علي الصراف يكتب: الفاشية الجديدة في الولايات المتحدة

علي الصراف

لا تعرف كيف ستنتهي إدارة الرئيس ترامب، أو ما إذا كانت ستنتهي أصلا.

منذ لحظة الإعلان عن فوزه، الى يومنا هذا، فان الصدمة والذعر والذهول هو الذي ظل يسيطر على مشاعر مئات الملايين، أو ملياراتهم في كل أرجاء العالم.

يقال إن البورصات خير مؤشر للمشاعر في الولايات المتحدة. ولو أنك نظرت الى “الصدمة” في حركة الهبوط المروع، والصعود المروع، في مؤشراتها في ساعة الإعلان عن نتيجة الانتخابات عام 2016، لأدركت أن الأمر كان نوعا من هزة أرضية بدرجة 20 على مقياس ريختر، المؤلف أصلا من 9 درجات، أي أنها خرقت الأرض، ثم خرقت السقف، قبل أن تستعيد القدرة على استيعاب ما حصل.

كل شيء في السياسة، وفي التعبير عنها، وفي قبح لغتها، ووقاحة اللاديبلوماسية فيها، ورعونة العداوات والصداقات معا، أظهر أن الرئيس ترامب نموذج فريد لزعيم يسمى، بحسب الذين يحافظون على تهذيب الوصف، “شعبوي”، ولكنه في الواقع بذيء وقذر، فظ ووقح.

ولقد ظل مثيرًا للانقسام، في داخل الولايات المتحدة، ومثيرًا للتوتر أينما ذهب في الخارج، و”مشكلجي” على طول الخط.

زعماء العالم، ظلوا حريصين على مخاطبته بتهذيب، مع أنه لا يستحق، احترامًا للقيم الدبلوماسية أولا، ثم احترامًا لمصالح بلدانهم مع الولايات المتحدة. ولكن يكاد المرء يعرف أنهم يشتاطون غيظًا منه، ويود أحدهم لو كان بوسعه، أن يقول فيه ما لم تقله الشتائم الآتية من أرذل مراذل الكلمات.

الكثير من الفنانين والمعلقين والصحافيين في الولايات المتحدة، نزع القفاز، وصار يقول فيه ما يقول هو في الآخرين. إنما لترى أنه انحدر بالسياسة الى قاع غير مسبوق. فإذا أخذت بعين الاعتبار أن منصب الرئيس في الولايات المتحدة، كان في مطلع تاريخها، قد فتح الباب لمفكرين ورجال إصلاح كبار، فإن تاريخها الراهن فتح الباب، من الجهة الأخرى، لرجل يخشى العار أن يصاب منه بالأذى.

عندما تم انتخابه، كان من الممكن القول، إن وجوده في البيت الأبيض هو أكبر دليل على عظمة الأمة الأمريكية. لأنها سوف تبقى عظيمة بالرغم من أنها منحت مقعد السلطة الأعلى، لرئيس عنصري، سطحي، وجاهل.

ولكن النهاية الراهنة لم تُثبت هذا الافتراض. فالقاعدة اليمينية، الإنجيلية، العنصرية المتطرفة تبدو الآن قوة كبرى. ولقد جرفت هذه القوة الحزب الجمهوري كله، حتى أن هناك من وصفه بأنه أصبح “بيت دعارة سياسيًا”.

هذه القوة، يمكنها أن تعيد انتخاب ترامب. والفظاظة التي يجسدها، تلقى قبولا وحماسة في أوساط واسعة، في المجتمع الأمريكي. وهي منشأ لفاشية جديدة ترسخت، حقيقة وفعلا، على امتداد السنوات الأربع الماضية كلها.

وككل فاشية أخرى، فكل ما يبدو معيبًا أو فظًا أو قبيحًا أو قليل الأدب، هو بالنسبة لها مصدر للفخر ودليل على القوة والعظمة.

كل الفاشيست كانوا وقحين. وكلهم كانوا يتمتعون بشعبية ساحقة. واخطاؤهم يمكن التغاضي عنها. بل يمكن التفاخر بها أيضا. ولا أحد فيهم إلا وكان يعتبر نفسه فوق القانون. وأنه هو أبو القانون، يسنه كما يشاء، ويخرقه حين يشاء.

اليوم، يندفع ترامب الى التشكيك بنزاهة وجدارة الانتخابات نفسها. ويقول إنه لن يخسرها إلا عن طريق التزوير، متذرعا بأن التصويت عن طريق البريد لا تمكن الثقة به. حتى لكأنه يقول: “إما أن أفوز، أو أن يكون هناك تزوير”.

25% من الأصوات التي جاءت به الى السلطة عام 2016 كان عن طريق البريد. وثلاث من بين خمس ولايات تجيز هذا النمط من التصويت اليوم، لأسباب تتعلق بتفشي وباء كورونا، هي ولايات جمهورية.

ولكن من قال إن الحقيقة تهم أو تعني شيئا في بيئة الأكاذيب؟

ما يريده ترامب هو أن يثير الشقاق، وأن يزعزع الثقة بالديمقراطية الأمريكية نفسها. بل وربما يرفض تسليم السلطة أصلا. وعندما سئل عما إذا كان سوف يسلم السلطة طوعا في حال خسر الانتخابات، فإنه لم يقدم جوابًا قاطعًا. وهذا ما لم يفعله أحد من قبل.

هو يعرف، طبعًا، أن مفرزة عسكرية يمكن أن تجره الى الخارج، لترميه في الشارع أو في السجن لرفضه الامتثال للقانون. ولكنك تستطيع أن تعرف الآن، لماذا يتحمس لتعيين القاضية اليمينية إيمي باريت لخلافة القاضية الراحلة روث بادر غينسبرغ في المحكمة العليا، ولتصبح الغلبةُ فيها لليمين.

ببساطة، هو يخطط لرفض نتيجة الانتخابات إذا خسرها. وإذ يملك مناصرين في المحكمة العليا، فإنه قد يضمن الفوز. والمفرزة العسكرية سوف تأتي، إنما لتحميه من المتظاهرين الذين قد يطوقون البيت الأبيض.

ولقد سبق لهذه المحكمة أن حكمت لصالح جورج بوش الإبن في مواجهة آل غور، بعدما ضاق الفارق في الأصوات في ولاية فلوريدا الى بضعة آلاف فحسب.

أسابيع فقط، ونعرف ما إذا كانت الفاشية الجديدة هي التي ستفوز، أو ما إذا كانت الأمة الأمريكية عظيمة بالفعل، أم انها انتخبت رئيسَا يليق بها.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]