بعد سنوات من التوتر الساخن بين جمهورية مورتانيا الإسلامية، وجمهورية السنغال، أصبح حقل الغاز«السلحفاء»، وسيطا لتهدئة العلاقات، وطيّ صفحة الخلافات، بعد توافق الدولتين على الإستغلال المشترك لحقل الغاز المكتشف في المحيط الأطلسي على الحدود البحرية للبلدين، حيث يتوقع أن يبدأ الإنتاج في الحقل فعلياً عام 2021.. فضلا عن توقعات الشركات باكتشافات جديدة على سواحل البلدين، تؤكد أن آفاق سوق الغاز والنفط ستكون واعدة.
ويعدّ حقل السلحفاة أهم اكتشاف للغاز بالنسبة للبلدين، وتقدر شركة «كوسموس» التي اكتشفته، وشريكتها في استغلاله «بي پي»، احتياطاته بـ 25 ترليون قدم مكعب من الغاز.. ويرى خبراء في الشأن الافريقي، أن الاكتشافات الغازية على الحدود البحرية المشتركة لكل من موريتانيا والسنغال، ستساهم بشكل كبير في الوصول إلى مستوى من الهدوء في علاقات الدولتين الجارتين المتوترة خلال المرحلة المقبلة.
ويرى مدير معهد الدراسات والأبحاث العليا في بروكسل، محمد بدي ولد أبنو، أن الشركات التي تتولى استخراج الغاز المشترك ستكون شديدة الحذر على خلفية تاريخ العلاقات المتوترة بين موريتانيا والسنغال، وهو ما يفرض على البلدين التعاون لاستمرار تدفق إنتاج الحقل.
وإذا كانت الاكتشافات الغازية المشتركة، تفتح آفاقاً كبيرة لكل من موريتانيا والسنغال للحصول على موارد مالية تساهم في تنمية هذين البلدين الفقيرين، إلا أن هذه الاكتشافات تثير تحديات كثيرة، منها أنها تقع في موقع استراتيجي حساس قريب من السواحل الأمريكية والأوروبية، بحسب تعبير الخبير المختص في الشأن الافريقي، سيد أعمر ولد شيخنا، موضحا أن هذا الموقع رغم أنه مفيد للشركات المستغلة نظراً لقلة تكلفة التسويق لقرب الأسواق العالمية، إلى أنه قد يتحول إلى نقمة بالنسبة للبلدين (موريتانيا والسنغال) لما سيجره من أطماع الدول الكبرى وتكالبها على المنطقة.
ويؤكد خبراء، أن أبرز تحدٍ على البلدين الاستعداد له في الفترة المقبلة سيكون التحدي الأمني، لأن تحسن ظروف البلدين اقتصاديا سترافقه موجة هجرة لآلاف الافارقة الباحثين عن حياة أفضل، مما يفرض ضرورة إعداد خطة سريعة لتأهيل الكادر البشري وتعزيز الديمقراطية.
يذكر أن السنوات من 1989 إلى 1991 شهدت توترا وصدامات عرقية، بين الدولتين، جراء نزاع بين مزارعين سنغاليين ورعاة أبل موريتانيين، أدّى إلى تهجير قسري لرعايا البلدين.وفي 27 يناير/ كانون الثاني الماضي، أطلقت دورية من خفر السواحل الموريتانية، النار على قارب صيد سنغالي أثناء وجوده في مياهها الإقليمية، ما تسبب بمقتل أحد الصيادين على متنه، وتوقيف البقية، وعددهم ثمانية، قبل أن تفرج عنهم السلطات الموريتانية، بعد نحو أسبوع.. وعلى خلفية واقعة مقتل الصياد، اندلعت أعمال حرق لمحلات تجارية تعود لمواطنين موريتانيين في السنغال، قبل أن يدعو الحكماء من البلدين، حكومتي نواكشوط وداكار إلى العمل سريعاً لاحتواء الأزمة التي فجرها مقتل الصياد السنغالي.
