فؤاد أبو حجلة يكتب: وثيقة حماس.. تجديد أم انقلاب

في توقيت لا يمكن أن يكون بريئاً بالمعنى السياسي، أعلنت حماس ميثاقها الجديد الذي اختارت أن تسميه وثيقة حتى لا يبدو لخصومها ولأنصارها بأنها انقلبت على ميثاقها القديم الذي اعتمد فلسفة الصراع الوجودي مع الاحتلال الاسرائيلي، واعتبر كل فلسطين أرضاً للصراع بين المشروعين الإسلامي واليهودي، وانتقلت الحركة إلى العمل السياسي بتطبيقاته التسووية، معلنة قبولها بدولة فلسطينية في حدود الرابع من يونيو/حزيران عام 67، ما يعني استعدادها للانخراط في المسيرة التسووية التي كانت تسميها مؤامرة وتعتبر من يشارك فيها من الفلسطينيين خائناً.

جاء إعلان حماس عن انقلابها على ذاتها متزامناً مع زيارة رئيس السلطة محمود عباس إلى واشنطن ولقائه بالرئيس الأمريكي، في ما يبدو أنه محاولة أخيرة من أبو مازن لكسر الجمود والبقاء على قيد الحياة السياسية من خلال استئناف المفاوضات مع الاحتلال بلا شروط مسبقة وبلا مطالب بوقف الاستيطان أو إطلاق سراح آلاف الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، والأهم من ذلك بلا ثوابت خاصة بالقدس واللاجئين والحدود.

كما تزامن إعلان الوثيقة مع انتخاب قيادة جديدة للحركة برئاسة اسماعيل هنية الذي يبتعد في خطابه عن الصقورية التي تميز بها خطاب سلفه خالد مشعل. وفي هذا التشكيل القيادي الجديد أيضا تجلى انقلاب حماس على ذاتها، وانتقالها من التشدد في الخطاب العلني إلى المرونة السياسية التي لا يمكن أن تتحقق بلا تنازلات.

وقد حملت الوثيقة، كما الانتخابات الداخلية التي أفرزت القيادة الجديدة رسائل واضحة إلى الداخل الفلسطيني وإلى الإقليم وإلى العالم بأن حماس 2017 هي غير حماس القديمة، وأن الحركة التي رفضت منذ إنشائها الانضمام إلى منظمة التحرير والمشاركة في برنامجها السياسي تستطيع الآن أن تقدم نفسها بديلاً للمنظمة، ليس في قيادة الكفاح الوطني ولكن في قيادة الجهد التسووي وتتويجه باتفاق مع إسرائيل برعاية دولية، لا ضير أن تكون أمريكية صرفة.

بالطبع لم يكن ذلك قفزة في الهواء، فقد سبق الإعلان شهور طويلة من اللقاءات والمشاورات مع أطراف عربية وإقليمية حليفة لحماس أو قريبة منها، كما جاء الإعلان بعد فترة طويلة من التهدئة الأمنية مع الاحتلال على أطراف غزة.

وإذا كان خصوم حماس في الفريق التسووي في السلطة قد استشعروا خطورة هذا التحول الانقلابي على دورهم، فإنهم جانبوا الصواب في القول إن حماس تعيد انتاج تجربة فتح أو خط التسوية الذي تغول على الحركة الوطنية الرائدة، لأن ما تقدمه حماس هو أكثر كثيراً مما يمكن أن تقدمه السلطة وفريقها التسووي، ذلك أن المطلوب إسرائيلياً وأمريكياً في هذه المرحلة ليس الشرعية السياسية، بل الغطاء الديني لأي معاهدة سلام مع إسرائيل التي تتغير وتنتقل بدورها من مشروع الدولة الصهيونية إلى مشروع الدولة اليهودية. ولا شك في أن الاعتراف بيهودية إسرائيل يحتاج إلى شرعية دينية تزعم حماس امتلاكها منذ تأسيسها وتضيف إليها الآن برنامجاً براغماتياً يؤسس لمنحها الشرعية السياسية.

بالطبع، لم يكن قرار حماس وليد لحظته، بل كان نتاجاً لرؤية الحركة لواقعها وواقع تحالفاتها المتغيرة. كما أن هذا التحول لن يحرج قيادة الحركة التي أجادت الانقلاب على الخطاب واحتكمت إلى الانتهازية في تحالفاتها التي نقلتها من دمشق وإيران إلى الدوحة وأنقرة برمشة عين.

في ظل الواقع الحمساوي الجديد يزداد المشهد الفلسطيني تعقيداً وغموضاً، لكن الواضح في هذه اللحظة الصعبة أن أي اشتباك مع العدو لن يكون إلا اشتباكاً تفاوضياً، وأن المشروع الوطني الفلسطيني أصيب بنكسة جديدة.

لكن دوام الحال من المحال، وربما تدرك حماس وفتح أيضاً في وقت ما أنهما أو أي منهما ليسا قدراً فلسطينياً لا راد له.
نقلًا عن «إمارات 24».

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]