غزة تنتظر حكومة إشتية.. هل تنجح في إنهاء الانقسام وحل أزماتها؟
يرى سياسيون ومراقبون أن حكومة الدكتور محمد اشتية التى تسلمت عملها الأحد بعد أدائها اليمين الدستورية أمام الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أن أمامها كثيرا من التحديات الخطيرة.
وتسلم إشتية مهامه من خلفه الدكتور رامي الحمد لله، بعد حلفه اليمين بمقر الرئاسة بمدينة رام الله، توجه بعدها لمقر رئاسة الوزراء.
وأشار المراقبون إلى أن خطورة الموقف تكمن في ظل انسداد الأفق السياسي وتنصل إسرائيل من عملية السلام، وقرب الإعلان عما يسمى “صفقة القرن” ما يضع الحكومة الجديدة أمام تحديات جسام تتعلق بمستقبل القضية الفلسطينية.
وتوقعوا عدم استطاعتها إحداث اختراق حقيقي في الساحة الفلسطينية الداخلية، ومواجهة صعوبات بالغة في مواجهة التحديات الهائلة التي تهدد مستقبل القضية الفلسطينية، باعتبارها لا تمثل الكل الفلسطيني في إشارة لعدم مشاركة حماس والجهاد وغيرهما.
يأتي ذلك في الوقت الذي رأي فيه آخرون ضرورة دعم وإسناد حكومة إشتية لمساعدتها في تجاوز التحديات الراهنة.
وأمام كل ما سبق تبقى أزمات قطاع غزة وحالة الانقسام، واحدة من أهم المشاكل والتحديات التي تواجه عمل الحكومة والتي قالت إنها ستعمل على إنهاء الانقسام وستبذل جهوداً كبيرة لاستعادة الوحدة الوطنية، بالتنسيق مع الأشقاء في مصر.
دعم الحكومة
ودعا عضو المجلس المركزي، سكرتير جبهة النضال الشعبي في قطاع غزة محمود الزق، القوى السياسية لدعم ومساندة الحكومة الجديدة التي يرأسها محمد إشتية.
وقال الزق في بيان صحفي، الأحد، إن هذه الدعوة تأتي حتى تتمكن الحكومة من العمل على إنجاز مهامها الوطنية والحياتية التي تم تحديدها في رسالة التكليف الرئاسية وبرنامج الحكومة، وهي أيضًا خطوة جادة على طريق إنهاء الانقسام واستعادة وحدة شعبنا، مطالبا جميع القوى بالتقاط هذه اللحظة والتفاعل معها بشكل إيجابي بعيدا عن نهج العدمية السياسية وأوهام البدائل.
وأضاف أن جميع شرائح شعبنا الفلسطيني تواجه أزمة اقتصادية حقيقية وعميقة بفعل الإجراءات الأمريكية والإسرائيلية الساعية لاستخدام المال كوسيلة ابتزاز سياسي لشعبنا ولقيادته السياسية.
وأعرب عن أمله بأن تنفذ الحكومة برنامجا اقتصاديا يتسم بعدالة التوزيع ويعتمد على الانفكاك من قيود الاحتلال، ويعزز ويطور المنتج الوطني لمواجهة التغول الإسرائيلي على حقوق شعبنا المالية، الذي يأتي في سياق القرصنة الإسرائيلية ويتنافى مع الاتفاقيات الدولية كافة.
خطوة انفرادية
وقال عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، جميل مزهر، إن تشكيل الحكومة الفلسطينية الثامنة عشرة، خطوة انفرادية وخروج عن كل الاتفاقات والإجماع الوطني ، التي أكدت أن الأولوية في هذه المرحلة لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة عبر تشكيل حكومة وحدة وطنية تمهد الطريق لإجراء الانتخابات العامة وبناء النظام السياسي الفلسطيني.
وأضاف مزهر في حديث لـ”الغد”، أن تشكيل الحكومة من شأنه تعميق وتعزيز الانقسام الفلسطيني، وتمهد الطريق أمام فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، وهذا أمر خطير يهدد مستقبل القضية الفلسطينية.
وشدد على أن الأولوية كانت لإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية ومجلس وطني، والاتفاق على إستراتيجية وطنية جامعة تحقق الإجماع الوطني لمواجهة المخاطر الكبيرة التي تحدق بالقضية الفلسطينية وأهمها المخططات الأمريكية والإسرائيلية الهادفة لتمرير صفقة القرن.
وأكد مزهر أن الحكومة أمامها ألغام كبيرة وستكون محكومة بالقرار السياسي للرئيس محمود عباس الذي تتوجب عليه الآن ، الدعوة لعقد اجتماع يشارك فيه الأمناء العامون للفصائل لبحث مواجهة صفقة القرن وكل المؤامرات ومحاولات الفصل.
