السلام اللغوي” يمكنه أن يُثبت العزيمة على التعايش مع ماكينة الجريمة، فانه لم يُقنع هذه الماكينة على التوقف. كما لم يقنعها على احترام المسالمين أنفسهم، ولا حتى من باب التورية والزيف.

الوهم بأن هناك في الأفق حلا سياسيا يقوم على “دولتين” ظلت تُبطله الوقائع يوما بعد يوم. الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة ظلت على طول الخط تبني مستوطنات وتنهب المزيد من الأرض، استنادا الى رؤية ديمغرافية واضحة، واستراتيجية واضحة، تقصد جعل مشروع الدولة الفلسطينية مجرد مهزلة إدارية لسلطة حكم غير ذاتي. كما تقصد التوسع لامتلاك الجغرافيا التاريخية كلها لفلسطين، ولو مع القبول بجيوب سكانية يجري تفتيتها وقهرها وإذابتها وتدمير مقومات حياتها، كل يوم.

هذا الواقع ظل مرئيا لكل ذي بصر، حتى من دون الحاجة الى بصيرة. ومع ذلك، فان حديث السلام لم ينته، ولا توقفت اللغة المهادنة، وظلت توحي للمجرم بأنه يستطيع أن يمضي قدما بكل ما يفعل.

اليوم تتوفر فرصة لوضع حد للغة الوهن. فعندما يعلن الإسرائيليون ضم مستوطنات الضفة الغربية وغور الأردن، لا يكون قد بقي من الوهم شيء، كما لا يكون قد بقي للخطاب المسالم أي مبرر.

خيارات المقاومة كثيرة… جدا. ولكنها تتطلب موقفا سياسيا حازما، ولغة صارمة، وقبولا، لا جدال فيه، بواقع أن الاحتلال احتلال، وأن المقاومة حق مشروع.

النظريات والتحليلات والتصورات الافتراضية عما يمكن لتلك الخطوة أن تعنيه كثيرة أيضا. وكثيرة التصورات عن عواقبها أيضا وأيضا. إلا أن ذلك لا يفي شيئا من الحاجة الى استنهاض رد فعل يواجه الجريمة، ويكون “على قدها”.

وأول ما يحسن دفنه، هو لغة الوهن، وخطاب السلام الأجوف.

لقد دأب الإسرائيليون على ارتكاب الجريمة تلو الأخرى، وظل الفلسطينيون يدفعون الثمن من أرواحهم وممتلكاتهم وآمالهم، من دون أن يلقى المحتلون الردع الكافي.

ولئن جربت السلطة الفلسطينية الشيء والآخر لوقف سياسات الضم، فان الوقت قد حان، للمرة الأخيرة ربما، للتخلي عن خيارات الوهم والوهن، وعن لغتها بالذات.

ذلك هو أول الفعل المضاد. ومنه يبدأ منطلق جديد، لرؤيا وطنية جامعة لا تتطلب الكثير من التنظير: الاحتلال احتلال، والمقاومة حق مشروع.

نقطة، راس السطر.

وليكن من بعدها ما يكون. الشعب الفلسطيني لن يموت من الجوع. ولن يفنى إذا ما أطلق الإسرائيليون الرصاص على أطفاله. ولن يتخلى عنه العالم وهو يرى ما يتعرض له من مظالم.

العالم نفسه لم يعد، هو نفسه، كما كان.

أنظر في رد فعل العالم على مقتل ذلك المواطن الأسود في الولايات المتحدة. العالم كله يردد اليوم كلماته الأخيرة: لا أستطيع التنفس.

شعب بأسره لا يستطيع التنفس. وعندما يتعرض أطفاله للقتل على مرأى العالم، فان الاحتلال، بهذه الصورة أو تلك، سوف ينهار.

هذه فرصة. ولعلها الأخيرة، لإنقاذ ما بقي من أمل.

إسرائيل، على عكس الاعتقاد السائد، أضعف كيان على وجه الأرض. إنها ككل نظام يقوم على جريمة، يقضي بنفسه على نفسه. وقل، حسنا يفعلون.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]