علي الصراف يكتب: ماذا بقي للرئيس عباس؟

 يواجه الرئيس الفلسطيني محمود عباس تظاهرات تطالبه بالرحيل. وهذا مما قد لا يهمه بالكثير، لأن زعيما يستهين بحياة مواطنيه لا يمكنه أن ينظر الى احتجاجاتهم باحترام. ولسوف يسهل عليه أن يطلق بحقهم أي أوصاف يشاء، ولكنه يواجه أيضا رقابة المجتمع الدولي. فجرائم أجهزته الأمنية لم تعد مما يمكن أن يمر من دون اهتمام. وحيث أنه يعتمد، في بقاء سلطته، على دعم الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وإسرائيل، فإن أحدا لن يُنجيه من الغرق إذا ارتكبت أجهزته المزيد من أعمال القمع.

وهو ما يعني أن هذه الأجهزة سوف تكون مقيدة اليد، وتعجز عن توفير الحماية لسلطة الغطرسة والعنف. وفي حال اندلعت المزيد من التظاهرات، وارتفعت الأصوات التي تطالب برحيله لتكون مسموعة في أرجاء الضفة الغربية وغزة وأراضي 48، فإن عباس سيعرف أنه في موقع هزيل حيال شعبه وأن استقالته أرحم عليه من البقاء على رأس شعب يرفضه ويكره وسائله ولم يعد قادرا على أن يشتري أكاذيبه ونفاقه.

ولو حدث أن ردت أجهزته الأمنية على التظاهرات بالعنف، فإن الدعوات الى قطع التمويلات عن سلطته سوف تكتسب زخما أكبر، ليس لأنه يستخدمها لتغذية أدوات القمع، فحسب، ولا حتى لأنها كانت واحدة من الدعوات التي دعا إليها الشهيد نزار بنات، بل لأن الفلسطينيين لا يشعرون أنها تعود عليهم بالفائدة.

لا يشعر الرئيس عباس أن ساعة رحيله اقتربت. ولكن انعدام الشعور بقرب الساعة هو صفة عامة مشتركة لكل الطغاة.

والمسألة لا تقتصر على جريمة واحدة ارتكبت بحق ناشط ظل يندد بالفساد، ولكنها تمتد الى كل شيء آخر.

لقد قاد الرئيس عباس سلطة فشل في إدارة الصراع مع إسرائيل، وظلت أراضي الضفة الغربية “الحيط الواطي” لأعمال الاستيطان بسبب هذا الفشل بالذات. وهو عجز عن إقامة نظام سياسي يحترم نفسه، باحترام القوانين والمؤسسات، وصار يتخذ قرارات تمس صلاحيات كل السلطات من دون أن يشعر بأنه يرتكب خطايا دستورية أو حقوقية. وهو يقود سلطة فساد ومحسوبيات في كل مفصل من مفاصلها، من دون أن يشعر بأنه يرتكب جريمة بحق شعبه تتعدى الفساد نفسه.

الفساد موجود في كل دولة من دول العالم. ولكنه لن يكون سببا لزعزعة وجود الدولة أو التجاوز على سيادتها او سحب الاعتراف بها. إلا “الدولة الفلسطينية”، لأنها ما أن تُصبح دولة فساد فإن وجودها نفسه يُصبح حقا مشكوكا فيه. وهو ما يؤدي، تلقائيا، الى تدمير مطلب وطني أبعد بكثير من قصة مليون يكسبه هذا الحرامي أو ذاك؛ أبعد من قصة صفقة مشتريات فاسدة يكسبها مأجور من مأجوريه أو متواطئ معه.

العقاب إذا كان يتعين أن يناظر حجم الجريمة، فان عقاب الفساد بالنسبة لدولة تبحث عن اعتراف، يتعين أن يناظر الخيانة العظمى. لا شيء أقل من ذلك على الإطلاق.

جلاوزة الرئيس عباس يستطيعون أن يوفروا له الحماية من غضب الناس، إلا أنهم لن يستطيعوا أن يوفروا له، ولا لزبانيته، الحماية من المساءلة ولا التدقيق في أعمال الخيانة العظمى التي ارتكبوها على امتداد سنوات بقائه في السلطة.

بانقلابه على الانتخابات التشريعية، أراد الرئيس عباس أن يمد في عمر سلطته، ولكن يا سبحان الله، فإن الطغيان لا بد في النهاية من أن ينتهي الى أن يُقصر عمره بنفسه.

الفلسطينيون يعرفون أن جريمة اغتيال نزار بنات ليست سوى الجزء الظاهر من جبل الجرائم التي راكمتها سلطة اختارت أن ترهب شعبها وتقمعه وتعيش على الاعتقالات وأعمال الترويع والملاحقات.

وهي سلطة عار أيضا. وضعت كل بيضاتها في سلة التنسيق الأمني مع إسرائيل حتى أصبح ضباط الأمن الإسرائيليون هم الذين يتحكمون بمزاج عباس ومزاج أجهزته.

وهو من انعدام الشعور الى درجة أنه يعتقد أن شعبه لا يرى ولا يسمع، ولا يفهم المعاني من وراء انتماء سلطته الى المؤسسة الأمنية الإسرائيلية.

عباس لا يدرك أنه في المنحدر. مثله مثل كل الطغاة الذين سبقوه. لا يدرك أن الشق بينه وبين شعبه لم يعد ردمه ممكنا إلا برحيله وسقوط مؤسسته القمعية كلها. لا يدرك أنه عاجز عن تحقيق شيء من تطلعات شعبه، وأن جبل المطالب والحقوق يعلو على قدراته وقدرات المنهج الذي سلكه في إدارة الصراع مع إسرائيل.  ولكنه لا يدرك أيضا أن إسرائيل هي التي شجعت نظامه على أن يكون نظام فساد. وهو لم يفهم أنها أرادت، من خلاله، أن تسحق حق شعبه في أن تكون له دولة تستحق الاحترام.

فماذا بقي له؟

لو كان الرئيس عباس يعرف أدنى معاني الاحترام، لنفسه على الأقل، فانه يجب أن يفتح شبابيك مقر اختفائه من هتافات الناس، ليصغي ويستجيب لما يطالبه به الناس.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]