وأوضح أنه سيكون من الصعب على الفلسطينيين في ظل حالة الانقسام والتشرذم مواجهة التحديات التي تعصف بالقضية الفلسطينية وأهمها محاولات تمرير صفقة القرن وضم الضفة الغربية والكتل الاستيطانية، والحل الوحيد لمواجهة تلك التحديات هو استعادة الوحدة الوطنية وإنهاء حقبة الانقسام السوداء.
حضور غزة بقوة في ملف الحكومة
وقال المتحدث باسم الحكومة الفلسطينية إبراهيم ملحم اليوم الأحد إنه إذا تعذر الوصول إلى مصالحة مع حركة حماس سنبادر إلى المزيد من الحوار ولن نقطع الوصال معها.
وشدد على أن غزة ستكون دائمًا حاضرة في برنامج الحكومة، وخلال الفترة المقبلة سيكون هناك حضور كثيف للحكومة من خلال تقديم المساعدات والتعامل مع غزة مثل التعامل مع بيت لحم وجنين والخليل”.
وتابع ملحم في مقابلة خاصة مع موقع قناة «الغد»: “حماس مثل الفصائل الأخرى ننظر إليها مثل ما ننظر لأي فصيل يعارض المشاركة أو ينتقد تشكيل الحكومة.. وهذا لا يعني قطع الوصال مع حماس أو مع أي فصيل آخر”.
وأضاف : “نحن سنبني جسور وصال، وإذا تعذر الحوار للوصول إلى المصالحة مع حركة حماس سنبادر إلى المزيد من الحوار”، مستطردا: “الحل بانقطاع الحوار هو المزيد من الحوار حتى تشارك فئات العمل الوطني في مواجهة التحديات الكبيرة التي تواجه القضية الفلسطينية في مرحلة من أشد المراحل خطورة”.
وشدد على أن الحكومة لن تدخل سجالا مع الفصائل حول مواقفهم من الحكومة، وقال: “لن ندخل في سجال مع الإخوة في الفصائل حول مواقفهم لنتفق على ما نتفق عليه ولنعذر بعضنا على ما نختلف عليه”.
إنهاء أزمات غزة
وقال القيادي في المبادرة الوطنية عائد ياغي إنه سيكون من الصعب على حكومة إشتية مواجهة التحديات التي تعصف بالقضية الفلسطينية وفي مقدمتها المحاولات الأمريكية والإسرائيلية لتمرير صفقة القرن وسياسة الضم والتوسع الاستيطاني ومحاولات فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية.
وفيما يتعلق بمستقبل القطاع، أوضح ياغي أن مشكلات غزة تحتاج الى خطط تنموية واقتصادية كبيرة جداً وأن يبقى ملف القطاع في سلم أولويات عمل الحكومة وأن يعيد الاعتبار لها ولأزماتها الكثيرة والمتعددة.
وقال إن ما نتطلع إليه هو أن يحظى قطاع غزة بحصة واهتمام كبيرين من قبل الحكومة الفلسطينية والسلطة على حد السواء وليس فقط الاهتمام بعدد الوزراء وماهيتهم وهويتهم.
وأكد أن المطلوب الآن من الحكومة هو اتخاذ خطوات عملية وسريعة لإنهاء معاناة سكان قطاع غزة وإعادة النظر في كل الإجراءات التي تم اتخاذها فى السابق، وفي مقدمتها قانون التقاعد وملف الرواتب والخصومات والإجراءات العقابية التي أدت إلى تدهور غير مسبوق في الأوضاع الاقتصادية لسكان القطاع.
معضلة الانقسام:
وقال المتحدث باسم حركة حماس عبداللطيف القانوع، إن حكومة إشتية تعكس حالة التفرد والإقصاء التي تمارسها السلطة الفلسطينية وحركة فتح، وإن هذه الحكومة انفصالية بعيدة عن حالة الإجماع الوطني وغير دستورية ولا تلبي طموحات الشعب الفلسطيني.
وشدد القانوع على أنها ستساهم في تعميق الانقسام وتعزيز حالة الانفصال الجغرافي بين غزة والضفة كما تعد بمثابة خطوة على طريق تمرير صفقة القرن.
وذكر الكاتب والمحلل السياسي شرحبيل الغريب، أن حكومة إشتية لن يكون بمقدورها العمل على حل معضلة الانقسام وإعادة الوحدة إلى الضفة الغربية وغزة ضمن إطار سياسي واحد، وبناء برامج شراكة وطنية بين مختلف المكونات الأساسية للشعب الفلسطيني ، لأن حكومة إشتية بحلفها اليمين حققت هدفين لا ثالث لهما هما “حسم صراع الورثة داخل فتح على مستقبل رئاسة السلط ، و رسخت الانفصال السياسي والجغرافي إلى حقيقة نهائية كاملة بين غزة والضفة”.