فاينانشال تايمز: دعمًا لأوكرانيا.. الاتحاد الأوروبي يهدد المجر بتدمير اقتصادها
هدد الاتحاد الأوروبي، طبقًا لتقرير نشرته صحيفة الفاينانشال تايمز، أمس الأحد، دولة المجر بتدمير اقتصادها، إذا اعترضت مرة أخرى على مساعدات جديدة من الاتحاد الأوروبي لصالح أوكرانيا، في خطوة من شأنها زعزعة الاتحاد الأوروبي.
وقالت الصحيفة، في تقريرها، إن هذا الأمر سيتم وفقًا لخطة سرية وضعها قادة الاتحاد الأوروبي، ضد الدول الأعضاء المؤيدين لروسيا.
وطبقًا لوثيقة أكدت صحيفة الفاينانشال تايمز أنها اطلعت عليها، حدد الاتحاد الأوروبي استراتيجية لاستهداف نقاط الضعف الاقتصادية في المجر بشكل صريح، وتعريض عُملتها للخطر، ودفع ثقة المستثمرين إلى الانهيار، في محاولة للإضرار بالوظائف والنمو، إذا رفضت بودابست رفع حق النقض ضد المساعدات المقدمة إلى كييف.
وأكد قادة الاتحاد أن عليهم أن يتعهدوا علنًا بوقف جميع تمويل الاتحاد الأوروبي لبودابست بشكل دائم، بهدف إثارة فزع الأسواق، والتعجيل بالتهافت على عملة البلاد «الفورنت» وارتفاع تكلفة اقتراضها، إذا لم تتراجع عن اعتراضها على المساعدات المقدمة لأوكرانيا.
وتنص الوثيقة على أنه في حالة عدم التوصل إلى اتفاق في قمة الأول من فبراير، فإن رؤساء الدول والحكومات الآخرين، سيعلنون ذلك، في ضوء السلوك غير البناء لرئيس الوزراء المجري.. ولا يمكنهم أن يتخيلوا أن أموال الاتحاد الأوروبي سيتم تقديمها إلى بودابست.
وذكرت الوثيقة أنه بدون هذا التمويل، قد تكون الأسواق المالية والشركات الأوروبية والعالمية، أقل اهتمامًا بالاستثمار في المجر. وأن مثل هذه العقوبة يمكن أن تؤدي بسرعة إلى زيادة أخرى في تكلفة تمويل العجز العام، وانخفاض العملة.
وقال يانوس بوكا، وزير الاتحاد الأوروبي المجري، لصحيفة فاينانشال تايمز، إن بودابست لم تكن على علم بالتهديد المالي، لكنهم لا يستسلمون للضغوط.
ولكن في إشارة إلى الضغط المتزايد على بودابست للتوصل إلى حل وسط، قال بوكا إن بودابست أرسلت اقتراحًا جديدًا إلى بروكسل، السبت الماضي، موضحة أنها منفتحة الآن لاستخدام ميزانية الاتحاد الأوروبي لحزمة أوكرانيا، وحتى إصدار دين مشترك لتمويلها. وإذا أضيفت محاذير أخرى، فإن ذلك سيمنح بودابست الفرصة لتغيير رأيها في وقت لاحق.
وتحدد الوثيقة، التي أصدرها مسؤول في مجلس الاتحاد الأوروبي، الهيئة التي تمثل الدول الأعضاء في بروكسل، نقاط الضعف الاقتصادية في المجر، بما في ذلك «العجز العام المرتفع للغاية»، و«التضخم المرتفع للغاية»، وضعف العملة، وأعلى مستوى في الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى مدفوعات خدمة الدين كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي.
وقال متحدث باسم مجلس الاتحاد الأوروبي، إنهم لم يعلقوا على التسريبات.
واستخدم الاتحاد الأوروبي نفوذه المالي ضد الدول الأعضاء من قبل، كما هو الحال مع بولندا والمجر بشأن مخاوف سيادة القانون واليونان خلال أزمة منطقة اليورو، ولكن استراتيجية السعي بشكل صريح إلى تقويض اقتصاد دولة عضوة من شأنها أن تمثل خطوة جديدة كبيرة للكتلة.
