علي الصراف يكتب: عراك زاخاروفا وبساكي

علي الصراف

 تتلبس المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا ثوب الشجاعة، من حين الى آخر، في الرد على بعض السياسات الأمريكية حيال بلادها. ذلك جزء من طبيعة وظيفتها. وهي تؤديها على نحو يثير الإعجاب أحيانا، والاستغراب أحيانا أخرى، ولكنها تنظر إلى نصف الكأس دائما. والغاية الوحيدة منها هي تسويق مواقف الخارجية الروسية حتى ولو كانت بضاعة فاسدة.

في أحد آخر مواجهاتها، غير المباشرة، مع المتحدثة باسم البيت الأبيض جين بساكي، قالت زاخاروفا إنه “يجب على واشنطن أولا أن تعاقب نفسها على ما فعلته في يوغوسلافيا والعراق، قبل أن تنطق بكلمة قانون”.

زاخاروفا الشجاعة تساءلت: “منذ متى بدأت الولايات المتحدة بالالتزام بالقوانين؟” ودعت الأمريكيين الى أن “ينظروا في ما اقترفوه في يوغوسلافيا والعراق، وعلى الملايين من القتلى والمشوهين، وبعد ذلك سيكون من الممكن نطق كلمة قانون”.

وكان ذلك ردا على ما قالته بساكي من أن لقاء جنيف بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي جو بايدن، لم يجلب “أي تغيير” في سياسة العقوبات الأمريكية ضد روسيا. وأن القانون “يقضي بأن نستمر في النظر في أهداف العقوبات المتعلقة باستخدام الأسلحة الكيماوية”.

يحتاج المرء أن يكون متحدثا باسم دولة محايدة (غير موجودة في هذا الكوكب)، لكي يسرد قائمة الجرائم التي ارتكبتها الولايات المتحدة تجاه “الملايين من القتلى والمشوهين”، ونظائرهم من ملايين القتلى والمشوهين الذين قدمتهم روسيا للبشرية كنموذج لمدى معرفتها بقيم القانون.

السجل الأمريكي في العراق بشع ومروع بلا شك. ولكن السجل الروسي في سوريا بشع ومروع أيضا.

ومثلما راهنت الولايات المتحدة في غزوها للعراق على ميليشيات جريمة منظمة تقودها إيران، حتى انتهت الى قتل أكثر من مليون ضحية وتدمير عدة مدن وتشريد نحو خمسة ملايين إنسان وحولت العراق الى مصدر للنهب والفساد، فقد فعلت روسيا في سوريا، برهانها على مليشيات النظام وحلفائه، ما أدى الى مقتل نحو 400 ألف ضحية، وتدمير ثلاثة أرباع البلاد، وتشريد نحو 12 مليون إنسان، نصفهم تقريبا فر الى خارج البلاد. فضلا عن مئات الآلاف ممن تعرضوا لأبشع أنواع التعذيب. كل هذا ونحن لم نصل بعد الى استخدام الأسلحة الكيميائية، ولا البراميل المتفجرة. وما كان ذلك لدعم نظام طغيان وفساد أسرف في انتهاك حقوق شعبه الى حد يفوق حتى الخيال، وإنما لدعم مصالح روسيا، من خلاله.

لم يكن القانون، ولا القيم الإنسانية، من جملة مشاغل الولايات المتحدة في العراق. وأحسب أن زاخاروفا الشجاعة لن تبلغ تلك الدرجة من الصلف، حد القول إن بلادها كانت تعرف ما هو القانون أو ما هي القيم الإنسانية في تدخلها لدعم المسالك الهمجية في سوريا.

القوى العظمى لم تتحول الى قوى عظمى لأنها تحترم القانون، بل لأنها تنتهكه لخدمة مصالحها، ولو على حساب ملايين البشر. سوى أن المسالك التي تضطرها، في هذا المنقلب من التاريخ، الى خدمة مصالحها بالأسلحة الفتاكة، يكشف عن أنها تحولت الى قوى جريمة منظمة، بمستوى غير مسبوق.

كل ما نعرفه عن الوحشية في التاريخ لم يبلغ حد ارتكاب جرائم بحق هذا العدد الضخم من الملايين، إلا في الحربين العالميتين الأولى والثانية. وهو يشير بوضوح الى أن هاتين “القوتين العظميين” روسيا والولايات المتحدة، تخوضان بالفعل حربا عالمية ثالثة، إنما على أجساد شعوب أخرى.

لا أتوقع أن ترد بساكي على زاخاروفا بالقول: “يجب على موسكو أولا أن تعاقب نفسها على ما فعلته في أوكرانيا وسوريا، قبل أن تنطق بكلمة قانون”، لأن العراك بينهما سوف يتعدى حدود الوظيفة التي تقتضي تسويق المواقف.

كلاهما يعرف أن بضاعته فاسدة في جميع الأحوال، وأنهما يؤديان عملا يتطلب منهما النظر في نصف الكأس.

وجميعنا يعرف أيضا أن لكل منهما تبريرات جاهزة تسعى الى تزييف الحقائق. ولكن النتيجة، من حيث عدد الضحايا وانتهاك قيم القانون، هي ذاتها.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]