علي الصراف يكتب: فلسطين التي نعرف ولا نعرف

علي الصراف

أتلقى بانتظام تقريبا، نصوصا من مقالات لصحافي فلسطيني، مشايع للسلطة، ويدافع عنها، ويلتزم بما يأتيه من توجيهات، فيكف عما تكف، ويهدر بما تهدر. وهذا حق مشروع له، ويستوجب الواجب احترامه.

في أحد آخر ما وصلني، كان يقول، بالنص:

“تمخض الاجتماع القيادي برئاسة الرئيس محمود عباس في الثالث من أيلول/سبتمبر 2020 عن تشكيل ثلاث لجان، إحداها تتعلق بالمقاومة الشعبية، لتفعيلها وتطويرها، ونقلها لمرحلة نوعية جديدة. خاصة وأن المقاومة الشعبية تقلصت الى حدود كبيرة، وانحصرت في بعض القرى والبلدات، وإن حدثت في المدن الرئيسية في مناسبات محددة، تتقلص وتختزل بأعداد غير مرئية، ولا تزيد على العشرات من اليد الواحدة، أو تقام في ميادين المدن البعيدة عن المواجهة ولالتقاط الصور ثم المغادرة، وأحيانا من يدعو لها من بعض القيادات لا يشارك فيها”.

هل عرفت الآن، لماذا يحدث التطبيع؟

إذا كانت السلطة الفلسطينية قد أوصلت الحال، الى هذا الحال، الذي تحولت فيه “المقاومة الشعبية” الى تمثيلية هزلية، فان الواجب لا بد وأن يقتضي الاعتراف بأن هناك شيئا ما كبيرا يسير بالمسار الخطأ.

لا تستطيع وأنت تقود شعبا، وتكافح من أجل قضية مقدسة، وتريد من ضمائر العالم كله أن تقف الى جانبك، وأن يصحو منها ما لم يصحُ، بينما “مقاومتك الشعبية” ليست سوى عمل من أجل التقاط الصور.

بكل تأكيد ليس هذا هو حال المقاومة الشعبية الحقيقية، تلك التي تراها حتى في أعين الأطفال. وهي التي ظل العالم يراها مع مسقط كل شهيد، أو في انتفاضات الملايين وتظاهرات أو إضرابات الأسرى.

ولكن مقاومة التمثيليات الهزلية، إذا كانت موجودة، بحسب ذاك الوصف، فإنها عار حقيقي وكارثة. ومن الخير التوقف عنها فورا.

هذه ليست فلسطين، التي نعرف. ولا هي القضية المقدسة التي ضحى من أجلها الملايين بدمائهم وحياتهم وموارد بلدانهم.

ولكنها تعني بالدرجة الأهم، أن المسار الذي تتخذه السلطة الفلسطينية في إدارة شؤون المواجهة مع الاحتلال، لا يتطابق مع الموقف الشعبي، بل يشكل إساءة ظالمه له، ولا يخدم الغرض المزعوم منه، ويمثل نوعا من تجارة إعلانية رخيصة، تضر حتى الذين يعتقدون أنها تنفعهم.

هناك مستوى من الترهل والانكسار والهزيمة يتوازى مع حال من النكران والتنطع والقدرة على ممارسة الادعاء الفظ، هو الذي يسمح بوجود مظاهر كتلك المظاهر المخزية.

هذه ليست فلسطين التي نعرف. ولقد تحولت الى كذبة نكذبها على أنفسنا وعلى الاحتلال الذي يرى ويقرأ ويحلل كل شيء.

فلسطين هي القهر الذي يعيش فيه الخاضعون للاحتلال. هي الظلم والمرارة أمام جدران الفصل العنصري. هي الذل على بوابات العبور. هي الفقر والحرمان والمرض الذي يعانيه كل فلسطيني في أراضي 67. وهي جرح العنصرية الذي يغور كالسكين في نفس كل فلسطيني في أراضي الـ 48. وهي القدس التي تدنسها الجريمة كل يوم. وهي البيت المهدوم، والخيمة العارية، والطفل الذي لا يقدر أن يذهب الى المدرسة. وهي الأمل. وهي المفتاح الذي لا يزال يرفرف كالعلم.

ما لم تكن السلطة الفلسطينية، مؤسساتها، موظفوها، العائشون في ظلها الوارف، ممثلة لهذا الوجع، فعذرا، إنها تسير في الطريق الخطأ. وإنها بحاجة الى مراجعة أخلاقية شاملة لما تعني وما تمثل. وإنها بحاجة الى من يعيدها الى صواب أضاعته في زحمة البحث عن تسوية ومساومة على الوجع.

قبل أن تطلب السلطة الفلسطينية من ضمائر الناس أن تصحو، وأن تتجند للبقاء في خدمة القضية المقدسة، فإنها هي نفسها بحاجة الى صحوة ضمير؛ الى انتفاضة على النفس؛ الى التبرؤ التام من بنيان المفاهيم الذي قادها الى الحال الذي تعيش فيه.

والكل يرى الفشل. إنه مكشوف ومعلن. وهو لا يقتصر على وجه دون آخر. لأنه فشل متلازم في السياسة والإدارة والاقتصاد والمجتمع والقناعات والحلول والمفاهيم، كُلٌ في آن معا.

وما لم يجرؤ المرء على الاعتراف به، والتوقف عنه، فمعذرة، إنه لن يحرر شبرا، حتى أنه لن يكسب لنفسه مكانة إلا من جنس ما صنع.

وهذا كثير على الأمل. لأنه يصنع فلسطين أخرى، لا يعرفها أحد.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]