علي الصراف يكتب: نظرية التخاذل تجاه إيران

علي الصراف

التعهد الذي قدمه وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، بأن واشنطن لن تستخدم القوة لإسقاط الأنظمة، أوصل الرسالة المناسبة لنظام الولي الفقيه في إيران. وهي أن الولايات المتحدة لن تسعى إلى إسقاطه بالقوة. هذا هو الهدف الرئيسي من التعهد.

وقد يتضح في وقت لاحق، أنه جزء من الحوارات الخفية التي يجريها روبرت مالي المبعوث الأمريكي الخاص لإيران مع المسؤولين الإيرانيين، من أجل طمأنتهم.

الذرائع التي قدمها بلينكن لهذا التعهد كثيرة. إلا أنها كلها لم تنجح في تغطية الهدف الحقيقي منها. وقال، إن التدخلات السابقة شوهت سمعة الديمقراطية الأمريكية، وفقدت ثقة الشعب الأمريكي، وإن إدارة لرئيس جو بايدن ستقوم بالأمور بطريقة مختلفة.. وإنها لن تشجع على الديمقراطية عبر التدخلات العسكرية المكلفة أو بمحاولة الإطاحة بالأنظمة الاستبدادية بالقوة. وإنها ستسعى إلى تجنب الانتقادات التي تعتبر أن الولايات المتحدة تتدخل في كل بلدان العالم.

هذا ليس مجرد كلام يتعلق بتدخلات الولايات المتحدة الأخرى، وهو لا يمثل بالضرورة انتقادا لغزو العراق. ولا هو تعبير عن نظرية جديدة في السياسية الخارجية. إنما يعد تعبيرا عن استعداد وظيفي محدد، يتم انتهاجه في إطار السعي للتفاوض مع إيران. الأدلة على ذلك هي:

1ـ المفاوضات خلف الأبواب مستمرة. مالي لا يجلس في مكتبه ليتفرج على قنوات التلفزيون الإيراني. لديه قنوات أخرى مفتوحة للحوار المباشر مع من يعرفهم جيدا.

2ـ توقيت الإعلان عن هذه السياسة يترافق مع تلك المفاوضات. وكأنه نتيجة من نتائجها. أو إجابة مباشرة على مطلب إيراني مسبق.

3ـ لم يجر التمهيد لهذه السياسة من قبل. لتنزل هكذا من السماء، كهبة لكي يتلقفها أحد ما.

4ـ تجيب بشكل غير مباشر على تهديدات إسرائيل بتوجيه ضربة لإيران، لكي تمنعها.

5ـ تقدم التزاما أمنيا محددا. وعندما ترافقت مع هجوم جديد على قاعدة عين الأسد، قدمت إدارة الرئيس بايدن البرهان على ذلك الالتزام. أولا، بالقول إنها “تبحث عمن يقف وراء الهجوم” وكأنها لا تعرفه. وثانيا، بالقول “إن المتعاقد الأمريكي الذي قتل من جراء الهجوم، توفي بسكتة قلبية” لتبرير الوفاة. وكأنه أصبح من الجائز أن يموت أمريكيون بأسباب أخرى عندما يكون السبب المباشر هو قصف الصواريخ. التخاذل تجاه إيران هو النظرية الجديدة للسياسة الخارجية الأمريكية في عهد بايدن.

الموقف العدائي تجاه السعودية، هو جزء من هذه النظرية. والهدف منه تقديم الإشارات اللازمة لإيران بأن الولايات المتحدة لن تدعم خصمها الإقليمي، ولن تقدم له أسلحة، ولن تساند الحرب ضد مليشيات إيران في اليمن.

في المقابل، فان نظام الولي الفقيه يتشدد، من أجل أن يحصل على المزيد، فالمزيد. هذه اللعبة تمت تجربتها من قبل، حتى انتهت الى ذلك الاتفاق النووي المشؤوم الذي وقعته إدارة الرئيس باراك أوباما عام 2015.

الحقيقة من وراء ذلك، هي أن إدارة الرئيس بايدن التي بدأت بتقديم التنازلات لإيران في اليمن وفي المعاداة المعلنة للسعودية، سوف تقدم تنازلات أخرى لحماية نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا، ومساعدته على البقاء، وكذلك لضمان بقاء سيطرة حزب الله على النظام في لبنان، وتساند بقاء مليشيات إيران في السلطة في العراق.

هذه هي السياسة التي تتبعها إدارة الرئيس بايدن، في الرد على المطالب الإقليمية بوقف سياسات زعزعة الاستقرار الإيرانية.

إنه رد أقرب إلى التواطؤ مع إيران منه الى المواجهة. لقد أجبرته إيران على أن يتفاوض على حماية نفوذها الخارجي أولا.

بمعنى أن يجري تحديد النهايات، من قبل أن يجري البحث في مستقبل المشروع النووي الإيراني. إيران لن تستسلم في لبنان ولا في سوريا ولا في اليمن ولا في العراق، لأنها تعتبر ما حققته في هذه البلدان هو غطاء الحماية الاستراتيجية الأهم لأمنها.

ولكن لماذا هذا كله؟ وهل القنبلة النووية الإيرانية هي السبب؟

في الواقع، لا. المشروع النووي الإيراني مجرد ذريعة تفاوض للمحافظة على الأشياء الأهم. الولايات المتحدة لا تخشى امتلاك إيران لقنبلة نووية. وإيران نفسها تقول إنها لا تريد انتاج قنبلة نووية. لديها مليشيات تعادل عشرين قنبلة نووية، وانتجت من الخراب والموت ما يعادل عشرين ضعفا مما انتجته قنبلة هيروشيما. وإيران مستعدة للتضحية بمشروعها النووي، مقابل بقاء تلك المليشيات تحكم وتتحكم وتقرر وجهة المصائر في المنطقة.

نظرية التخاذل تجاه إيران تخفي وراءها طموحا أمريكيا تاريخيا، كان هو سبب كل التخاذل على امتداد الأربعين عاما الماضية كلها. الولايات المتحدة مغرمة بإيران جغرافيا واقتصاديا على الأقل.

لا تحتاج الخارطة الإيرانية إلى عبقرية لتدرك أهميتها الجغرافية. وإيران بلد منهك من الناحية الاقتصادية ما يجعلها أرض استثمارات بما لا يقل عن تريليون دولار.

كما أن هيمنتها على منطقة واسعة في محيطها الإقليمي، توفر بدورها المزيد من الفرص. بايدن يعادي السعودية ويقدم لإيران الضمانات، لكي يقول لنظام الولي الفقيه: أنتم أصدقاء المستقبل. وكل ما ترتكبونه من جرائم تجاه شعبكم، وفي دول المنطقة الأخرى، يهون أمام مصالحنا المشتركة. هذه هي النظرية.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]