وفي حين أن 26 دولة من أعضاء الاتحاد الأوروبي لديهم خطة بديلة لإرسال الأموال إلى كييف خارج ميزانية الاتحاد الأوروبي، فإن ذلك يتطلب تصديق البرلمانات الوطنية، ما يؤدي إلى التأخير.
ونظرت العديد من العواصم فيما إذا كان من الممكن استخدام المادة 7 من معاهدة الاتحاد الأوروبي، التي من شأنها أن تسمح لقادة الاتحاد الأوروبي بتجريد بودابست من حقوقها في التصويت، لكن آخرين رفضوا هذه الفكرة لأنها تتطلب دعمًا بالإجماع، كما أن العديد من الدول مترددة في فرض مثل هذه العقوبة الخطيرة.
وعلق وزير الاتحاد الأوروبي المجري، على أنه من المهم الحفاظ على وحدة الاتحاد الأوروبي، مضيفًا: لهذا السبب نحن على استعداد لتقديم تنازلات، طالما أنها لا تؤثر في مصالحنا الحيوية.
ولكنه أضاف أنه إذا فشلت جهود التسوية، فإن اقتراح المجر الأصلي بإنشاء صندوق منفصل لأوكرانيا خارج ميزانية الاتحاد الأوروبي، سيكون المفضل لدى بودابست.
ويذكر أن فيكتور أوربان، رئيس الوزراء المجري، تعهد بمنع استخدام ميزانية الاتحاد الأوروبي لتقديم 50 مليار يورو كمساعدات مالية لأوكرانيا، في قمة طارئة لزعماء الاتحاد الأوروبي، الخميس الماضي.
وكان بيتر سيارتو، وزير الخارجية المجري، قد أكد معارضة بلاده لمحاولة داخل الاتحاد الأوروبي لإنشاء صندوق جديد، لضمان وسيلة أكثر موثوقية، لإرسال المساعدات العسكرية إلى أوكرانيا.
وأكدت تصريحات سيارتو، التي جاءت عقب اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل، اليوم الإثنين، مواصلة المجر سياسة العرقلة تجاه أوكرانيا، التي تحاول المحافظة على دعم غربي في أزمتها الحالية.
وكان رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان قد استخدم، خلال قمة للاتحاد الأوروبي الشهر الماضي، حق النقض ضد حزمة مساعدات مالية لأوكرانيا لمدة أربع سنوات بقيمة 50 مليار يورو.
وقال سيارتو، في منشور على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، إن المجر لا تدعم تجديد آلية التمويل الحالي المعروفة باسم «آلية السلام الأوروبية»، حيث يتم تعويض الدول الأعضاء عن الأسلحة التي ترسلها إلى أوكرانيا.
ومنذ ما يقارب الشهر استخدم رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان حق النقض لمنع قرار، بإرسال حزمة مساعدات بقيمة 50 مليار يورو (55 مليار دولار؛ 43 مليار جنيه إسترليني) إلى كييف.
وهذه ليست المرة الأولى التي يستخدم فيها أوربان حق النقض للحصول على تنازلات لبودابست، فاستخدم هذا الحق على إعفاءات لواردات النفط الروسية، لكنه لم يمنع قط التوصل إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي.
وهذه ليست المرة الأولى التي تقوم دولة أوروبية واحدة بتأخير اتخاذ قرار بشأن أموال الاتحاد الأوروبي، فقد اعتاد دبلوماسيو بروكسل على عقد الصفقات خلف الكواليس والتوصل إلى تسويات، وعندما يتعلق الأمر بأوكرانيا -الدولة المتورطة في حرب على عتبة الاتحاد الأوروبي- فإن الكتلة حريصة على إظهار أنها ستقف إلى جانب كييف، مهما استغرق الأمر.
