علي الصراف يكتب: مفارقات مناخية عجيبة

 أكثر الدول استهلاكا للوقود الأحفوري، هي أكثرها تلويثا للمناخ. الصلة واضحة للغاية. وأحد أهم الأسباب التي ظلت تدفع هذه الدول الى استهلاك المزيد من هذا الوقود، بما فيه النفط طبعا، هو أنه ظل رخيصا على طول الخط.

هل يمكن لأي أحد أن يصدق اليوم أن سعر برميل النفط في عام 1970 كان يبلغ نحو 2.5 دولار؟ وهل يمكن لأحد أن يصدق أن القفزة في سعر النفط التي حدثت في عام 1973، رفعت سعره الى 9 دولارات، بينما قامت القائمة على الدول المنتجة للنفط، في ذلك الوقت بسبب ارتفاع الأسعار؟

وهناك ضجة تقف على الأبواب الآن لأن سعر برميل النفط يتراوح بين 70 و75 دولارا، وذلك برغم أنه أن ظل لسنوات يدور في نطاق أقل من 25 دولارا للبرميل.

ولو حدث أن أصبح سعر برميل النفط 100 دولار فإن قيامة تلك الدول، الأكثر تلويثا للمناخ، ستقوم ولن تقعد. وكأن منتجي النفط هم المسؤولون عن زيادة الاستهلاك! وهذا مثير للعجب ليس بأقل منه إثارة للاستهجان.

القاعدون في أعلى قائمة الدول المسببة لتلوث المناخ يريدون نفطا رخيصا، ليستهلكوا منه أكثر ما يستطيعون، ويوجّهون اللوم في الوقت نفسه الى الدول المنتجة للنفط، لأنها لا تقوم بزيادة الإنتاج لكي تبقى الأسعار منخفضة.

هل لاحظت المفارقة العجيبة؟

ماذا يعني ذلك بالنسبة لأزمة المناخ؟ إنه يعني أن الدول التي تتحمل المسؤولية عما نحن فيه من انهيارات مناخية، كما تتجلى في الفيضانات والحرائق والجفاف والعواصف الجارفة، تريد أن تواصل السير على مسار الكارثة الراهن. ولهذا السبب، فإن الخطط التي كانت تطلب خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بنسبة 45% حتى العام 2030، لم يتحقق منها إلا 12% فقط.

هل عرفت الآن، من أين يأتي الفشل؟

الوجه الآخر لهذا المعنى هو أن هدف خفض الانبعاثات بنسبة 45% لن يتحقق في وقته. كما أن ما يعتبر “الفرصة الأخيرة لإنقاذ كوكب الأرض” قبل حلول العام 2050 سوف تفلت من الأيدي لأن الذين ساهموا بصنع الكارثة لن يتوقفوا عن زيادة البلاء فيها.

توجد تمنيات طيبة كثيرة. وسوف يسمع مؤتمر غلاسكو الكثير منها. ولكن الواقع واقع في النهاية، وهو يتطلب شجاعة للتحديق به عينا بعين.

قد يمكن القول أن التكنولوجيات البديلة لم تكن متوفرة في السابق، بينما كان يتعين على الثورة الصناعية، أن تمضي قدما لضمان ثراء الدول الصناعية المتقدمة.

ولكن هذا العذر ليس له مبرر الآن. انتاج الطاقة من مصادر متجددة، ونووية، وهيدروجينية، أصبح ممكنا وتتوفر له التكنولوجيات بما يغني عن الحاجة الى استهلاك المزيد من الوقود الأحفوري. واستمرار الضغط على أسعار هذا الوقود أصبح ضارا بدرجة لا تصدق.

اليوم، لو قلت للأمريكي أن سعر غالون البنزين (3.8 ليتر) سوف يصبح 5 دولارات، فانه سوف يصاب بالجنون (رغم أن سعره في بريطانيا يعادل 7.4 دولار). وتظل سيارات الاستهلاك العالي للبنزين هي الأكثر تفضيلا هناك.

الخبراء يؤكدون أن استهلاك النفط في انتاج الطاقة هو واحد من أسوأ وسائل الاستفادة من مواده الطبيعية المتنوعة. وصناعة البتروكيمياويات تدل على ذلك. النفط الذي يساهم، على سبيل المثال، في صناعة كل قطعة بلاستيك في أي جهاز أو أي سيارة، أكثر قيمة مما لو بقي كمصدر لتوليد الكهرباء أو لحرقه في محركات الطائرات والسيارات.

وعلى الرغم من أن الدول الأقل انتاجا لغازات الدفيئة هي من بين أكثرها تعرضا للمخاطر، فان دول التلوث الكبرى لا تتردد في توجيه الاستثمارات لإنتاج طاقة من مصادر نظيفة فحسب، ولكنها تتردد أيضا في تقديم المساعدات للدول الفقيرة للاستعداد أو محاولة التكيف مع العواقب الوخيمة التي تنتظرها.

إن ارتفاع أسعار النفط الى 150 أو 200 دولارا للبرميل يتناسب مع قيمته البتروكيمياوية. كما أنه سيكون دافعا جذريا لتقليص الاستهلاك. وهذه في الواقع هي أحد أهم الوسائل لتحقيق الغاية المنشودة.

لن يتحقق شيء من دون ذلك. فوجود مصدر رخيص للطاقة دافع للكسل، ويرجئ الحاجة الى مصادر بديلة، وكأن هذا الكوكب ما يزال لديه متسع من الوقت للنجاة بسكانه الذين يقاربون 7.8 مليار نسمة.

الأضرار التي قد تنجم عن ارتفاع أسعار النفط، مثل التضخم وارتفاع الأسعار، مجرد أضرار وهمية مقارنة بالأضرار الحقيقية التي تواجه كوكبا تنقلب توازناته البيئية رأسا على عقب.

ساعتها سوف يجوز التساؤل: أين يمكن أن يوضع التضخم اذا اقتلعت العواصف والفيضانات والجفاف سقوف المنازل في أرجاء شتى من الأرض وشردت ما لا يقل عن 230 مليون إنسان (حسب تقديرات البنك الدولي)؟

التساؤل نفسه سوف يكون متأخرا، ولا نفع فيه.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]