وصفت الدوائر السياسية في القاهرة، زيارة الرئيس العراقي، الدكتور فؤاد معصوم، الأولى لمصر، اليوم الأحد، بأنها «هامة جدا»، رغم أن منصب الرئيس في العراق يعد «شرفيا»، ولكن الدكتور معصوم يتمتع بنفوذ وتأثير كبيرين داخل الساحة السياسية والمذهبية والعرقية في العراق، فضلا عن موقفه من مصر وتقديره للدور المصري، وتأثره بسنوات طويلة قضاها في القاهرة.
وأشار السفير العراقي بالقاهرة، والمندوب الدائم لدى جامعة الدول العربية، ضياء الدباس، إلى أن زيارة الرئيس معصوم تأتي بعد زيارة وزراء الدفاع والتجارة العراقيين، واللذين أبرما اتفاقيات مع الجانب المصري، وأن زيارة معصوم ستكون تكملة لهذه الاتفاقيات.
وأضاف لـ«الغد»، أن المباحثات الثنائية بين الجانبين المصري والعراقي، ستتناول بحث القضايا الإقليمية، والسعي لمحاربة الإرهاب في المنطقة، والقضاء على تنظيم داعش، من خلال الاستراتيجيات الحديثة، التي تم وضعها بشأن محاربة التنطيم الإرهابي.
عاشق للقاهرة والحسين
وفي زيارته الأولى للقاهرة، ربما يسترجع الرئيس العراقي، سنوات الشباب في رحاب الأزهر والحسين، طالبا بالأزهر 1958 ـ 1962، ثم عمل ممثلا رسميا للحركة الكردية في القاهرة، وكان أحد مؤسسي الاتحاد الوطني الكردستاني، ومن 1972 ـ 1977 باحثا للحصول على الماجستير، ثم رسالة الدكتوراه من الأزهر عن إخوان الصفا، المقربون منه يعرفونه بأنه «عاشق للقاهرة والحسين» تنقل في سكناه بين أعرق مناطق القاهرة التاريخية، ثم في المناطق الراقية فيما بعد، ويعرف القاهرة كأحد أبنائها.
الفلسفة الإسلامية
وعندما اختار أن يكون موضوع أطروحته لنيل شهادة الدكتوراه من جامعة الأزهر، في الفلسفة الإسلامية، عن «إخوان الصفا»، يقول «ذهبت لآخذ رأي الدكتور طه حسين في هذا الموضوع، صمت متأملاً، وقال: أنت عراقي، ومن الصعب أن تدرس مثل هذا الموضوع، بسبب الاختلاف الطائفي في المجتمع، وكلا المذهبين لن يرضى عن أي نتائج ستصل إليها، ثم بادرني بسؤال: هل أنت سني أو شيعي؟ فأجبته بأنني كردي، عندها قال نعم يمكنك دراسة إخوان الصفا، لأنكم لا تهتمون للاختلاف الطائفي».
حقيقة «إخوان الصفا»
ويبتدئ فؤاد المعصوم حديثه عن جماعة «إخوان الصفا» بهذه المقدمة الإشكالية فيقول: «يمكننا القول إنه لا يوجد في تاريخ الفلسفة الإسلامية شخصية أو جماعة اختلف الباحثون قديما وحديثا في حقيقتها ومذهبها ودورها في الحياة الفكرية كاختلافهم في حقيقة إخوان الصفا، ومذهبهم ودورهم، فمن الباحثين من ينظر إليهم نظرة شك أو عداء، ومنهم من ينظر إليهم نظرة إعجاب وتقدير، ويرى فيهم رواد فكر ودعاة إصلاح، ومنهم من يحسبهم على الشيعة، ويحدد الموقف منهم مسبقا بشكل غير موضوعي، ومنهم من يزعم أن رسائل الإخوان من تأليف الأئمة، ويرفعها إلى كتاب مقدس».
من الحزب الشيوعي إلى الحزب الكردستاني
يذكر أن الرئيس معصوم، الباحث في الفلسفة الإسلامية، ينتسب إلى أسرة دينية كبيرة، فقد كان والده رئيس علماء كردستان، ومن دعاة التقارب المذهبي والتعايش الديني، انضم إلى الحزب الشيوعي في بداية حياته العملية، ومتأثرا بفكر زعماء ومفكرين وقادة نضال من التيار اليساري، ولكنه بعد سفره إلى سوريا ولقائه بسكرتير الحزب الشيوعي السوري، خالد بكداش، وعلى خلفية مواقف بكداش من القضية الكردية، استقال من الحزب، وانضم للحزب الديمقراطي الكردستاني عام 1968، وكان ممثل الحزب في محافظة البصرة.
شخصية سياسية حيادية
ويشير السفير عبد الفتاح راغب، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، إلى أن الرئيس العراقي، دكتور فؤاد معصوم، يحظى بعلاقات جيدة مع جميع دول العالم، وهو شخصية عرفت بنزاهتها واستقامتها، ومحبوب لدى جميع الأكراد، وعلاقاته الأكاديمية مع جميع العراقيين جيدة وممتازة ولاسيما الوسط الأكاديمي، حيث تعاون معهم خارج العراق، في سنوات ما قبل الغزو الأمريكي للعراق 2003 وشارك في العديد من الندوات والمؤتمرات التي كانت تتعلق بمستقبل العراق.
وأضاف راغب، في تصريح لـ«الغد»، الرئيس العراقي شخصية سياسية حيادية ولم يعرف عنه تبعيته لإحدى الدول أو لأيديولوجية سياسية، ولديه رؤية تعبر عن توجهه القومي العربي، بتطوير علاقات العراق مع دول الجوار العربي، ومع جميع الدول العربية، ومع جامعة الدول العربية، وهو صاحب فكرة «تصفير المشاكل» عربيا، وله تاريخ نضالي طويل للدفاع عن حقوق الأكراد، ويتمتع بعلاقات جيدة مع مختلف الأحزاب والجهات السياسية والدينية في العراق، وهو شخصية أكاديمية لها وزنها في المؤسسات العلمية العربية والإسلامية، وأثرى المكتبة العربيبة بمؤلفات في فروع الفلسفة الإسلامية.
صلاحيات الرئيس محدودة وغير محدودة
الرئيس معصوم يرى، بالرغم من أن صلاحيات الرئيس نفسه دستوريا محدودة، أن صلاحيات الرئيس محدودة وغير محدودة، بنقاط مكتوبة في الدستور، ومذكور أنه ليس من صلاحياته كذا، وكذا، ولكن أهم مهامه هي حماية الدستور، وهذه صلاحية شاملة لكل شيء تقريبا، حماية الدستور من أن يُخترق، ومتابعة عمل الحكومة وتقديم المشورة لأعضائها، وإسنادهم في مهامهم. وهناك جملة مقترحات نقدمها، أبرزها ما يتعلق بالمصالحة الوطنية، ونحن بحاجة لتلك المصالحة بين مكوّنات الشعب العراقي من جهة، وبين الأطراف السياسية من جهة ثانية، والعمل على إعادة التوازن إلى ميزان مختل.
