عميد الأسرى الفلسطينيين يتنفس نسائم الحرية.. وهذه قصته
14610 أيام بواقع 350 ألف ساعة قضاها في سجون الاحتلال
هنأت المؤسسات الفلسطينية الرسمية والفصائلية والشعبية، عضو اللجنة المركزية لحركة “فتح”، كريم يونس بالإفراج عنه من زنازين الاحتلال الإسرائيلي، بعد عقود طويلة واجه خلال بكل صبر وثبات الجلاد الإسرائيلي.
40 عاما في سجون يواقع 14610 أيام و350 ألف ساعة قضاها الأسير المحرر كريم يونس في السجون الإسرائيلية، مُتَنَقِّلاً من معتقل إلى آخر ومن زنزانة إلى أخرى، ومن غرف تحقيق مظلم وقاسية إلى تنسم فجر الحرية بكل شرف.
وشكل كريم يونس بصموده الأسطوري رمزاً وطنيا وعنوانا أصيلا راسخاً لكل عشاق الحرية حول العالم ممن رفضوا الظلم والاضطهاد والعنصرية “الأبارتاهيد”، لتظل حكايته شاهدة حية تروي الجرح والمأساة والمعاناة ونضال وإصرار الشعب الفلسطيني، على انتزاع حريته وحقوقه من أنياب المحتل العنصري الفاشي.
الأسير كريم يونس
كريم يونس هو أحد أبرز الثوار الفلسطينيين، الذين التحقوا بالمسيرة النّضالية والكفاحية، في بداية الثمانيات من القرن الماضي، في ما قبل انتفاضة الحجارة عام 1987، ويعد أول أسير يقضي أربعة عقود متتالية من الزمن في سجون الاحتلال، ما يمثل أعلى مدة أسر متواصلة دون انقطاع، ويشغل الآن عضو اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني “فتح”، بعد انتخابه وهو داخل الأسر في المؤتمر السابع للحركة عام 2017.
ولد الأسير كريم يونس في ال 23 من نوفمبر/تشرين الثاني عام 1958، في بلدة (عاره) في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، وهو الابن الأكبر لعائلته.
درس في المدرسة الابتدائية الرسمية في مدرسة (عاره)، والمرحلة الإعدادية في (عرعرة)، والثانوية في ( للسالزيان ) في مدينة الناصرة، والتحق بجامعة “بن غوريون” في بئر السبع لدراسة الهندسة الميكانيكية، وفي السنة الثانية من دراسته، ومن على مقاعد الدراسة، اعتقل كريم يونس في السادس من يناير/كانون الثاني 1983، ولاحقًا جرى اعتقال ابن عمه ماهر يونس، بالإضافة إلى سام يونس على خلفية مقاومة الاحتلال، حيث أفرج عن الأسير سام يونس في صفقة (وفاء الأحرار) عام 2011، وكان في حينه أكبر الأسرى سنّا، وتوفي بعد أربع سنوات من تحرره.
حكم على كريم يونس بالإعدام شنقا ومن ثم بالسجن المؤبد (مدى الحياة) وجرى تحديد المؤبد لاحقا بـ40 عاما بتهمة قتل جندي إسرائيلي وحيازته لأسلحة والانتماء لحركة فتح، وتعرض كريم لتحقيق قاسٍ.
وفي عام 2013، وفي ذكرى اعتقاله ال 30 توفي والده الحاج يونس يونس، وبقيت والدته الحاجة (صبحية) تنتظم في زيارته في معتقل “هداريم” الذي يقبع فيه حتّى لفظت أنفاسها الأخيرة في الخامس من مايو/أيار 2022، بعد 39 عامًا من الصبر والانتظار لترحل الحاجة صبحية يونس (أم كريم)، دون أن تتمكن من احتضانه والاحتفاء بالإفراج عنه وتقبيله كبقية أمهات العالم.
ويقول الأسير المحرر يونس في أول رسالة له بعد وفاة والدته، “أمي زارتني في السجن ما يقارب ال700 زيارة، كانت تقاتل لتصلني إلى السجن، لم تكل رغم ما نثره المحتل من أشواكٍ في دربها”. وأضاف “برغم الألم والفقدان إلا أنني شعرت بسعادة وفخر عندما علمت أنَّ الحاجة لُفت بالعلم الفلسطيني الذي غُرز أيضًا على أرض مقبرة قرية عارة.
40 عاما أخرى
كريم يونس، الذي يعد عميد الأسرى الفلسطينيين، تمكن من الخروج من الأسر مرفوع المهمة وبنفس العزيمة التي كان عليها منذ اللحظة الأولى لاعتقالة، مؤكداً في تصريحات صحفية فور الإفراج عنه من سجون الاحتلال “كان لدي استعداد أن أقدم 40 عاماً أخرى من عمري فداء لشعبي، وكل الأسرى كان لديهم، القوة والعطاء بأن يقدموا 40 و50 عاماً من أجل حرية شعبهم”.
وأضاف بكلمات عفوية “لحظات لا توصف، وأحاسيسي تكلست، لدرجة أني (مش حاسس شو حاسس)، مش قادر أعبر عن إحساسي، وهذه أول مرة بشوف الفضاء، وبشوف فيها الدنيا متغيرة، خرجت لعالم يختلف عن عالمي الذي تركته، و-إن شاء الله- بمساعدة كل اللي حولي بقدر أنخرط وأعيش حياتي “.
” أمي مثل باقي أمهات الأسرى وهي سفيرة الأسرى دائماً، أمي التي حمّلتها فوق طاقتها وهي حملتني في كل لحظة في عيونها، وفي دموعها، وفي وجدانها طيلة 40 عاماً، ولكن اختارت أن تراني من السماء، -إن شاء الله- أن أكون عند حسن ظنها “.
وتابع:” تركت 4500 أسير وهم اليوم بالذات بالسنوات الأخيرة موحدين في وجه الآتي، في وجه بن غفير وزمرة بن غفير الذي يهدد الأسرى “، مشدداً ” الأسرى لن يرفعوا الراية البيضاء ابداً ولن يستسلموا لبن غفير أو غيره”.
